الاثنين، 25 يوليو 2011

تحت أقدام الزمان فاروق جويدة

واستراحَ الشـوقُ منـي ..
وانزوى قلبي وحيداً ..
...
خلف جدرانِ التمنـي
واستكانَ الحـب في الأعماقِ
نبضاً .. غابَ عنّـي
آه يا دنـياي ..
عشتُ في سجني سنيناً
أكرهُ السجانَ عمري
أكره القيدَ الذي
يقصيك .. عني
جئتُ بعدك كي أغنّـي
تاه منّـي اللحنُ
وارتَجَفَ المغنّـي
خانني .. الوتـر الحزين
لم يعُد يسمعُ منّـي
هل ترى أبكيك حباً
أم تُرى أبكيك عمراً
أم ترى أبكي .. لأني
صرتُ بعدك .. لا أغنـي
***
آه يا لحناً قضيتُ العمـرَ
أجمعُ فيه نفسي !!
رغم كل الحـزنِ
عشتُ أراهُ أحلامي
ويأسي ..
ثم ضاع اللحـنُ منّـي
واستكـانْ
واستـراح الشوقُ
واختنقَ الحنـــانْ
***
حبنا قد ماتَ طفلاً
في رفاتِ الطفلِ
تصرخُ مهجتانْ
في ضريحِ الحبّ
تبكي شمعتانْ
هكذا نمضي .. حيارى
تحت أقدام الزمـانْ
كيف نغرقُ في زمانٍ
كل شيءٍ فيهِ
ينضحُ بالهـوانْ

الأربعاء، 20 يوليو 2011

تصغير الأنف والفم طبيعيا

1-زنجبيل مطحون مش ناشف يعنى اشتريه و اطحنيه او اشتريه من العطار مطحون جاهز و تحطى مايه لحد ما يبقى شبه سائل و حطيه على الانف بالشكل اللى انتى عايزاه بس خلى بالك يجى جمب العين هتحسى بحرقه شويه بس ده عادى و انشاء الله النتيجه بعد رابع يوم
2- تجيبى اوراق الزنجبيل و تفركى بيها و النيجه بعد يومين

الخميس، 7 يوليو 2011

15 ماسك للبشرة الدهنية من تجميعى لتنظيفها وتفتيحها

الماسك الاول\\\\\\\\\
خميره+ معلقه كبيره من بيكربونات الصودا+معلقه صغيره ماء
افردي الخليط علي وجهك بعد غسله جيدا اتركي القناع لمده 15 دقيقه مع انه لن يجف بس اشطفي وجهك عادى بماء بارد ورطبيه بكريم خالي من الزيوت الخاص بالبشره الدهنيه
من فوائد هذا القناع ان الخميره تقوم بعمليه التنظيف العميق للبشره وتضيق المسام و يعمل بيكربونات الصودا على ازالة البقع والشوائب
الماسك التانى\\\\\\
بياض بيضه اضربيةبالمضرب +3 ملاعق صغيره دقيق شوقان
اخلطي هذا المزيج جيدا لتحصلي علي عجينه متماسكه قومي بفردها علي وجهك واتركيها 15 دقيقه ثم اشطفي وجهك بالماء
و فوائدة ان بياض البيضه يعمل علي امتصاص الدهون الزائده من البشره ويقوم الدقيق بتقشيرها لمنحها مظهر اكثر نضاره وحيويه
الماسك الثالث\\\\\\\\\\\
بياض بيضة + ملعقة صغيرة عصير ليمون + ملعقة كبيرة عسل النحل
يُدهن بها الوجه ربع ساعة ثم تُزال بالماء الفاتر
وانا استخدام هذه الوصفة باستمرار للاحتفاظ ببشرة نقية صافية.
الماسك الرابع\\\\\\\\
واحدة من الطماطم + بشرقشر نصف ليمونه + بعض القطرات من عصير الليمون
تهرس ثمره الطماطم ويضاف بشر قشر الليمون وعصيره ويوضع القناع على البشره لمده
ربع ساعه ثم يشطف بالماء الفاتر

وتعتبر الطماطم حلوة جد لتضييق مسام الوجه لمفعولها القابض للبشره
الماسك الخامس\\\\\\\\
ملعقتين طمى مغربى او اسوانى+نقطتين زيت شجرة الشاى+ملعقة زبادى +نقطتين ماء لتصبح عجينة
ويوضع على البشرة حتى يجف ثم يغسل جيدا بماء وغسول
ودة ماسكى المفضل لتنقية البشرة والحبوب على فكرة برضة وللتفتيح
الماسك السادس\\\\\\\
دة بقى يعتبر زى غسول للبشرة الدهنية فى اى وقت
يضاف الى كوب ماء مقدار ملعقة كبيرة من عصير اليمون وأخرى من الخل
ودة مفيدلتقوية البشرة الدهنية ومساعدة قفل المسام المتسعة
الماسك السابع\\\\\\
ملعقة كبيرة من الخميرة+قليل من اللبن+ملعقة صغيرة من زيت الزيتون +ملعقه صغيرة من الزبادي+قليل من النشاء
اخلطي المكونات ولما تتماسك أضيفي إليها الزبادي فى الاخر يعنى
اتركي الماسك على وجهك لمدة 10 دقائق واغسليه بالمياه الفاترة

الماسك الثامن\\\\\\\
3حبات فرولة طازة وحمرا +نص لمونة وضعيها نص ساعة ثم اشطفيها وعلى فكرة الماسك دة ممكن تستخدمية كغسول للبشرة من وقت لاخر
الفرولة ممتازة لقبض المسام واللمون مش هاقول طبعا على فوايدة
الماسك التاسع\\\\\\\\
ملعقتين ترمس مطحون+نص لمونة +ملعقة زبادى يوضع على البشرة تلت ساعة ويغسل بماء دافىء ثم بارد لانعاشها
وهو يعمل على التنظيف العميق للبشرة وتفتيحها ايضا
الماسك العاشر\\\\\\
حوالى خمس حبات لوز واتركيهم فى ماء ساخن لنزع القشرة الخارجية من عليهم واطحنيهم + نص كوب زبادي+
ملعقة كبيره عسل+ ملعقتين عصير الليمون وتخلط جيداً

ويترك من عشر دقيقة لربع ساعةويغسل بالماء والغسول ويكرر مرتين اسبوعيا
فهو يعتبر مقشر ومنظف للبشرة
الماسك الحادى عشر\\\\\\\\
وهو ايضا يتكون من لوز مطحون +مقدار من الحليب او اللبن الرايب مفيد جدا للبشرة الدهنية عن تجربة ومع الاستمرار هتلاحظى الفرق
الماسك ال12\\\\\\\\
3ملاعق دقيق ابيض منخول طبعا ونظيف + ملعقتين حليب طازج+ عصير ليمونه واحدة
وتترك لمدة 20 دقيقة ثم يغسل الوجه جيد
وهى تفتح لبشرة الدهنية وتنظفها
الماسك ال13\\\\\\
ملعقتين حبة بركة او الحبة السودا+ملعقتين عسل نحل وتعجن وتوضع عشر دقايق وتغسل جيد
فهو مطهر للبشرة من الدهون والحبوب ايضا
الماسك ال14\\\\
ملعقتان عسل +ملعقة سكر + ملعقة عصير ليمون + ملعقة ماء
وتخلط جميعاً ويدلك بها الوجه والرقبه بحركه دائريه وناعمه ثم يترك لمدة نصف ساعه ثم يغسل
وهذا يعتبرمقشر ممتاز للبشرة الدهنيه ويستخدم للبشره العاديه ايضا مرة اسبوعيا و مرتين تحفففففففة

الماسك ال15 والاخير ان شاء اللة\\\\\\\\\
وهذا يعتبر ايضا مقشر للبشرة العادية والدهنية
3ملاعق دقيق + 3 ملاعق عصير ليمون
تخلط المقادير جيداً ثم يوزع على البشرة وتدلك بها البشرة برفق وبعد ذلك تزال بماء دافئ ثم يغسل الوجه بماء بارد لانعاشها

الأربعاء، 6 يوليو 2011

اليوم السابع من بريد الجمعة

أنا شابة في الثالثة والعشرين من عمري‏,‏ ارتبطت وأنا في السادسة عشرة عاطفيا بشاب يكبرني بعشر سنوات‏,‏ وخلال هذا الارتباط سافر الي فرنسا في بعثة للحصول علي الدكتوراه في القانون التجاري‏,‏ ورجع بعد ثلاث سنوات ظافرا بها ومقيما علي الحب الذي جسم بيننا فازداد فخري به واعتزازي بتدينه وثقافته الراقية واحساسه المرهف‏,‏ ثم تمت خطبتنا وأنا طالبة بالسنة الأولي بكلية الاقتصاد المنزلي‏,‏ واستمرت الخطبة عامين توثقت خلاله روابطنا أكثر فأكثر ثم تم عقد القران في حفلة جميلة‏,‏ وبعدها بأربعة أشهر توجنا قصة الحب الطويلة بالزفاف في حفلة أخري نالت اعجاب الجميع‏..‏
وبدأنا حياتنا الزوجية معا وأنا في الحادية والعشرين من عمري‏,‏ ومن اليوم الأول أدركت انني قد تزوجت من رجل تتمناه كل فتاة في مثل سني‏,‏ وعاهدت نفسي علي أن أهبه كل مافي طاقتي من حب وحنان‏,‏ ودعوت الله أن يعينني علي ذلك وان يشملنا برعايته ليكون بيتنا قائما دائما علي الود والتفاهم‏..‏
والحق أني قد شعرت بانني أعيش في حلم جميل من اليوم الأول الذي تفتح فيه وعيي للحياة‏,‏ فلقد حظيت دائما بحب أبي وأمي وأخوتي‏,‏ ونشأت في بيت يسوده الوئام‏..‏ وتتعاون فيه أمي مع أبي في كل شيء حتي في مجال عملهما الذي يتشاركان فيه‏..‏
فكان تساؤلي دائما هو‏:‏ هل تستمر الحياة وردية اللون هكذا‏,‏ كما بدت لي طوال السنوات الماضية؟ ولم يتأخر الجواب عني كثيرا فبعد ستة أيام من الزفاف الجميل والسعادة الصافية‏..‏ ارتفعت درجة حرارتي وزرت الطبيب فشخص حالتي بانها التهاب في المثانة ووصف لي العلاج وفي اليوم السابع صحوت من نومي وأنا أشعر بتنميل غريب في قدمي الاثنتين‏..‏ فظننته في البداية تنميلا عاديا كالذي نشعر به حين نضغط لبعض الوقت علي إحدي القدمين‏..‏ فينحبس الدم فيها‏,‏ ونفقد الشعور بها جزئيا الي ان تنشط الدورة الدموية فيها مرة أخري‏,‏ لكن التنميل استمر‏..‏ وازداد‏..‏ وحاولت النهوض فشعرت بعدم قدرتي علي الحركة‏..‏ واتصلت تليفونيا بأمي لاشكو لها ما أشعر به فهرولت الي ومعها والدة احدي صديقاتي وهي طبيبة ففحصتني باهتمام ثم ظهرت عليها علامات الانزعاج ووجدتها تطلب من أبي وأمي وزوجي نقلي علي الفور الي مستشفي عين شمس التخصصي‏,‏ لانها اكتشفت اصابتي بفيروس في النخاع الشوكي‏,‏ وهو مرض إذا اصاب الجسم فانه يبدأ بفقد الاحساس في الاطراف السفلي ثم يتصاعد فيه الي ان يصل الي المخ‏..,‏ ونتائجه تتراوح بنسب متكافئة بين الشلل التام لكل الجسم أو الموت أو الشفاء منه بعد عناء طويل وعلاج مضن‏.‏
وتم نقلي علي الفور الي المستشفي وخلال وجودي في حجرة الاستقبال بالمستشفي في انتظار نقلي الي حجرتي اقترب مني زوجي وأنا في شدة الخوف والاضطراب‏..‏ ثم همس في أذني ببضع كلمات يحثني فيها علي الصبر والتحمل‏..‏ والشجاعة‏,‏ ويقول لي إن هذه هي أول شدة تواجهنا معا‏,‏ وسوف نصمد لها ونجتازها بالصبر والتحمل والايمان‏..‏ فهدأت نفسي بعض الشيء‏,‏ وامتثلت لأقداري وأمضيت الليلة الثامنة لي بعد الزفاف في المستشفي‏..‏ وليس في عش الزوجية‏..‏ وبدأ علاجي علي الفور بالكورتيزون ولمدة‏5‏ أيام متصلة علي مدي‏24‏ ساعة‏..,‏ وأمي تبكي وأبي ينطق وجهه بالألم‏..‏ وإخوتي مضطربون‏..‏ وزوجي يحاول التماسك أمامي ولا يكف عن تشجيعي وشد أزري‏..,‏ والأطباء يقولون لي ان الاكتشاف المبكر لحقيقة المرض سوف يساعد باذن الله علي تحقيق نتائج طيبة للعلاج‏.‏
ومضت أيام المستشفي ثقيلة وطويلة‏..‏ وذات يوم وجدت أصبعا في قدمي اليمني تتحرك فبكيت لأول مرة منذ داهمتني هذه المحنة‏..‏ ونبهت الطبيب اليه فسعد بذلك جدا‏,‏ وقال لي إن هذا دليل علي وجود حياة بالعصب‏,‏ وعلي أن العلاج بالكورتيزون قد بدأ يؤتي أثره‏.‏
وبالرغم من الاعياء الذي كنت أشعر به من تأثير الأدوية المستمرة‏,‏ فقد وجدت في نفسي رغبة قوية في الاستذكار وأداء امتحان السنة الثالثة بكليتي‏,‏ وحاول أبي وأمي اقناعي بالاعتذار عنه فرفضت ذلك وقلت لهما إنني إذا كنت قد فقدت الاحساس بقدمي وساقي فإني لم أفقد الاحساس بيدي وذراعي ومازال عقلي بخير‏..‏ وأيدني زوجي في هذا القرار‏,‏ وبدأت وأنا في المستشفي في الاستعداد للامتحان وراح زملائي وزميلاتي بالكلية يمدونني بكل ماأحتاج اليه من كتب ومذكرات‏..‏ وخلال وجودي بالمستشفي جاء عيد الأضحي‏..‏ وشاهدت في التليفزيون الحجيج وهم يطوفون بالكعبة المشرفة‏..‏ فتذكرت يوم طفت حولها علي قدمي مثلهم‏..‏ وكيف قبلت فيها الحجر الأسعد‏..‏ فانهمرت دموعي بغزارة وبكيت طويلا‏,‏ وراح من حولي يحاولون التخفيف عني‏..‏
ثم جاء يوم خروجي من المستشفي‏..‏ وبالرغم من انني غادرته فوق كرسي متحرك إلا انني كنت سعيدة لانني سأرجع الي بيتي ومملكتي التي لم أهنأ بها سوي أسبوع واحد‏..,‏ ورغبت أمي ان انتقل من المستشفي الي بيت اسرتي لكي ترعاني وتمرضني وتشرف علي علاجي الذي سيطول شهورا وشهورا الي ان يأذن الله لي بالشفاء‏..‏ وتمسكت برغبتها هذه لسبب آخر اضافي هو ان فقدي الاحساس بالنصف السفلي من جسمي‏,‏ قد افقدني القدرة علي التحكم في الاخراج فرغبت أمي ألا يري مني زوجي الشاب ماقد اخجل أنا من أن يراه أو مايتناقض مع صورة العروس الجميلة التي تزوجها‏..‏ لكني رغم تقديري لدوافع أمي لم اشاركها رأيها هذا‏..‏ وصممت علي أن اغادر المستشفي الي بيتي وليس الي بيت أسرتي‏,‏ وقلت لأمي إنني أريد أن أري كيف سيقف زوجي الي جواري في هذه المحنة وهل سيقبلني في حالة المرض بنفس الروح التي يتقبلني بها في حالة الصحة أم لا‏..,‏ وهل سيصمد لهذه المحنة أم سيتخلي عني فيها؟
ورجعت الي بيتي الصغير عاجزة عن المشي‏,‏ ووجهي منتفخ وتنتشر فيه البثور من أثر الأدوية‏,‏ وتقبلت حياتي الجديدة بشجاعة ورضا وتمسكت بالأمل في الشفاء الكامل والعودة الي الحركة والنشاط ذات يوم قريب أو بعيد ووجدت في زوجي كل ماتمنيته فيه من حب ومساندة ورعاية وحنان‏.‏
واستكملت العلاج في البيت وبذل زوجي وأمي وأبي كل مافي وسعهم للعناية بي‏,‏ اما اختي التي تصغرني بست سنوات فقد راحت تحملني من مكان لمكان وكأنها اختي الكبري‏,‏ وأمي وليست الأخت الصغيرة‏..‏
وتقدمت الي الامتحان وأنا علي الكرسي المتحرك ونجحت فيه بحمد الله وتوفيقه‏..‏
ثم بدأت لأول مرة في المشي قليلا بمساعدة المشاية داخل البيت‏..,‏ وتزايد الأمل في الشفاء التام في نفوسنا وأشرقت البهجة علينا‏..‏ فاذا بي أصاب فجأة بمرض جلدي في كتفي راح يسبب لي آلاما رهيبة ضاعفت من معاناتي‏..‏ وتبين من الفحص انه مرض ينتج عن فيروس كامن في الجسم لكنه لاينشط إلا إذا ضعفت مناعة الجسم ويكو ظهوره علي شكل بقعة في الجلد يشعر الانسان فيها بشكشكة إبر حادة مؤلمة ولا تتوقف ولا علاج لها إلا بالمسكنات‏..‏ وتحملت هذه الآلام الرهيبة الجديدة واستعنت عليها بذكر الله‏..‏ والاستنجاد به ان يخففها عني ويشفيني من كل امراضي‏..‏
ومضت الأيام وأنا أعاني من آلام وأحزان لاقبل لي بها‏..‏ وراح من حولي يتساءلون‏:‏ لماذا يحدث لي كل ذلك‏..‏ ولجأوا الي المشايخ يستفسرونهم في ذلك‏,‏ وفي اليوم الذي اشتد بي فيه الحزن علي نفسي اراد الله سبحانه وتعالي ان يذكرني بنعمته علي ويخفف عني احزاني‏..‏ فإذا بي اكتشف انني حامل‏!‏ وإذا بمشاعري تتضارب بين السعادة بهذا الحمل والقلق بشأنه‏,‏ وكان مبرر القلق عندي هو انني فاقدة الاحساس بنصفي الأسفل جزئيا‏..‏ فكيف سأشعر بما تشعر به الحامل خلال شهور الحمل‏..,‏ وهل ستؤثر اطنان الأدوية التي تناولتها علي الجنين‏..,‏ وهل سيجيء الي الحياة صحيحا معافي أم متأثرا بسموم الدواء؟
أما والدتي فلقد اشتد قلقها علي حين علمت بنبأ الحمل‏..‏ لانه يتطلب التوقف عن تناول المسكنات القوية التي تهديء من آلام المرض الجلدي‏,‏ فكيف سأتحمل هذه الآلام إذا توقفت عن المسكنات‏..‏؟‏,‏ وبعد تفكير قصير نصحتني أمي بالتخلص من الجنين لأني لن استطيع احتمال آلام المرض الجلدي ومتاعب الحمل مع أثار الأدوية التي تناولتها‏..‏ ولأن الحمل سيؤثر علي صحتي التي تعاني من أثار الأدوية‏..‏ كما أن هناك شكا قويا في قدرتي علي الولادة الطبيعية واحتمال آلامها‏..‏ لكني تمسكت بجنيني باصرار‏,‏ وقلت لأمي إنني سأتوقف عن تناول المسكنات‏,‏ وسوف اتحمل آلام المرض الجلدي‏,‏ ومتاعب الحمل صابرة‏,‏ ولن أفرط في جنيني مهما كان العناء‏..‏
وتوقفت بالفعل عن المسكنات‏,‏ وعانيت الآلام الجلدية المبرحة‏..‏ حتي كانت أمي تمزق من فوق كتفي بلوزاتي وفساتيني لأنني لااطيق ملمس أي شيء فوق البقعة الجلدية المصابة‏..,‏ ولمس زوجي معاناتي وآلامي فشعر بالندم والمسئولية عن هذا الحمل الذي ضاعف من عنائي‏..‏
فهل تعرف ماذا فعل بي هذا الحمل الذي توجست منه أمي وابي وزوجي اشفاقا علي من متاعبه‏,‏ ومما قد يحمله لي المستقبل من جنين ضعيف أو مشوه بسبب الأدوية؟
لقد تحسنت قدرتي علي الحركة والمشي خلال شهور الحمل بدرجة ملحوظة‏..‏ ورجعنا الي الأطباء في ذلك فقالوا لناإن سبب هذا التحسن هو الحمل لأنه يساعد علي الشفاء من فيروس النخاع الشوكي حتي إن الأطباء في أمريكا يعالجونه بدواء مستخلص من مشيمة الجنين‏.‏
ولقد غرس الله في أحشائي هذا الدواء الطبيعي من حيث لا أدري ولا أحتسب فتحسنت قدرتي علي المشي والحركة‏,‏ بدرجة كبيرة ولم يبق إلا المثابرة علي العلاج الطبيعي ليطرد التحسن والتقدم‏!‏
ثم توالت علي بعد ذلك جوائز السماء للصابرين التي تتحدث عنها كثيرا‏..‏ فخفت آلام المرض الجلدي تدريجيا‏,‏ وشعرت بمقدمات الحمل كأي أنثي عادية‏,‏ وتمت الولادة بطريقة طبيعية تماما‏,‏ كما تلد أي امرأة أخري ورزقني الله بطفلة صحيحة الجسم وطبيعية جميلة وكثيرة الحركة‏,‏ وامضيت ثلاثة أشهر في بيت اسرتي اعانتني خلالها أمي في رعاية طفلتي ثم رجعت الي بيتي فوجدت في زوجي خير معين لي علي العناية بها‏,‏ واستذكرت خلال ذلك دروس العام الأخير لي بالكلية‏,‏ وتقدمت للامتحان علي كرسي متحرك ايضا‏,‏ وحصلت علي شهادتي بتقدير جيد‏,‏ فأي نعم وأي جوائز أكبر مما غمرني به الله من فضله ونعمه؟
لقد مر عامان الآن ياسيدي علي بداية هذه المحنة‏..‏ ومازلت اواصل العلاج الطبيعي ولقد أصبحت بفضله أحسن حالا‏..‏ فاذا تكاسلت عنه يوما واحدا ذكرتني أمي بما قاله الأطباء من ان ماحدث لي يعد معجزة الهية بكل معني الكلمة لأن من تعرضوا لما تعرضت له كان أقصي أملهم هو ان يستطيعوا المشي ذات يوم بمساعدة العكاز أما أنا فامشي بصورة جيدة الي حد ما‏,‏ وقابلة للتحسن أكثر كلما ثابرت علي العلاج الطبيعي وصبرت عليه‏..‏ وأنا اثابر عليه بالفعل ولا أكل منه‏..‏ إن لم يكن من اجلي فمن اجل طفلتي التي بلغت شهرها الثامن عشر منذ أيام‏..‏ ومن أجل من يحبونني ويرجون لي الشفاء التام من افراد أسرتي كلهم‏..‏
أما زوجي فأي كلمات استطيع ان أقولها لكي افيه حقه من الشكر والثناء‏..‏ لقد اجتزنا المحنة معا‏,‏ كما وعدني في اليوم الأول من المرض‏,‏ ولم يتخل عني لحظة واحدة خلالها‏..‏ ولم تتغير مشاعره نحوي وهو يراني في حال تتناقض مع صورة العروس الشابة في مخيلته‏,‏ ولم يأنف من مساعدتي فيما قد يأنف البعض منه أو يخجلون‏,‏ فماذا أقول له وعنه‏..‏ وماذا أقول عن أبي وأمي واخوتي وكل احبائي‏,‏ سوي ان أدعو الله لهم جميعا أن يمتعهم بصحتهم جميعا ويمن عليهم بالسعادة وكل جوائز السماء‏..‏
إنني وان كنت لم أبلغ بعد مرحلة الشفاء التام إلا انني علي يقين من ان الله سبحانه وتعالي سينعم علي به مهما طال الانتظار كما انعم علي من قبل بالنجاة من مضاعفات المرض‏..‏ وباستعادة القدرة نسبيا علي المشي وكما انعم علي بطفلتي وبحب زوجي وأمي وأبي واخوتي واحبائي‏..‏ ولقد كتبت لك رسالتي هذه لاسدد بعض ديني لهم جميعا‏.‏ ولأرجو كل من يواجه مثل هذه المحنة المرضية ان يتقبل اقداره بصبر ورضا ويتمسك بالأمل في الله سبحانه وتعالي‏..‏ ان يهبه الشفاء وينعم عليه باستعادة الصحة‏..,‏ والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته‏.‏


««‏ولكاتبة هذه الرسالة أقول‏»»محن الحياة تنضج الانسان علي نار الألم وتكسبه من الحكمة والفهم الصحيح للحياة مالم تكن تسمح له به سنه‏..‏ لو كانت رحلته في الحياة قد مضت ناعمة وخالية من كل اختبار‏..‏ فالألم هو خير معلم للانسان حقا ونحن نتعلم من احزاننا وهمومنا مالاتستطيع الحياة اللاهية ان تعلمنا إياه‏..‏ ولو لم يكن الأمر كذلك فكيف كان لفتاة صغيرة السن مثلك عاشت حياة هانئة وتوجت قصة حبها الوحيدة بالزواج في سن الحادية والعشرين‏,‏ ان تكتسب هذه الحكمة التي تنضح بها سطور رسالتك؟
لقد أضافت هذه المحنة القاسية التي اختبرتك بها الاقدار الي عمرك عمرا آخر بكل دروسه وتجاربه‏..‏ فعسي ان يكون نصيبك من السعادة مضاعفا أيضا ياابنتي‏.‏
غير انني أتصور أن خبرة الألم التي انضجتك في سن مبكرة لم تكن وحدها هي كل زادك الذي اعانك علي الصمود لهذه المحنة الطارئة‏..‏ وانما يخيل الي أيضا انه قد اعانك عليه امران‏,‏ بعد ايمانك العميق بربك وثقتك المطلقة في رحمته بك‏,‏ الأول هو قوة ارادتك وصلابتك النفسية بالرغم من ان حياتك السابقة لهذه المحنة لم تختبر هذه الصلابة من قبل‏,‏ ولم تكشف عنها‏.‏ والثاني هو انك حين داهمتك هذه المحنة لم يكن رصيدك من الحب والسعادة خاليا‏,‏ فاعانك هذا الرصيد الثمين علي مواجهة المحنة والصمود لها‏.‏
فأما انك انسانة صلبة وقوية الارادة بالرغم من سنك الصغيرة‏..‏ فلقد تمثل ذلك في عدة مواقف تؤكد كلها هذه الحقيقة‏,‏ فلقد تمسكت باداء امتحان السنة الثالثة بكليتك وانت في قمة المحنة المرضية‏..‏ ولم تستسلمي للرثاء لنفسك ولم تستجيبي لاشفاق أبويك عليك من تحمل هذا العناء الاضافي‏,‏ فكان لك ماأردت واجتزت الامتحان بنجاح‏,‏ وساهم ذلك بقدر مافي تحسين حالتك النفسية‏.‏
وتمسكت بالخروج من المستشفي الي عشك الصغير وليس الي بيت اسرتك وفضلت ان يعيش معك زوجك الوجه الآخر للحياة لكي يؤكد كل منكما للآخر بالتجربة العملية وليس بالكلام الوردي انه قد اختار شريك حياته بحق للأفضل والأسوأ علي حد التعبير الذي يردده الزوجان في بعض الكنائس الغربية‏,‏ وفي الصحة والمرض‏..‏ وفي السراء والضراء‏..‏ وليس في أوقات الهناء وحدها فاذا ماداهمت احدهما محن الحياة تحول عنه‏,‏ أو أسرع بالفرار منه‏.‏
فكان لك ماأدت أيضا وكشفت لك المحنة عن معدن زوجك الأصيل وعمق ارتباطه بك‏..‏ وايمانه معك بأن الحياة الزوجية ليست صحبة لاهية في اوقات السعادة وحدها‏,‏ وانما شراكة حقيقية في كل امور الحياة بخيرها وشرها‏.‏
وتمسكت كذلك بالاحتفاظ بجنينك في وجه اشفاق الجميع عليك من متاعبه وهواجسهم المشروعة من مخاطره عليك‏..‏ وأولها معاناتك لآلام المرض الجلدي الرهيبة بغير الاستعانة عليها بالمسكنات‏..‏ وآخرها متاعب الحمل نفسه‏..‏ ومخاطر الولادة في ظروفك الصحية المؤلمة‏..‏ وهواجسهم الخوف من ان يجئ طفلك للحياة عليلا أو مشوها من أثر الأدوية القاتلة التي تجرعتها‏.‏
فكان لك ماأردت كذلك واثبتت التجربة من جديد أن مايختاره لنا الله سبحانه وتعالي أفضل كثيرا من اختيارنا نحن البشر لانفسنا‏,‏ فكان حملك الذي تخوف منه الجميع‏,‏ نعمة عليك من حيث لايحتسب احد‏,‏ وعلاجا الهيا لدائك العضال‏,‏ وخيرا سماويا لك من كل الجوانب فمضت شهور الحمل عادية‏..‏ وتمت الولادة بطريقة طبيعية‏..‏ وانعم عليك ربك بأكبر مانلت من جوائز جزاء وفاقا لحسن ظنك به وصدق ايمانك به‏..‏ وصبرك علي قضائه‏..‏ فجاءت طفلتك الجميلةصحيحة معافاة لتمسح كل الأحزان‏..,‏ ولتذكرنا إذا كنا قد نسينا بان قضاء الله عدل‏,‏ وحكمة نافذ‏,‏ صبر المرء أم جزع‏,‏ غير انه مع الصبر الأجر‏,‏ ومع الجزع الوزر‏.‏
وأنت بفضل ربك عليك لم تجزعي ولم تهني ولم تفقدي ايمانك بربك فكان وعد الله لك حقا‏..‏ وكان فضله عليك عظيما‏.‏
واما ان رصيد الحب والسعادة في حياتك قد اعانك مع ايمانك بربك وحسن ظنك به علي الصمود للمحنة‏..‏ فلقد ثبت علميا ان نسبة شفاء الاشخاص الذين يؤمنون بربهم من امراضهم وصمودهم للمرض بقوة الايمان والأمل في رحملة الله‏..‏ أكبر من نسبته بين هؤلاء الذين لا تعمر قلوبهم بالايمان‏..‏ ولا يمتثلون لقضاء الله ولا يتمسكون بالأمل في رحمته‏,‏ كما ثبت أيضا أن الاشخاص الذين يواجهون محنة المرض العضال ومن ورائهم رصيد كاف من الحب الصادق والسعادة‏,‏ يستمدون من هذا الرصيد مايدفعهم للتمسك بالحياة والأمل في الشفاء‏..‏ ويخفف عنهم ماينعمون به من حب صادق وسعادة حقيقية في حياتهم مايلاقون من عناء المرض‏,‏ فتزداد قدرتهم علي المقاومة‏..‏ والصمود‏..,‏ وان كان هناك من يستحقون الرثاءلهم بحق فهم هؤلاء الذين تقسو عليهم الحياة باختباراتها ومحنها‏,‏ وليس في رصيدهم من الحب والسعادة مايسحبون منه ليتسلحوا به في مقاومة محنهم واختباراتهم‏,‏ فكأنما يواجهون محن الحياة بالسحب علي المكشوف‏,‏ من رصيد لم يعمر بالسعادة ولم يعرف الحب‏..‏ وهؤلاء هم من لايجدون للأسف من يخفف عنهم آلامهم أو يأسو جراحهم أو يمدهم بالدعم النفسي الذي يعينهم علي اجتياز المحن والصمود للاختبارات‏.‏
ولقد كان من رفق الاقدار بك ان واجهت هذه المحنة ورصيدك عامر بالحب والسعادة‏,‏ اعانك شريك حياتك وأبواك واخوتك علي الصمود لها واجتيازها بسلام والحمد لله‏..‏
فعسي أن يتم ربك نعمته عليك‏..‏ ويعيد اليك كامل قدرتك علي المشي والحركة‏,‏ لتواصلي رحلة الحياة والسعادة مع شريك حياتك وطفلتك‏,‏ وأهلك الي غايتها المرجوة‏..‏ وعسي ان تصبح قصة هذه المحنة المؤلمة ذات يوم قريب مجرد ذكري لمحنة مرضية ألمت بك وحينئذ تروينها في لابنائك واحفادك وترجين لهم حياة حافلة بالهناء والسعادة كتلك التي أغدقت بها عليك الاقدار قبل وبعد هذه المحنة الطارئة باذن الله‏.‏

رد الزوج (لهيب النار) من بريد الجمعة

لهيب النار

أخيرا تلقيت الرسالة التي كنت أنتظرها بلهفة منذ أسابيع .. ولم أطق صبرا حين عرفت شخصية كاتبها (زوج صاحبة رسالة العام الأخير).. فالتهمت سطورها التهاما ثم عدت لقراءتها مرة أخرى بترو شديد وأسرعت لأضعها تحت أنظار قراء هذا الباب الذين أعرف أنهم كانوا ينتظرونها مثلي :
تقول الرسالة الهامة: أخي العزيز....

ها هو الفأر يخرج أخيرا من مخبئه بعد طول صمت واختفاء .. ولا أعرف والله ماذا أقول .. إذ هل تتكلم الفئران؟. لكني سأستجمع شجاعتي وصبري وتفكيري لأتكلم بعد أن وجدت أن هناك من ينتظرون كلمتي كأنني ممثل مشهور أو صحفي كبير .. وأعتقد أنك الآن قد عرفتني- فأننا الطبيب زوج ((الطبيبة)) التي كتبت لك الرسالة الشهيرة عما جرى لها ولنا في ((العام الأخير)) .
لقد صمت خلال الفترة الماضية لأني لم أكن أجد كلاما أقوله .. واعترف لك أن الفكرة الوحيدة التي خطرت لي يوم نشر الرسالة هي أن أكتب لك رسالة أقلد فيها خط زوجتي . ونحن متشابهان في كل شيء حتى في الخط وازعم لك فيها على لسانها أني خدعتك وألفت لك هذه القصة من خيالي لكني وجدت الفكرة حمقاء لا داعي لها فصمت حتى قرأت تعليقات قرائك على رسالة زوجتي وتأثرت بمشاعرهم قررت ان أتكلم معك حديث النفس للنفس وأحادث زوجتي لأول مره بعد ما جرى من خلالك . وقبل أن أبدأ أحب أن أشكر الأخ الفاضل الذي أرسل لك دعوة لنا لأداء العمرة على نفقته واعده بأنني خلال هذا الأسبوع سوف أقوم بإجراءات سفري للعمرة ولكن على نفقتي واعتذر له ولك عن عدم قبول دعوته الكريمة لأني صراحة لن أستطيع أن أتحمل إحساس بأن هناك شخصا أو أسرة تعرفني وتعرف قصتي وما جرى لنا , وأنا اعتذر مرة أخرى له ولك , وسوف أؤدي العمرة وسأغتسل بماء زمزم واشرب منه- (وماء زمزم لما شرب له) – وأدعو الله بالمغفرة والنسيان ولا حول ولا قوة إلا بالله.
ولأنني بفضل رسالة الطبيبة قد أصبحت من ((المشاهير)) – ولكن أي شهرة وأي ألم – فقد أصبحت موضوعا للمناقشة .. لهذا فإني أريد أن أرد أيضا على الأخت التي كتبت لك تستغرب من تسامح الرجل الغربي مع زوجته في مثل هذه الظروف وعدم تسامح الرجل الشرقي معها مع أنها ضحية , فأقول لها يا أختاه أن تقاليد الغرب شيء ونحن شيء آخر ولا دخل للتسامح الإسلامي في ذلك , فالنفسية الشرقية يصعب تغييرها وهي نفسية يشترك فيها الجميع بغض النظر عن أديانهم .. والزوجة عندنا شيء مقدس وشديد الخصوصية بالنسبة للزوج .. وحاولي أن تفهمي ذلك !
والآن جاء دوري للكلام .. وفي البداية أحب أن أعرفك أخي بأنني بشر ولست ملاكا : أحب واكره وأنسى وأتذكر .. فلا تطالبني بأن أكون ملاكا .. ولقد تجمعت الشفقة حول (( الطبيبة )) ولكن من يشفق علي أنا ؟ .. وهناك فاق كبير كما بين الأرض والسماء بين أن تسمع أن زوجتك قد خانتك وبين ان تراها بعينيك .. إنه شيء لا أستطيع وصفه ولا أحب أن أتذكره وإن كنت لا أنساه .. لقد ثرت حين وجدت الرسالة منشورة وأحسست بان الجميع عرفوني .. وتصورت أن ((الطبيبة)) كتبت لك أيضا بالاسم والعنوان , لكني وجدتك في الأسبوع التالي تكتب أنها لم تكتب الاسم والعنوان فهدأت قليلا , خاصة أن الأهل لم يساورهم الشك كثيرا في أننا أبطال القصة .. ثم تأكدوا بأننا لسنا المقصودين بها , والحمد لله على ذلك.
والآن أريد أن أناقش مع نفسي ومعك ما حدث واعترف لك في البداية أنني ظللت أفكر منذ تلك اللحظة القاسية وللآن هل أنقذتها من الموت لأنني أحبها.. أم لأنني طبيب وهذا واجبي؟ ولم ((اعلم)) الإجابة!
لقد تزوجتها باختيار العقل لأننا حين نتزوج فإننا نتزوج من تحمي البيت وتحفظ نفسها وزوجها , ولم يخدعني عقلي في اختيارها فكانت دائما زوجة صالحة لم يرتفع صوتها أمامي مرة واحدة منذ ان عرفتها .. ولم تختلف معي يوما وكنا دائما نناقش كل أمورنا على انفراد بهدوء ولا نشرك فيها احد . ولم نفرق يوما بين نقودي ونقودها فكل شيء باسمي . الشقة والنقود وكل شيء بالرغم مما كنت اسمعه في الغربة عن المعيشة بالمناصفة بين الأزواج والزوجات والمعارك المستمرة بين الزوجين بسبب النقود والمدخرات ... الخ , لهذا فقد أحبتها أمي كثيرا وقالت لي أن من يرضى عنه ربه يرزقه بالزوجة الصالحة , وحسدني عليها الجميع حتى إخوتي – وقد سمعتها ذات مرة أختي بأن تبر زوجها وتطيعه لأن الرسول صلوات الله عليه قال أنه لو كان ليأمر أحدا يسجد لغير الله لأمر الزوجة بأن تسجد لزوجها وبصراحة فقد أعطاني هذا الحديث الذي سمعته – وزوجتي ترويه لأختي – غرورا شديدا , وزوجتي أكثر تدينا مني ومحبوبة من الجميع فأحببتها .. نعم أحببتها لأني لم أر معها إلا خير وكانت نعم الزوجة لي .. وكما قلت لك فنحن متشابهان في أشياء كثيرة حتى في الخط لأنها عشرة سنين وقد كنت حين تمرض أقلد خطها وأنجز بعض أعمالها نيابة عنها .. والجميع يغبطوننا على ما نحن فيه من وفاق وحب وسعادة .إذن ماذا غير حالي الآن؟ . لقد راجعت حياتي وأوراقي فلم أجد سببا لهذا إلا الابتلاء وهذا العقاب .. حتى خطبة الجمعة الماضية سمعت فيها أن أكثر الناس ابتلاء أكثرهم إيمانا .
أعرف أنني أتكلم بلا ترتيب لأني أتجنب الموضوع إياه , لكني أريد أن أقول ((للطبيبة)) ما عجزت عن أن انطق به طول الأيام الماضية .. أريد أن أقول لها : أسف .. أسف حقا لأنه لم يكن بيدي شيء .. لم يكن بيدي شيء كان يجب أن تلوميني .. أن تعاتبيني . إن نظرة البراءة في عينيك تقتلني وتشعرني بعجزي .. لكن ربما يطهرنا ماء زمزم مما نحس به .
أما أنت يا أخي فأريد ان أقول لك بصراحة شيئا عن سر هذا الحزن العميق الذي يحرقني بالنار .. إنه طبعا ما حدث للطبيبة ولي .. ولابني الرضيع الذي ضاع منا في الزحام ثم هذا الشيء الآخر الذي لا يعرفه كثيرون .. ولا يخطر لك على بال فهل تعرف أنني تطوعت في المقاومة الشعبية سنة 73 رغم صغر سني .. وهل تعرف أني كنت في صباي من المشبعين بالأفكار الاشتراكية حيث اصطادني .. نعم اصطادني أستاذي وأنا في السنة الثانية إعدادي بسبب نبوغي ولقنني كل شيء عن الماركسية , وهل تعرف أنني سرت في مظاهرة ضد كامب ديفيد وضد أي تعاون مع إسرائيل وكنت من أنصار الفلسطينيين , وعندما دخلت الجامعة تخليت عن أفكاري الماركسية واتجهت للتدين ..
وواجهت تحديات كثيرة بصلابة واعتقلت مرة وأنا طالب بسبب نشاطي مع الجماعات الدينية .. وهل تعرف أنني كنت من النوع الذي يجيد الكلام ويعجب بكلامه من يسمعه وكانت زوجتي دائما مبهورة بي وتحس أنها قوية وهي معي وأنها بكلماتي تصبح أقوى على مواجهة الحياة .. هل تدرك معي عمق هذه المفارقة حين انهار كل ذلك فجأة وتبخر عندما رأيت بندقية مسددة الى صدري؟ لقد خرست الكلمات المبهرة وتبخرت الجرأة والشجاعة .. وظهر الجوهر خاويا من كل شيء .. من كل شيء يا سيدي .. فكيف انظر في عين من كانت تظنني شجاعا لا أبالي بالمعتقل .. ولا أتردد في الاشتراك في المظاهرات .. وتحس بأني حاميها وسندها في الحياة؟ لقد تعريت أمامها تماما وأصبحت أحس بنظراتها كرابيج تلسعني وتقول لي : يا جبان يا من لم تحمني والذئاب تنهشني .. أين كلامك المنمق .. أين الأمان الذي تمثله بالنسبة لي؟ .. أين .. أين .. وأين؟
انني اعلم انني لست ملاكا وإنما إنسانا له جبنه وله قوته .. لكن ألم أكن أستطيع أن أبدي قليلا من الشجاعة؟
إن كل كلمات العالم لا تستطيع أن تعبر عن مشاعري .. فأرجوك أنت أن تتفهم مشاعري وموقفي وأن تتولى إفهامها بكلماتك الجميلة كل ذلك.
أما فكرة الطلاق الملحة فهي أنانية مني لكني لا أقوى عليها ولا أقدر عليها كما لا أستطيع انم احضر إليك .. ولا أن أكتب إليك اسمي ليس لعدم ثقة فيك ولكن لخوفي من أول لقاء لي معك وأنت تعرف نقطه ضعفي وربما أحضر إليك يوماً ما فيما بعد .. والمؤكد أني سوف أكتب لك بعد عودتي من العمرة كما أني إذا حضرت فسوف أسافر إليك وأنا قد أصبحت أخاف السفر وأخاف الخروج من البيت وكلما هممت بالخروج تذكرت ما حدث "لمن خرج من داره" ولولا العمرة وإحساسي بأني إنما مسافر الى الله ما سافرت ولا تحركت رغم ذلك فاكتئابي يشعرني بأنني حتى إذا ذهبت الى الأراضي الحجازية فسوف تدخل إليها قوات ((الأشاوس)) وستكون النهاية أيضا .. وليتها تكون نهايتي وحدي فقد أصبحت أحس أني ((شؤم)) لكني أعود وأتذكر قول الله سبحانه وتعالى :
(قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله) ..
فأهدأ قليلا واسلم أمري الى من بيده الأمر وفي الختام قل لزوجتي ما تشاء ((فقد لاحظت إنها أول مرة اكتب عنها في هذه الرسالة بكلمة (زوجتي) .. فلعلها بشرى خير)) قل لها ما تشاء يا أخي .., ولك الوعد الصادق مني .. والحقيقة أني لا أستطيع تنفيذه .. وهو عموما غير وارد في تفكيري بصورة أكيدة .. لكنه يظهر في راسي في لحظات اليأس .. فانا اعلم أنني لا أستطيع الاستغناء عن الطبيبة اقصد عن زوجتي وأم ولدي ..
والله المعين والسلام عليكم ورحمة الله .

ولكاتب هذه الرسالة أقول :
اذهب يا صديقي لأداء عمرتك .. وتوجه بقلبك الى خالقك واستنصره على شدتك واشرب من ماء زمزم .. وقف بباب الملتزم واسكب عبرتك حيث تسكب العبرات وتطهر آلامك .. وثق من انك تمضي في الطريق الصحيح لاجتياز آثار هذه المحنة القاسية .
وما إمساكك بالقلم لتكتب عنها إلا خطوة على هذا الطريق , ومؤشر عن ان فوران أحزانك الداخلية بدا ينزل عن درجة الغليان .
لقد كنت تتجنب الإشارة الى ما حدث بأي صورة من الصور مع أي إنسان في الوجود حتى مع زوجتك وتناقشه في كل لحظة مع نفسك على لهيب النار التي تتأجج في أعماقك والآن قد استطعت أن تناقش الأمر مع إنسان آخر خارج حدود نفسك .., وحتى لو جرى ذلك على الورق وعن بعد .
ولن يمضي وقت طويل حتى تجد في نفسك القدرة على مناقشته بعقلانية وهدوء مع زوجتك الفاضلة .., وعندها سوف تقتنع أنت لا هي لأنها مقتنعة تماما بأن لم يكن في مقدورك أن تفعل إلا ما فعلت .. وبأن ما جرى لا يتناقض مع ماضيك في الصلابة والايجابية والشجاعة وتحدي الصعاب .. ولا مع اعتماد زوجتك عليك واستمدادها القوة منك , فالشجاعة لا تتعلق بالمستحيل .. وأشجع الشجعان يترددون أمام الموت لأن الخوف أمام الموت إحساس طبيعي عند البشر الأسوياء , وأنت قد حميت زوجتك وطفلك من الموت حين أدركت الفارق بين الممكن والمستحيل فاخترت جانب زوجتك وطفلك رغم قسوة الاختيار .. وما كان أيسر عليك من أن تتحرك حركة واحدة للأمام لحظة الجريمة فترديك رصاصة غادرة وتحكم على زوجتك وطفليك بالهلاك وتستريح أنت من كل ما تعانيه الآن من آلام !لكن الشجاعة الحقيقية ليست في الانتحار وإنما في إنكار الذات وتقدير المسئولية وتفضيل سلامة الأعزاء .. لهذا لم يقل أحد أبدا أن الانتحار شجاعة وإنما قيل دائما أنه الجبن الحقيقي واختيار الفرار من الحياة حلا للمشاكل , وهذا ما لم تفعله أنت إذن فإيجابيتك وتقديرك للمسئولية عن أسرتك هما عنوان رجولتك وشجاعتك الحقيقية .. وليس أي شيء آخر إنني أدرك عمق معاناتك والتمس لك فيها كل العذر لكني أطالبك بالحكمة والعدل مع نفسك وعدم الانزلاق الى هاوية تحقير الذات لأمر لم يكن لك فيه حيلة ولا لأي إنسان آخر لولا أني لا أريد أن أنشر المزيد من هذه القصص الدامية بعد ما أثارته رسالة زوجتك الفاضلة من مشاعر الألم لدى القراء لرويت لك ما هو أبشع من قصتك بكثير ..
وحبذا لو أرسلت إلي عنوانا ولو بغير اسم وليكن عنوان صندوق بريد لأرسل إليك هذه الرسائل ولتعرف أنك قد تصرفت التصرف الوحيد الذي كان متاحا أمامك في مواجهة هذا القهر البشع .
يا صديقي هديء من روعك فأنت مازلت موضع انبهار زوجتك بحكمتك ونبلك وشجاعتك في تفضيل إنقاذ زوجتك وطفليك على حساب ألامك ومعاناتك الشخصية .. وهكذا كنت دائما- ومازلت- فارسها الشهم ومنقذها وسندها وحصن أمانها ضد غوائل الحياة .., وليست رسالتك في الحقيقة سوى شهادة جديدة لها بعفتها وفضائلها ومزاياها وجدارتها بألا تتخلى عنها وبأن تقف الى جوارها في محنتها وبان تتساندا معا لاجتياز أثارها .. ثم تتركا للزمن بعد ذلك أن يداوي الجراح ويشفي الآلام .. الى الأبد ان شاء الله .

العام الأخير من بريد الجمعة

بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف الخلق أجمعين
والمبعوث رحمة للعالمين

إلى أحبتي في الله
فقط تحذير لكل من لديه مشاعر وقلوب تتكسر
لا تقرأ هذه القصة
فالآلام فيها كبيرة...كبيرة ...كبيرة


العام الأخير

هذه الرسالة أريد أن أنشرها بغير تدخل مني في صياغتها أو في إعادة ترتيب بعض أجزائها.. ذلك أن اضطراب سياقها أكثر تصويرا لحالة كاتبتها وظروف قصتها من أي محاولة لروايتها بالتسلسل الطبيعي كغيرها من القصص , فإن كنت قد تدخلت في صياغة هذه الرسالة فليس سوى بحذف بعض الكلمات التي تجرح المشاعر.. وتوضيح بعض مفرداتها الغامضة وإثبات بعض الكلمات التي سقطت سهوا من الكاتبة خلال انفعالها بما تحكيه.. ولنبدأ معا قراءة هذه القصة التي أقضت مضجعي ووضعتني أما اختبار رهيب من اختبارات الحياة التي لا حد لقسوتها وبشاعتها في بعض الأحيان . تقول الرسالة المفزعة..
بعد الصلاة والسلام على سيدنا محمد عليه وعلى اله وصحبه أفضل وأتم السلام ..
الأستاذ الفاضل ... لا أعرف والله كيف ولا من أين أبدأ رسالتي لكني فقط أدعو الله ألا تصل إليك رسالة مشابهة لها من أحد غيري وقاك الله ووقى الجميع شر ما تحكيه. إنني سأحاول ان أسرد قصتي بدون استخدام عبارات مثيرة للعاطفة أو للشفقة فالحقيقة أني أكتبها تهدئة لي قبل غيري ولا أريد مزيدا من الشحن أو الإثارة , ولنبدأ القصة منذ 5 سنوات , فقد كنت طالبة بكلية الطب على قدر من الجمال و محجبة و متدينة ولا أتحدث الى أي شاب إلا لحاجة ضرورية في الدراسة أو العمل , وذات مرة وكنت في السنة الرابعة بكليتي تحدثت مع طبيب امتياز شاب فأعجب بي لكنه فشل في التحدث معي مرة أخرى .. فتقدم الى ابي وفاتحه في خطبتي فرحب به أبي لكرم أخلاقه بالرغم من تواضع امكاناته المادية , وتمت خطبتي له , وكان أول شاب في حياتي فأحببته بكل جوارحي وأحبني كثيرا , وبعد تخرجي مباشرة تزوجنا وسعدنا بزواجنا رغم قلة امكاناته , فأنا أيضا من أسرة بسيطة تقطن في حي شعبي وإن كان إخوتي جميعا قد استطاعوا أن يتعلموا ويشقوا طريقهم الى أعلى المراكز العلمية.
وبعد عام من زواجنا رزقت بأول مولود لي , وكان رزقه واسع والحمد لله فحصلت على عقد عمل في أحد مستشفيات دولة خليجية تداعب فكرة العمل بها أحلام بعض الخريجين , فسعدت به جدا وحسدتني عليه زميلاتي , لكن أبي وأهلي لتدينهم الشديد رفضوا فكرة سفري للعمل وحيدة في تلك الدولة العربية , وأصر أبي ألا أسافر إلا ومعي محرم أو أعتذر عن عدم قبول هذا العمل , وشاء الحظ أن أحقق رغبة أهلي فعثر زوجي على عقد بمستوصف خاص بنفس المدينة , وسافرنا الى هذه الدولة أنا وزوجي وطفلي الوليد نحمل أحلاما ليست مسرفة في الخيال واتفقنا على ألا نطيل اغترابنا إلا بقدر ما نستطيع ان نحقق به مطالبنا الضرورية , وهي شقة عيادة لزوجي في مصر وسيارة متوسطة تحملنا الى أعمالنا ونخرج بها في زياراتنا , ومبلغ مدخر لا يزيد عن 10 آلاف جنيه نضعه في البنك ليكون أمانا لنا ضد الطواريء . ومضى العام الأول لنا في الغربة فكنت فيه ابخل من بخيله على نفسي وطفلي لنوفر ثمن شقة العيادة , واستطعنا فعلا ان نحصل على شقة للعيادة ليست متواضعة وليست فاخرة وحققنا بذلك أول أحلامنا .
وتمكنا في العام الثاني من شراء سيارة جديدة وادخار عدة آلاف من الجنيهات في البنك في مصر وانقضى العام الثالث فجهزنا شقتنا الزوجية في مصر بالمفروشات اللائقة , وجهزنا عيادة زوجي بالأجهزة الطبية المطلوبة وقام زملاء زوجي بشرائها لنا في مصر ووضعها بالعيادة لهذا فلم نتمكن من استكمال رصيد المدخرات المطلوب الى 10 آلاف جنيه كما كنا نخطط لأنفسنا وتوقفنا نسأل نفسينا هل نكتفي بذلك أم نصر على تحقيق الهدف الأخير واستكمال الرصيد الى المبلغ المطلوب وبعد مناقشات طويلة استقر رأينا على أن نمضي عاما رابعا في تلك الدولة علة أن يكون عامنا الأخير فيها ثم نعود بعدها لنبدأ حياتنا العملية في مصر راضين بما أعطانا الله من فضله وكنت وقتها حاملا في طفلي الثاني . واقترب موعد ولادتي , وولدت طفلا آخر منذ أربعة شهور وطلب مني زوجي أن (انزل) بطفلي في أجازة وحصلت على أجازة 45 يوما فقط وانتهت الأجازة وعدت الى المستشفى التي أعمل بها.
ومن هنا على رأي زوجي (تبدأ الحكاية) وبالمناسبة أنا كنت صاحبة دم خفيف وبنت نكته كما يقولون أما زوجي فلا يبارى في النكت و الضحك العالي لكني (كنت) و (كان) .. وهذه مجرد ملحوظة- وأعود الى رواية قصتي , فبعد أسبوع من عودتي للمستشفى حدث ما لا أقول عنه غزوا أو تتارا كما يكتبون في الصحف , ولكن حدث ما لا أستطيع أن أصفه فقد حدث غزو العراق للكويت التي نعمل بها , وكنت ليلة الغزو في نوبتي للمبيت في المستشفى التي أعمل بها وهي مخصصة للنساء , فلم أستطع مغادرة المستشفى لمدة يومين لأن كل المستشفيات أصبحت في حالة طواريء ولم اعلم شيئا عن زوجي وطفلي الصغيرين , وفي اليوم الثالث حدث ما لم أتخيله في أشد الأحلام المزعجة رعبا , فقد حدث هجوم وحشي على المستشفى من ((أبطال الغزو)) وأقول لك والسخرية القاتلة تملؤني أن الوضع أصبح فجأة هكذا : الممرضات للجنود الأشاوس والطبيبات للضباط الأبطال !! هل تصدق ذلك ؟!أنا نفسي لا أصدق ولا أعرف شيئا عما حدث ولكني أقسم لك أني قاومت مقاومة لم أكن أتخيل أني قادرة عليها حتى عجزت ووجدت الجميع يصرخن ويولون المرأة التي تزيد مقاومتها على الحد المحتمل تصبح هي الطبق الشهي للجميع نكاية فيها , وفجأة وأنا وسط المأساة رأيت زوجي!! .. نعم زوجي ..لا أعرف كيف حضر ولا كيف دخل المستشفى .. هل أحس بالقلق علي فجأة فجاء ليطمئن علي؟..لا أعرف , كل ما اعرفه أني رأيته فجأة ومعه مجموعة من الرجال المصريين والأطباء يحاولون ويحاول زوجي معهم الدفاع عن الممرضات والطبيبات بل والمريضات أنفسهن ضد ((الأبطال الغزاة)) الذين يعتدون عليهن بلا رحمة ورأيت زوجي والرجال بعد قليل محاصرين والجنود يصوبون إليهم المدافع والبنادق ويهددون من يتحرك بقتله وصرخت حين رأيت من يقف بجوار زوجي مباشرة وهو زميل وصديق يقع على الأرض قتيلا برصاصة في صدره , وصرخت على أطفالي وعلى نفسي وعلى زوجي ولم يستطع أحد يفعل أي شيء لأي أحد .. لأي شيء لأي أحد ولا أعرف ماذا حدث سوى أني وجدت نفسي بعدها على أرض المستشفى والدماء تنزف مني بغزارة وبجواري زوجي يحاول إنقاذي من النزيف الشديد , فرجوته ألا ينقذني ويتركني أنزف حتى الموت , فتمتم بكلمات مقتضبة بأن الأطفال يحتاجون لي وبأن الذنب ليس ذنبي , وصدقته وقاومت المرض وعدت معه الى البيت ولم أبك مطلقا ولم تنزل دمعة واحدة من عيني ولم تلتق عيناي بعيني زوجي أبدا فهو لا يرفع وجهه إلي مطلقا وأنا لا أرفع وجهي إليه ولا نتحدث إلا للضرورة القصوى , وظللنا على هذا الحال عدة أيام لا نغادر البيت ولا نتكلم ولا نكاد نأكل طعاما ثم استطعنا ان نهرب من مدينة الأحلام المنهارة بسيارة الزميل الذي سقط قتيلا بجوار زوجي, وبدأن رحلة العذاب الطويلة في الصحراء القاحلة , وفي درجة حرارة لا توصف فلم يحتمل وليدي الصغير هذه الظروف القاسية (فنفق) منا في الطريق .. نعم (نفق) أي مات كما تنفق الهرة أو البقرة الضعيفة لأن الحزن سمم اللبن في صدري ولم يكن له معنا طعام ولا ماء (فنفق) بين أيدينا وأنا وأبوه طبيبان ولا نملك له شيئا فكان آخر وأغلى وديعة أودعتها ارض الأحلام قبل ان أغادرها للأبد .. ولم ابك أيضا ولم اذرف دمعة واحدة ولم يبك زوجي كذلك وواصلنا الرحلة في الصحراء القاحلة صامتين لا نتفوه بكلمة واحدة طوال المسافة الشاسعة , وكل همنا الوصول الى بلادنا ولا يشغلني إلا خوفي على ابني الآخر الذي أصبح ابني الوحيد وكاد يضيع منا هو الآخر.
وأخيرا وصلنا الى ارض بلادنا الحبيبة في نويبع ومنها الى مدينتنا وفي الطريق نطق زوجي لأول مرة وبغير ان ينظر ناحيتي طالبا مني بألا أحكي شيئا عما حدث وان أنكر ما حدث إذا سألنا أحد من الأهل عما كان يجري في المستشفيات هناك , لأنه كما قال ليس في حاجة الى المزيد من الفضائح , واستقبلنا الأهل ولم نرو لهم شيئا , وعدنا الى شقتنا بعد عناء الرحلة القاسية والذكريات المريرة .. وأملت ان تخرج العودة لمصر الحزن من قلب زوجي لأني لم أعد أتمنى شيئا من الحياة سواه لرعاية طفلي أما أنا فقد انتهيت ولا يستطيع أحد أن يمحو من ذاكرتي ما مر بي . لكن الأيام مضت يا سيدي وزوجي يلتهمه الحزن ويتدهور أكثر وأكثر وقد مضى على عودتنا الآن أكثر من شهر وهو لا يغادر الصالون ليلا ولا نهارا وينام على الأرض ولا ينظر إلي ولا انظر إليه . أما سبب إرسالي هذا الخطاب لك هو ان زوجي يحب آرائك كثيرا وقد رأيته يكتب ورقة ثم يمزقها فلملمت أجزاءها بغير أن يعرف وقرأت فيها رسالة كان يكتبها إليك ثم غير رأيه وكان يقول لك فيما معناه : انه فقد الإحساس بالرجولة لأنه لم يفعل شيئا لحماية امرأة غريبة ولا حتى للدفاع عن زوجته وانه لا يستطيع ان ينظر في عيني لإحساسه بأنه خاف من البندقية والموت أكثر على ضياع شرفه ويتساءل لماذا أنقذني ويقول لك انه يريد التخلص مني لأنه لن يستطيع لمسي بعد الآن ولكن بأي حجة يكون الطلاق .
هذا يا سيدي سبب إرسالي هذا الخطاب إليك ولا اعرف إذا كان ستغضبه كتابتي إليك ام لا .. لكني أتساءل معه لماذا أنقذني ولم يدعني للموت نزفا بعد ان مت روحا من قبل , وأتساءل هل ما حدث كان عقابا لي على ذنب لا اعرفه ام عقابا لزوجي على شيء ارتكبه في شبابه وهل تعلم انني بدأت اشك في زوجي بل في ابي وفي احتمال ان يكون ما حدث لي عقابا من الله على شيء ارتكبه في حياته أحدهما , لان الله سبحانه وتعالى عادل ولا يعاقب أحدا بغير جريمة ام ترى انه ابتلاء من الله علينا ان نصبر عليه ولا حول ولا قوة إلا بالله . ان كان ابتلاء فاني صابرة لكني انتهيت ولولا الخوف من الله عز شانه لكان الانتحار .. ولكن ابعد الصبر نموت كافرين؟؟
أعود لاستكمال الرسالة ..
فلقد بكيت .. ولا اعرف هل كنت ابكي على شرفي ويالها من كلمة؟ أم ابكي على وليدي الذي ضاع مني في رحلة الهوان أم ابكي على زوجي الذي يقتله الهم والحزن كل يوم ام ابكي على طفلي الآخر الذي يفتقد ابتسامة الأب والأم ولم يعد يرانا إلا واجمين , أم ابكي على أحلامنا الضائعة في حياة سعيدة أم ابكي على حالي وحيرتي وأنا لا اعرف هل أطلب الانفصال .. وان فعلت فماذا عن ابني وأخوتي وكلام الناس .. وان لم افعل فكيف تستمر الحياة هكذا؟ انني لا اعرف ماذا سيقول زوجي بعد نشر خطابي بهذه الصراحة .. لكن عزائي أننا كنا عدة طبيبات لهن مثل ظروفي وممكن أن تتوه القصة بيني وبينهن وبين كثيرات غيرنا , وعزائي أيضا أني في حالة من الحزن واليأس لن تتحملها صحتي طويلا لهذا فقد كنت أريد زوجي لابني , وكان يراودني هذا الأمل انه يحبني و إلا لما أنقذني وأحضرني معه وقد كان في مقدوره ان يتركني أموت- كما فعل زميل له ترك زوجته رغم أنها تحملت وكانت في صحة معقولة وتركها لأنه لا يطيقها بعد ما حدث لها .. طبعا نذل (ولكن نعذره أيضا لأن عذره أكيد)..
وهذا ما يحيرني في زوجي فكيف أنقذني , وكيف يريد الآن التخلص مني , انني لست المشكلة , فانا قد انتهيت وضعت وما جري قد كان .
لكن المشكلة هي زوجي , إني أريدك ان توجه له كلمات تحاول بها مسح جراحه و أن تقول له بأنه رجل كريم فاضل , ماذا كان يستطيع ان يفعل وزميله قد مات بجواره والرصاص في صدره , وإن ابنه يحتاج إليه أكثر مني , وشكرا لك على صبرك على قراءة قصتي التي أقول من كل قلبي ليتها كانت قصة قرأتها في كتاب أو شاهدتها في تمثيلية تليفزيونية ولم تكن قصة حقيقية أنا بطلتها وضحيتها ولا حول ولا قوة إلا بالله
********************

رد الكاتب

هذه هي الرسالة المروعة التي تلقيتها وأقول بداية أنني لا أشك في صدق أي كلمة من كلماتها , لأنه يستحيل على أعتى خبراء الحرب النفسية ان يزيفوا رسالة مماثلة تصور مثل أحاسيسها التلقائية والمضطربة والتي تصل الى حد الهذيان في بعض المواقف , كما يستحيل على غير من عاش مثل هذه التجربة المروعة أن يحكي عنها بمثل هذه الصدق الإنساني المؤلم .
والحق انه ليس يعنيني هنا الجانب السياسي في الرسالة بقدر ما يعنيني مصير أسرة مصرية صغيرة سافرت الى بلد امن تحلم بحل مشاكلها الصغيرة فباءت بهذا الخسران الأليم , وأبدأ بكاتبة هذه الرسالة فأقول لها مباشرة: يا سيدتي الفاضلة لا يلام المرء على ما لم تجنه يداه , ولم تكن له حيلة في دفعه عن نفسه أو توقيه , وأنت قد تعرضت لعملية (سطو مسلح) على حرمة جسدك تحت تهديد السلاح , من الممكن ان تتعرض لها أي سيدة فضلى إذا وضعتها الأقدار في نفس الظروف الأليمة التي وجدت نفسك فيها , لهذا فإن ما جرى لك رغم بشاعته لم يكن عقابا إلهيا على جريمة ارتكبها أحد , لا أنت ولا زوجك ولا أبوك , وإنما هي الظروف القاسية التي اختارتك بالمصادفة لهذا الابتلاء الذي – توقيا لمثله – يبتهل المسلمون الى الله ألا يخترهم بما لا طاقة لهم به , ويدعو المسيحيون في صلاتهم (ولا تدخلنا في تجربة) , وليس من العدل أن تستسلمي لهذا الإحساس المرير (بالدونية) وبأنك قد انتهيت ولم تعودي جديرة بالحياة لولا خوفك من عقاب ربك , فشرفك مصون يا سيدتي ولم يمس لأن ما يؤخذ من الإنسان على رغمه لا يمس شرفه ولا ينتقص من فضائله , وعاره إنما على السارق الغاصب لا على المسروق ..
واستسلامك لهذا الإحساس المدمر يمكن أن يقودك الى الرغبة في تدمير الذات بغير أن تنتبهي الى أعراضها ويمكن أن يؤثر تأثيرا بالغ الضرر على شخصيتك ونفسيتك وحياتك .
والحق أنك في حاجة أنتي وزوجك الى علاج نفسي طويل لعلاج آثار هذا الحادث البشع على شخصيتيكما بغض النظر مؤقتا عن مستقبل علاقتكما الزوجية , فالمهمة العاجلة هي إنقاذ كل منكما على حدة من الانهيار النفسي والجسدي الذي يتهددكما إذا تجاهلتما حاجتكما الى هذا العلاج , وهو علاج معروف في دول الغرب التي تكثر فيها مثل هذه الحوادث , ويخصص لإزالة آثاره النفسية الضارة عمن يتعرضون له , لأن حرمة الجسد عندهم شيء مقدس , ولو نال شخص امرأة محترفة تبيع جسدها لراغبي المتعة بالثمن على غير رغبتها لهوت فوق رأسه مطاوق القانون القاسية , ولخضعت هي على الفور لهذا البرنامج العلاجي على نفقة الدولة رغم اختلاف مفاهيم الشرف بيننا وبينهم في هذا المجال .
فمرحى مرحى بما صنعه ((الأبطال المغاوير)) الذين نزلوا بحرمة أجساد الفضليات من بني جلدتهم الى ما دون مستوى حرمة أجساد بائعات الهوى في دول الغرب , لكن هذا حديث آخر لا أريد ان انجرف إليه , أو ابتعد عن مشكلتك الدامية .
يا سيدتي الفاضلة .. ان الخطوة الأولى في الطريق الصحيح لمحو آثار هذه المحنة ليست في تكتمها ومعاناتها أنت وزوجك وحدكما وإنما في التماس العلاج النفسي السليم لك ولزوجك أيضا .. و بطرح هذا الأمر بشجاعة على طبيب متخصص وليكن من مدينة أخرى إذا تحرجتما من مكاشفة أحد أطباء مدينتكما به , وبعد الشفاء من آثار المحنة اجلسا معا وناقشا الأمر معا بموضوعية وقررا مستقبلكما على ضوء تحليل هاديء للموقف وسوف تكتشفان معا انه لا ذنب لكما ولا جريرة فيما جرى وأنه ليس من الحكمة أن تضاعفا من خسائركما بما جرى بفقد كل منكما للآخر لمجرد ان كلبا متوحشا قد عقر زوجة فاضلة وعجز زوجها عن أن ينقذ لحمها من بين أنيابه .
أما زوجك العزيز فإني أقول له بكل صدق وربي على ما أقول شهيد : إنك رجل بحق ونبيل وكريم وشجاع حقا وصدقا , لكن ما حدث كان أكبر منك وأكبر من شجاعة أي إنسان يواجه مثل هذا الاختبار القاسي الذي واجهته , وإن لشجاعة الإنسان حدودا إذا تجاوزها اعتبرت خبالا وحمقا لا شجاعة وإن الخوف من الموت والمدفع إحساس إنساني طبيعي يستوي فيه الجميع , وعرفه أشجع الشجعان على مر التاريخ , وأنت بكل تأكيد أشجع من النذل الذي ارتكب جريمته في حماية عصبة من الرجال المدججين بالسلاح وأكثر رجولة ممن استباح لنفسه حرمات الآخرين تحت تهديد مدفعه الرشاش إذ لو كان بغير هذه الحماية لجبن عن الإقدام على ما فعل , أو لصارعته فإما صرعته وإما مت دون عرضك شهيدا , أما وقد كان مدججا بالسلاح ومحاطا بالأنذال من كل جانب فلم يكن لإقدامك على مواجهته سوى نتيجة واحدة هي ان تسقط قتيلا الى جوار زوجتك , وأن تلفظ زوجتك أنفاسها الأخيرة متأثرة بجرحها الدامي بغير أن تجد من ينقذها ويعيدها الى أرضها وأهلها وأن يضيع ابنك الصغير الى الأبد ولا يجد من يعيد به الى وطنه . لقد كان الموقف أكبر منك ومن زوجتك ومن كل إنسان يا صديقي , فلا تجلد نفسك بجريمة ارتكبها نذل لا يستحق صفة الإنسانية ويكفيك انك حاولت فلم تجد أي جدوى للمقامة ورأيت زميلا لك يسقط قتيلا الى جوارك ربما لأنه قد تحرك حركة غير مقصودة ارتعد لها الأوغاد الجبناء فعاجلوه بالرصاص وهذا هو الجبن الحقيقي الذي هو عار على صاحبه .. لأن استخدام السلاح ضد المدنيين العزل جبن وأي جبن وانتهاك حرمات الضعفاء كما كان يفعل التتار حين يقتحمون مدينة فيستبيحونها ثلاثة أيام يفعلون بها ما شاءت شياطينهم هو العار الحقيقي على من ارتكبوه وليس عارك الشخصي بأية حال من الأحوال , وأقولها لك صريحة انه لم يكن بمقدورك ولا بمقدور أي إنسان آخر يواجه ما واجهته أن يفعل غير ما فعلت ثم يعتصره الألم والقهر كما يعتصرك الآن بلا رحمة , وبلا ذنب لك فيما جرى , ولقد تصرفت بنبل وإحساس كامل بالمسئولية حين أنقذت زوجتك وأم طفليك من الموت وعدت بها في رحلة الآلام الى بلادك , فلماذا تحمل نفسك مالا طاقة لك به؟ ولماذا تضاعف من خسارتك لابنك الوليد بخسارتك لزوجتك الفضلى وأكررها للمرة الألف الفضلى بكل ما تعنيه حروف الكلمة , وبخسارتك لنفسك ولصحتك وسلامك النفسي الى الأبد .
يا صديقي الفاضل النبيل .. انك رجل مثقف وطبيب وتدرك أهمية حاجتك الى العلاج النفسي للتخلص من آثار هذه المحنة فلا تتردد في التماسه لزوجتك أولا ولك ثانيا , وكل ما أرجوه منك هو أن تؤجل اتخاذ القرار بشأن علاقتك بها الى ما بعد تجاوز آثار هذه المحنة وعلاجها .. وكلي ثقة بعد ذلك في أن قرارك حينئذ سوف يكون في صالح زوجتك , وفي صالح رجولتك التي لا شك فيها , وفي صالح النظر فيما جرى في إطاره الصحيح كحادث مؤلم اختارتكما الظروف ضحايا له , ولا لوم عليكما فيه .. وإنما اللوم على البغاة الظالمين .. وليس من الحكمة أن نعاقب أنفسنا بما فعله الظالمون بنا .. وإنما العدل أن نضيف ما جرى لنا الى قائمة جرائمهم التي لابد أن يأتي يوم قريب يحاسبون فيه عليها ويدفعون فيه ثمن جرائمهم غاليا ألا لعنة الله على الظالمين في كل زمان ومكان .

عبد الوهاب مطاوع

زواج علي الطريقة الأمريكية من بريد الجمعة






زواج علي الطريقة الأمريكية







أنا شاب عمري‏33‏ سنة‏,‏ مقيم في الولايات المتحدة منذ‏10‏ سنوات تقريبا‏,‏ بعد تخرجي في كلية الهندسة في مصر‏,‏ سافرت لأمريكا لتكوين نفسي‏,‏

بعد نحو عام من قدومي تعرفت علي فتاة تركية مسلمة عن طريق مشروع صغير كنت قد بدأته, ومن خلاله أصبحنا نتقابل بشكل يومي تقريبا ونمت بيننا مشاعر تحولت تدريجيا إلي مشاعر حب, أعجبني فيها أنها عالية التربية, كريمة, يعتمد عليها ومحبوبة من عائلتها وأصدقائها وأنها ليست متأثرة بالمجتمع الأمريكي بل لها تقاليد وعادات قريبة من عاداتنا إن لم تكن أكثر حرصا ومن ذلك مثلا الوقوف عند دخول الأب وتقبيل يده.

عائلة الفتاة ميسورة الحال, لديها أخان يعيشان في أمريكا ولدي كل منهما معرض سيارات, وهم يتقابلون دائما ومتقاربون.
أيضا من الأمور التي دلت علي شهامتها أنها تعرفت علي فتاة سورية كانت تدرس معها في الجامعة, هذه الفتاة طردها أخوها لأن زوجته لا تريدها أن تعيش معها, فقامت فتاتي باستضافتها والتكفل بها في جميع شئونها ولم تطلب منها أبدا أن تعمل أو ترجع لبلدها واقنعت والديها بأن يعتبروها فردا من العائلة..

ظلت علاقتنا مستمرة نحو5 أعوام, قامت هي بفتح محل صغير في أحد المولات التجارية, فهي شغوفة دائما بعمل بيزنس مثل أبيها, وأخويها, وكنت أنا بجانبها طوال الوقت, أعمل معها في هذا المحل, وأراها كل يوم لهذا السبب.

في خلال هذه السنوات كان يحدث بيننا العديد من المشكلات, والسبب هو اختلاف الطبائع, فهي قوية الشخصية, لا تقبل أن تؤمر أو تخضع لرأي أحد حتي لو كان أخاها الأكبر وتفعل ما تراه من وجهة نظرها صوابا فقط الوحيد الذي تسمع له هو أبوها تقريبا, أما السبب الثاني فهو انها سريعة الغضب وعندما تغضب فإنها قد تقول أي شيء, قد تصرخ في وجهي في الشارع أمام الناس, أو تسيء الي بالكلام الجارح, يعني بالمختصر ليس لديها خطوط حمراء لا تتعداها عندما تغضب, وهي لا تتأسف بعد ذلك, لكنها تنتظر أن أصالحها لأنني من أغضبها, ليست هذه حالة منفردة أو موقفا واحدا, انما في خلال5 أعوام لن أبالغ في القول أن هذا السيناريو تكرر مئات المرات.. أنا شخص صعب إغضابه, واتحكم في كلامي جيدا, فلا أرد اساءتها بالمثل, ولا صياح بصياح, ودائما أنا الذي أرضيها بعد ذلك, لكن في بعض المرات لا أقبل الكلام الذي قالته لي, وأري انه لا يمكن التجاوز عنه, ونظل لانتحدث فترات طويلة, ثم يغلبني حبي لها والتمس لها الأعذار, وأكلمها وهكذا. أكثر مرة ابتعدنا عن بعضنا كانت9 أشهر, حاولت فيها أن أفتح محلا صغيرا أيضا في أحد المولات, وتقابلنا بالمصادفة يوما وعادت الأمور الي مجاريها.

حدثت لي مشكلات في فترة من الفترات, وقفت بجانبي ولم تتخل عني( مع اننا كنا متخاصمين وقتها) ولم أنس لها هذا الموقف.

وظللت أبحث عن عمل الي ان ساعدني أحد أصدقائي في العمل معه في معرض سيارات كبير, في هذه الفترة كان أهل فتاتي قادمين من تركيا, وكان يجب اخذ قرار بالتقدم لها, كنت مترددا للأسباب التالية: أولا يجب ان أوافق علي شرطها أن صديقتها السورية ستعيش معنا فهي لن تتخلي عنها وتتركها وتفضل نفسها لتتزوج, فإما أن أقبل وإما لن نستطيع ان نتزوج حتي تتزوج صديقتها السورية أولا.

ثانيا: الاختلافات بيننا وكثرة الخلافات التي كانت تحدث كما بينت سابقا, فهي قوية الشخصية سريعة الغضب لا تقبل الأمر وأنا اريد الزوجة المطيعة الهادئة الرقيقة التي تسمع الكلام ايضا أنا أريد القوامة, وأنا ظروفي خاصة في هذا البلد محدودة وهي من أسرة غنية ومعتادة علي مستوي معين بين أقاربها وزوجات اخوتها, وأخيرا اختلاف اللغة وصعوبة تفاهم الأهل( أهلها لا يتحدثون الانجليزية وأهلي في مصر لا يتحدثون التركية).

بعد فترة التردد حسمت الأمر بالتقدم لها لأني أحبها وأعلم أنها تحبني خاصة أن بعد هذه الـ5 سنوات وكل هذه المشاحنات دائما ما كان حبنا يغلبنا.

أعتذر عن هذه المقدمة الطويلة, لكن كان يجب أن أوضح ظروف ما قبل الزواج لكي تقدروا علي الحكم الواعي علي مشكلة ما بعد الزواج.

أنا الآن متزوج من3 سنوات, وحائر بين أن أطلق أو لا بالرغم من أني مازلت أحب زوجتي, لكني غير سعيد معها ولا من حياتي بهذه الطريقة بشكل عام.

أولا, كان الاتفاق أنه بعد الزواج نعيش في شقة زوجتي التي اعتادت عليها وهي في منطقة راقية والتي اشتراها باسمها حماي, كما أنه بهذه الطريقة لن تتضرر من العيش في منزل أقل مستوي بسبب أنها تزوجت من تحب وهو ليس غنيا ليشتري لها منزلا في نفس المستوي, وكانت تقول لي لو كان والدك هو الذي اشتري لنا هذا المنزل فهل كنت سترفض؟ أليس والدي مثل والدك؟

بعد عام تقريبا من الزواج عرض حماي أن يفتح معرض سيارات كما فتح لشقيقي زوجتي وأن أقوم أنا بمباشرته بمساعدة أخيها ـ أحب أن أقول ان حماي وحماتي يحبانني وهما شخصان جميلان, وقد وافقا علي ان يزوجاني ابنتيهما بدون شروط أو حتي أن يريا عائلتي, فقط لأنني أصلي فرائضي, وحماي رجل مثقف ومتدين وأنا أحترمه كثيرا ـ وقالت لي زوجتي نفس الشيء, لو كان والدك هو الذي عرض المعرض فهل ستكون عندك حساسية؟ اليس هذا أفضل لمستقبلنا؟

ووافقت وتركت عملي في معرض السيارات, وبدأت أباشر معرض حماي, وكان الاتفاق أن آخذ ما نحتاجه والباقي من أجل العائلة. لم تتغير طبائع زوجتي فكانت مثل قبل الزواج, وكنا نتشاجر علي الأقل مرة أو اثنتين في الشهر, وكنت أنا دائما من يتنازل وعندما أصالحها يعود الوئام بيننا.

بمرور الوقت أصبحت أشعر اني من يتنازل دائما, فهي تري أنها دائما علي حق, أصبحت أشياء كثيرة تزعجني لكني أتركها بداخلي.

عندما كنا نزور صديقات زوجتي المتزوجات أو حتي اخوتها كنت أحس اني أجنبي, لا أفهم ما يقولون, لا اشاركهم الحديث, احيانا يتكلمون الانجليزية لكي أفهم أو يسألون شيئا عندما يلحظون صمتي, لكن يعودون للحديث معها بالتركية مجددا, وكان هذا يجعلني أبدو منطويا مع اني متكلم جيد, لم يكن لي هنا عائلة بل وصديق واحد أعزب لم ترد زوجتي ان يأتي الي البيت كما عودهم أبوهم, فكانت حياتي في العمل مع أخيها, بحساسيته وفي البيت مع صديقتها السورية وعندما نزور اخويها أو يأتون لنا. كنت أشعر بالراحة فقط مع زوجتي, عندما نكون وحدنا, أو عندما نخرج يوم الأحد معا, فأكون علي طبيعتي وقتها فقط.
أصبحت لا أحس بالاستقرار النفسي ولا العاطفي, لا أحس أن هذا البيت هو بيتي الذي تعبت لأشتريه, ولا أحس بالراحة فيه, بل أحس أني زائر فيه أو ضيف, ولست علي راحتي مع وجود امرأة أجنبية تعيش معنا فيه, ولا الاستقرار العاطفي بكثرة الخلافات التي كلما تحدث تتخطي فيها زوجتي حدود الأدب والاحترام ويبدأ الحديث عن الطلاق والفراق.

ولا أحس اني حققت ذاتي في عملي, فأنا دائما كنت أري نفسي سأحقق شيئا في المستقبل, ودائما ما أردت الاعتماد علي نفسي في تحقيقه دون مساعدة, وأنا قادر علي ذلك بمشيئة الله.. لكن ها أنا أعمل في معرض سيارات حماي, وحساسيات الاخوة عندما يقولون يجب أن تفعل هذا أو هذا خطأ, وأصبحت بعيدا تمام البعد عن حلم الهندسة أو غيره, وأسأل نفسي دوما هل يجب ان أرضي لارتاح؟ اليس هناك ناس يعملون أي عمل شريف ليدفعوا فقط المصاريف التي عليهم؟ علي الأقل أنا ليس لدي مشكلة مادية؟

ثانيا: أصبحت أنظر للنساء خارج البيت, فزوجتي عمرها33 عاما وهي جميلة ولكن بعد الزواج زاد وزنها لـ90 كيلو, وقد حاولت بطريقة غير مباشرة ان اقنعها ان تذهب معي الي الـGYM بدون أن أجرحها بأن أقول لها اني لا أحب السمنة ولكنها لا تحب أن تبذل مجهودا كما انها مدخنة وأنا أكره التدخين, وأقول لها بعد أن اتي الي المنزل عساك ان تغسلي اسنانك لكي أقبلك, دائما أقول لها كلام الغزل وانها اجمل امرأة في عيني.. وانا فعلا أحبها, واراها كـابنتي لا يوجد انجذاب كبير في العلاقة الحميمة.

ثالثا: ليس لدينا أولاد, زوجتي تقول انها لا تريد أولاد لانها لا تقدر علي تربيتهم فهي انهكت برعايتها لصديقتها طول هذه السنين كما أنها قد رعت شقيقيها الصغيرين عندما كانا يدرسان في أمريكا, وأنا كنت أقول لها لا تقولي هذا عندما يأتي الأطفال ستتغير رؤيتك, يجب ألا نقول من الآن مثل هذا الكلام, لكن بمرور الوقت أصبحت أري اني لو أنجبت منها فستكون هذه القاضية وستكون هذه حياتي للأبد, وكيف أنجب وأنا لا أحس بالاستقرار في زواجي؟

رابعا: الانصهار العائلي شبه معدوم, فأنا أتخيل لو سافرت تركيا كيف يكون حالي إذا كان هذا حالي هنا؟ وإذا تقابلت عائلتانا؟ وإذا انجبنا أطفالا؟ كيف سيربون؟ هل سأكون قادرا علي التأثير عليهم أو سيتأثرون بثقافة أمهم؟ ايضا أود أن أوضح اني قد حاولت الاصلاح بالكلام الحلو, بالهجر, وفي إحدي المشاجرات قلت لها إني اختنقت من صديقتها, من العمل الذي لاأحقق فيه ذاتي, مما أدي الي زيادة المشكلة وقتها, بعدها عندما صالحتها قالت لي افعل ما تريد لكني أعلم كما تعلم هي انني لا أقدر ان اتخلي عن معرض العائلة واقول لهم سأبحث عن عمل واني لا اقدر ما فعلوه ولا أهتم بمستقبل ابنتهم.. كما انه ليس بيدي شيء في موضوع صديقتها.

لو كان كلامي هذا بعد6 أشهر من الزواج قد تقولون لي اصبر فقد تغير وجهة نظرك, لكني أكتب اليكم بعد3 أعوام, وليست هذه المرة الأولي التي أجد نفسي فيها حائرا في أن أطلق زوجتي واترك هذه المعيشة وأبدأ البحث عما أريد في حياتي فبعد كل مشاجرة تخرج عن الأدب خاصة في العامين الاخيرين, اجد نفسي وكأني قد فقت من البنج واري كل هذه الاشياء, لكن فكرة الطلاق صعبة جدا خاصة مع وجود الحب والعشرة أو عندما أري زوجتي وتصعب علي فكرة ان اهدم علاقة8 سنين وأبدأ من الصفر, من الصفر في الزواج ومن الصفر في العمل.

ولكن ما النتيجة؟ ها أنا مازلت غير سعيد, غير مستقر, أسوأ مما كنت, ومازلت أفكر أطلقها أم لا؟
أرجو النصيحة: واعتذر علي طول رسالتي






سيدي.. أراك تقف في منطقة وسطي ما بين قرارين, الطلاق أو الاستمرار, وكأنك تحتاج الي رأي يغلب أحد الاختيارين ويحمل المسئولية عنك حتي يرتاح ضميرك.

لقد تزوجت وأنت تري كل عيوب شريكة حياتك قبل مزاياها, لم تفاجأ بشيء, هي نفسها المحبة, الكريمة, الشهمة, الملتزمة, وسليطة اللسان عنذ الغضب, تختلفان قبل وبعد الزواج ـ وانت الذي تصالح, بل ما زاد بعد الزواج كان لصالحها, احتوتك في بيتها, أهلها أكرموك ووفروا لك عملا ومعاملة حسنة, أقصد انها لم تتغير, أنت الذي تغيرت, وأسئلة ما بعد الزواج هي نفسها ما قبله, ولكنك تطرحها الآن بعد ان زاد وزنها واكتشفت انك لم تحقق ما كنت تصبو اليه.. تعيش فقط من عملك ولا توفر منه شيئا, وحقيقة لا أعرف اذا كنت تريد ان تبحث عن ذاتك وتحققها أم ان زواجك كان صفقة لم تحقق نتائجها كما توقعت.

سيدي.. اغفر لي ظنوني, لقد سافرت امريكا باحثا عن فرصة للعمل والنجاح, فوجدتها في تلك الفتاة, أهملت طموحك وفرطت في قوامتك باسم الحب.. قبلت ما لا تقبله الآن.. استكنت الي الحب كمبرر للتجاوز عما لا يعجبك, وتتشبث به الآن اذا قررت الاستمرار متحايلا علي واقع غير صحي.

سيدي.. اقترح ان تمنح نفسك وزوجتك فرصة أخري, فقد يكون ما تفعله زوجتك معك لانك لا تقوم بدورك كرجل كما يجب, تعيش في بيتها وتعمل بمال أبيها, أيعطيك هذا الحق في أن تحدد من يعيش معك في البيت أو تمارس قوامتك؟

لماذا لا تصر علي البحث عن عمل يناسب مؤهلاتك ويحقق طموحك ويصبح لديك هدف للحصول علي شقة مناسبة.. وعند ذلك اطلب منها ان تأتي لتعيش معك, فإذا كانت تحبك وتحرص عليك فستأتي معك وستثق بأنك حريص عليها, ليس لأنك تعيش معها وتعمل بمال والدها, ولكن لأنك تحبها, وإذا لم تفعل وأصرت علي اسلوب حياتها فلحظتها يمكنك اتخاذ قرار الانفصال وانت مرتاح الضمير.

سيدي.. تجاوزت في حديثي معك عما سردته عن الفوارق الثقافية واللغوية, لاني لا اراها في مثل حالتك مبررا للانفصال, ولكنها عوامل مساعدة, يمكن تجاوزها والتعايش معها إن اردنا, أو جعلها دوافع اضافية للطلاق, الذي هو أبغض الحلال عند الله سواء كان في مصر أو امريكا, فاجنح الي مرضاة الله في قرارك يجعل لك مخرجا!





*****************************

ليت الاحلام الوردية تظل وردية .. شعر محمود حسان


ليت الاحلام الوردية تظل وردية ..


وان اعيش واعطى لكل قلب هدية
لا الحياة منصفة ولا الانسان عادل ..
لا نعرف كيف نعيش ونظلم الحياة
لانعرف كيف نحب ونظلم القلوب .
لانعرف كيف نرى ونظلم عيوننا
فقط لاننا لم نجرب .. لم نحاول ..
لم نعرف كيف نحب بعضنا ..
لم نعرف كيف نساند بعضنا
لم نكاد نتوه حتى ننسى اصلنا
ويحك يا تفكيرى ..
ويحك يانظرتى للحياة
.. ليت لى قلبان..
لأحب بأحدهما واذوق الموت بالاخر
وانا اقف على قمة سحابة وانظر للاسفل ..
ارى البشر متقاربين ..
لكن الحق ان بينهم اميال واميال
فى التفكير وفى المحبه وفى الغروب
وفى الشروق ووقت الاصيل ..
نكاد ننسى اننا واحد ..اننا خلقنا لنساند انفسنا
لننشئ الطريق .. بايدينا..
لنفهم معنى الوجود معنى الانسانية ..
بنظرة كاتب شق الامل وحلم حلم
تمنى ان يسود العوالم كلها ..
وان ينشر المحبة ..فى اركان المعمورة