بداية اقسم لك بالله العظيم اني سأتحري الصدق في كل كلمة سيخطها قلمي علي الورق, وأرجو ألا يصيبك القرف من حكايتي فتلعنني قبل ان تكمل رسالتي فأنا لعنت نفسي ألف مرة.
أنا فتاة في الثامنة والعشرين من عمري وأصغر اخوتي الستة, انجبني أبي وهو في الستين من عمره ولذلك أسرف كثيرا في تدليلي,وكان كثيرا ما يقول حين يلومه اخوتي علي تدليلي الزائد: أبناء الشيبة يتامي وكأنه كان يقرأ المستقبل, فقد فقدته في بداية مرحلة دراستي الثانوية وكانت هزة شديدة عصفت بكياني كله وانطويت علي نفسي ولم يكن لي صديقات علي الإطلاق, ولفارق السن بيني وبين اخوتي لم يكن هناك أي تقارب بيني وبين أحد منهم, ووضعت همي في المذاكرة حتي حصلت علي الثانوية العامة بمجموع كبير مكنني من الالتحاق بكلية العمر التي حلمت بها.
وفي الجامعة بدأ الفصل الثاني من حياتي فقد لفت جمالي المبهر وانطوائي الشديد نظر الكثيرين من الصيادين, وأوقعني القدر في شباك احدهم وكان مدرسا مساعدا بالكلية وباسم الحب حصل مني علي كل مايريد, ولم أفق من سكرة الحب إلا في بداية النصف الثاني من العام الدراسي الأول علي كارثة سفره إلي اليابان للحصول علي الدكتوراه, وسافر ياسيدي دون ان يكلف نفسه حتي عناء وداعي وأنا التي صرت زوجته امام الله, المهم أفقدتني الصدمة توازني وتلقفتني احدي بنات ابليس من شياطين الإنس, وأخذت بيدي إلي أعماق بئر الوحل وصرت محترفة, وأغراني المكسب الهائل والعائد المادي الضخم وتزايد رصيد حسابي في البنك علي الاستمرار والمزيد والمزيد, ولا أعرف حتي هذه اللحظة كيف من الله علي بالستر فلم تصل أخباري إلي أمي أو احد من اخوتي, وطبعا أهملت دراستي وتكرر رسوبي وأنا لا أهتم.
ومنذ خمس سنوات بدأ الفصل الثالث من حياتي فقد اتصل بي أحد شركائي في شركتنا المدنسة وأعطاني عنوانا لأذهب لقضاء بعض الوقت مع صاحب هذا العنوان, وذهبت في الموعد المحدد وطرقت الباب وفتح لي رجل في نحو الخمسين من عمره يتمتع بجسد رياضي وصاحب اقوي وأجمل عينين شاهدتهما في حياتي ومن النظرة الأولي وقعت أسيرة عينيه القويتين المملوءتين بالقوة والحنان والعطف والحزن وبعد انتهاء مهمتي استبقاني الرجل علي غير العادة وطلب مني موعدا ثانيا, وفي الموعد الثاني وجدتني أحكي له كل شئ عن حياتي منذ ان وعيت علي الدنيا إلي تلك اللحظة وتعددت مقابلاتي مع الرجل وعرفت عنه كل شئ, فهو من اكبر رجال الأعمال في مدينتنا وبالطبع متزوج وله اثنان من الأبناء وثلاث من البنات.
وبعد شهر من المقابلة الأولي جاءتني المفاجأة الكبري لقد طلب مني الرجل ان أصبح له وحده وان اقطع صلتي بكل من عرفت في الماضي, وانه سيعوضني ماديا عن ذلك بأكثر مما كنت اكسب شرط ألا يمسني رجل غيره ولا أخفي عليك يا سيدي انني كنت قد بدأت أحبه, نعم أحبه فوافقت علي الفور وان كنت اخشي ان يتعرض لي احد من شركاء السوء في السابق, إلا انه طمأنني بأن أحدا لن يستطيع الاقتراب مني, وبالفعل عشت معه ياسيدي خمس سنوات كاملة مرت كأنها حلم جميل
وفي خلال هذه المدة فصلت من كليتي العملية لتكرار رسوبي ففوجئت به يسحب ملفي من هذه الكلية ويتقدم به إلي احدي الكليات النظرية المناسبة لمجموعي في الثانوية العامة وكان يدفع مصروفات الدراسة بنفسه ويشتري لي الكتب ويمتنع عن مقابلتي تماما اثناء الامتحانات حتي حصلت بعد أربع سنوات فقط علي الليسانس, فإنني ولدهشة جميع افراد اسرتي لم ارسب ولا سنة خلال سنين دراستي, والأكثر من ذلك انه قدمني للمحامي الذي يتولي اعمال شركته وهو من اكبر المحامين عندنا وألحقني بالعمل في مكتبه وقيدني في جدول المحامين المزاولين للمهنة تحت التمرين.
انقلبت حياتي يا سيدي بعد معرفتي بهذا الرجل مائة وثمانين درجة كاملة فقد أعاد لي ثقتي بنفسي واحترامي لذاتي, بل اعاد العلاقات التي كانت شبه مقطوعة بيني وبين والدتي واخوتي لتكرار رسوبي في كليتي العملية لما شاهدوا مدي انتظامي في دراستي الجديدة وانتظام مواعيد دخولي وخروجي واصبحت أحس بالأمان وأنا في ظله والاطمئنان النفسي وعدم الخوف من احد أو شئ, بل احسست بالنظافة ويا له من شعور رائع ان تشعر المرأة انها لرجل واحد يحبها وتحبه وليس جسدها مستباحا لكل من يدفع الثمن.
ولا تعجب يا سيدي فقد احبني الرجل وصار اكثر إخلاصا لي من اخلاصي له, حقا لقد كان ذلك في الظلام وفي الحرام ولكن بالتأكيد أفضل من حياتي الأولي.
وقد يجول في خاطرك سؤال يا سيدي وهو: مع كل ذلك الحب لماذا لم يتزوجني؟ لقد دار هذا السؤال في خاطري كثيرا وكان الشيطان يوسوس لي بأن سبب عدم اقترانه بي هو احتقاره لي نظرا للماضي المدنس ولكن سرعان ما اطرد هذه الفكرة من رأسي وأرجع ذلك لأسباب اخري منها فارق السن بيننا ومنها خوفه من زوجته شريكته في مشروعاته والتي تنتمي لإحدي أقوي عائلات محافظتنا ثراء ونفوذا. المهم عشت يا سيدي خمس سنوات كاملة شاركته فيها فرحه وحزنه, انتصاره وهزائمه, بل كنت ولا تندهش ياسيدي أسبق زوجته الرسمية في معرفة الأخبار السعيدة في حياته.
والآن تسألني يا سيدي: ما المشكلة؟ لقد بدأت المشكلة منذ نحو أسبوع, فقد فوجئت في أحد الأيام بصاحب مكتب المحاماة الذي أعمل به يستدعيني لمكتبه, وذهبت لمقابلته, وبعد السؤال عن أحوالي وخلافه, فوجئت به يسألني: هل تعرفين المحاسب فلان؟ وكان هذا المحاسب أحد المستثمرين الشباب, والذين يترددون علي مكتبنا لإنجاز بعض الأعمال من عقود وخلافه, وكان في نحو الثلاثين من عمره, ويتمتع بأدب جم وطموح شديد, وبالطبع دهشت للسؤال فاثنيت عليه لأستاذي فابتسم في سعادة, وهو يقول إنه قد تقدم لخطبتي منه
وطالب منه معرفة رأيي فيه قبل أن أحدد له موعدا مع أمي وأخوتي لزيارتهم وطلب خطبتي رسميا, وذلك بعد أن لاحظ مدي التزامي وأخلاقي الحسنة وعائلتي الطيبة بعد السؤال عنهم, وأنه ـ أقصد أستاذي ـ يؤيد ذلك الطالب بشدة, حيث إن هذا المحاسب يعتبره كابن من أبنائه, وهو من عائلة كبيرة, وصفاته رائعة, في المجمل هو عريس مثالي لا يرفض.
وأخرستني المفاجأة والجمتني عن الرد, ولكني تمالكت نفسي أخيرا, وطلبت من أستاذي مهلة للتفكير, وخرجت من مكتب الأستاذ والأرض تدور بي فلو تقدم هذا الشاب بالذات لأسرتي فلن استطيع رفضه فلقد نسيت أن أخبرك أنه خلال فترة الخمس سنوات السابقة تقدم لي أكثر من عريس رفضتهم جميعا بشتي الحجج, ولكن هذا الشاب لن أجد فيه عيبا واحدا استطيع أن أبني عليه رفضي.
المهم هاتفت حبيبي وطلبت سرعة مقابلتنا وفي عشنا أخبرته بالأمر, ويا الله أني لو عشت مائة سنة قادمة فلن استطيع أن أنسي هذا المنظر, هذا الجبل الأشم, هذا الهرم الشامخ وهو ينهار فجأة منخرطا في بكاء مرير, وهو يحتضنني بشدة, وبهذي بكثير من الكلمات لم أتبين منها, إلا أن حياته أصبحت مرتبطة ببقائي إلي جواره, وأن ذهابي إلي رجل آخر, هو إعلان لموته, واختلطت دموعه بدموعي, وأنا أخبره بصدق أنني لا اتخيل مطلقا نفسي مع رجل آخر.
ولم نستطع في هذه المقابلة مناقشة الأمر, وقبل أن أصل إلي منزلي كان حبيبي يهاتفني ويطلب مني أن أقابله في الغد, وفي هذا الموعد يا سيدي تحدثنا وتصارحنا كما لم نتحدث أو نتصارح من قبل, وعلمت منه أن السبب الوحيد لعدم اقدامه علي الزواج مني هو خوفه علي من انتقام أهل زوجته المفتريين مني هذا في حالة قبول أخوتي لذلك الزواج وأنه لا ينظر مطلقا إلي فارق السن بيننا أو إلي ماضي الملوث فماضيه أكثر تلويثا مني لأن الرجل الذي يحصل علي متعته بنقوده أكثر دعارة من الأنثي التي تقبض الثمن, وفي النهاية طلب مني يا سيدي الاختيار ما بين أمرين كلاهما أمر من الآخر الأول أن نستمر في حياتنا هكذا, والثاني أن كنت أريد الزواج والاستقرار فإنه علي استعداد للتقدم لإخوتي وطلب يدي رسميا وإعلان زواجنا للكل, ولو كان في ذلك تدميره المهم أن نبقي معا.
وتركته وعدت إلي المنزل ولم أنم ليلتها من كثرة التفكير فالاختيار الأول سيجعلني أستمر إلي ما لا نهاية في هذا الوضع الشائك, وأولا وأخيرا فهو وضع فيه ما فيه من اغضاب المولي عز وجل وخاصة بعد أن جاءت لي فرصة التطهر من كل الآثام والاستقرار والخيار الثاني هل هو الصواب, وهل زواجي بحبيبي فيه مصلحته ومصلحتي؟ وهل سيستطيع حقا مواجهة أسرته بخبر زواجنا؟, وهل رد الجميل من طرفي لهذا الرجل أن اتسبب في تدمير حياته بالزواج مني؟ ولم استطع الوصول إلي رأي أرتاح له حتي أزف موعد ذهابي إلي المكتب وهناك وجدت في انتظاري مفاجأة أخري أو قل كارثة أخري فقد علمت من الأستاذ أن( حبيبي) قد أصابته مساء أمس أزمة قلبية حادة وهو عائد إلي منزله, ونقل علي أثرها إلي العناية المركزة وحالته حرجة جدا.
سيدي: أنني الآن في مفترق الطرق فأنا لا أخفي عليك حقي في أن أعيش وأتزوج وانجب, ولكن حبيبي الذي لم يتحمل قلبه مجرد التفكير في تركي له هل سيتحمل هذا القلب زواجي من سواه؟ لو حدث له شئ فهل استطيع أن أحيا بعدها دون الاحساس بأني قاتلة؟.
رد الكاتب :
{{ سيدتي: أتردد كثيرا في نشر مثل هذه القصص, التي يصر بطلها علي المعصية, لأني أحس أن الكلام معه غير مجد, فالحلال بين كما الحرام, والانسان الطبيعي عندما يذهب إلي الخطيئة, يتمني من داخله أن يبرحها ويدعو الله أن يغفر له, أما الذي يربط سعادته وحياته بالاستمرار في خطيئته فلن يلتفت إلي ما يدعوه للطريق الصواب.
ومع كل ذلك وجدت في حكايتك ما يستحق التوقف لعله يفيد الآخرين, كما تلمست رغبات متصارعة في داخلك قد تنقذك مما أنت فيه الآن.
دعيني أتوقف أولا مع مقولة والدك أبناء الشيبة يتامي تلك الجملة التي دفعته إلي الاسراف في تدليلك, وبالتالي انتقلت حالة التدليل من الأب إلي كل الأسرة, فهناك فارق كبير بين التدليل والاهتمام.. والأول هو الذي أفقدك مناعتك مبكرا وأنت مازلت في سنتك الأولي الجامعية, فوقعت في شباك مدرسك, في غياب أي رقابة أسرية لفتاة في مثل عمرك, تغادر مجتمعها الصغير المدلل, إلي عالم صاخب يختلط فيه شياطين الانس مع شياطين الأرض.
استدرجك المدرس باسم الحب, وباسمه حصل علي كل ما يريد جملة ترددها البنات بعد فوات الأوان, فليس هذا هو الحب, وليس باسمه نمنح الآخرين ما يريدون, لأن الاصل في الحب هو أن يحصل كل منكما علي ما يريده من الآخر بمظلة شرعية وأخلاقية اسمها الزواج, وبدون هذه المظلة, ليس له أن يأخذ وليس لك أن تعطي, وغير مقبول تلك الصيغ الزائفة بأن تقولي إنك كنت يوما زوجته أمام الله.
سيدتي.. بدلا من أن تفيقي من غفلتك وتستغفري الله علي ما فعلت, استسلمت لواحدة من بنات إبليس ألم تفكري أنك ستصيرين واحدة منهن؟ ما الذي يدفع بنتا من أسرة طيبة أن تذهب إلي هذا الطريق؟ لم تعد المشكلة هنا في سذاجة فتاة انجرفت إلي الخطيئة باسم الحب, ولكن المأساة في فتاة قررت أن تحترف السقوط بمقابل؟ أتدركين إلي أي مستنقع ذهبت وعشت؟ اتدرين ـ لولا ستر الله ـ حجم الفضيحة التي يمكن أن تلم بأهلك؟
ألم تفكري لحظة واحدة ماذا لو سقطت في أيدي بوليس الآداب وألقي بك في السجن؟
سيدتي ها أنت تخرجين من المستنقع ولكن إلي أين؟.. إلي مستنقع خاص, ترين سعادتك الآن مع رجل واحد يحبها وتحبه, وليس جسدها مباحا لكل من يدفع الثمن.. سترك الله ولم تقدري معني وقيمة هذا الستر, الذي قد يكون سترا لأسرتك.. أليس جسدك مباحا لهذا الرجل وهو يدفع لك الثمن؟
ألا ترين أنها نفس الخطيئة ولكنك تبحثين عن مبررات لاستمرارها؟
علي مدي خمس سنوات وأنت ترفضين العرسان بحجج مختلفة, ألم يكن لديك مبرر واحد للخروج من هذا الوحل؟
تقولين إنه خشي عليك إن تزوجك من أسرة زوجته, أو لم يكن من الأجدي أن يتزوجك سرا طوال هذه المدة؟
سيدتي: لا أريد بكلماتي السابقة أن أقسو عليك ـ مع أنك تستحقين القسوة ـ ولكني أتمني أن تري واقعك الذي تعيشينه حتي تتخذي قرارك الصحيح.
فليس من المعقول ولا المقبول أن ينحاز تفكيرك طول الوقت إلي هذا الرجل, صحته, أسرته, أمواله, وأنت أين؟.. لقد أخذ هذا الرجل كل حقوقه, من زوجة وأولاد وثروة, ثم امرأة في الحرام, مقابل ماذا؟ أنفق عليك في التعليم, وهل كانت أسرتك عاجزة عن هذا؟ منحك الحب؟ وهل الزواج كان يعيق هذا؟
تسألينني عن رأيي, وأقول لك بدون تردد: اقطعي صلتك بهذا الرجل فورا.. طهري نفسك من الدنس, وقدري خطيئتك الكبري, واستغفري الله كثيرا.. فإذا كان صادقا فيما قاله لك فليتقدم إلي أسرتك طالبا الزواج منك, فالله أحق بالخشية, لا الزوجة والعائلة الكبري, أما إذا لم يفعل فلا تقبلي هذا المستثمر الذي يريد الزواج بك, لأنك غير أهل لمثله الآن, استعيدي نفسك أولا
عودي إلي فطرتك وطهارتك, وحققي ذاتك في العمل, وعندما تشعرين بأنك تلك الفتاة الشريفة التي تستعظم الخطأ, وأن الله تاب عليك وغفرلك, ولهذا أمارات ستعرفينها في وقتها.. في تلك اللحظة سيأتيك الانسان المناسب لك, غفر الله لك ولنا وتاب علينا جميعا.
أنا فتاة في الثامنة والعشرين من عمري وأصغر اخوتي الستة, انجبني أبي وهو في الستين من عمره ولذلك أسرف كثيرا في تدليلي,وكان كثيرا ما يقول حين يلومه اخوتي علي تدليلي الزائد: أبناء الشيبة يتامي وكأنه كان يقرأ المستقبل, فقد فقدته في بداية مرحلة دراستي الثانوية وكانت هزة شديدة عصفت بكياني كله وانطويت علي نفسي ولم يكن لي صديقات علي الإطلاق, ولفارق السن بيني وبين اخوتي لم يكن هناك أي تقارب بيني وبين أحد منهم, ووضعت همي في المذاكرة حتي حصلت علي الثانوية العامة بمجموع كبير مكنني من الالتحاق بكلية العمر التي حلمت بها.
وفي الجامعة بدأ الفصل الثاني من حياتي فقد لفت جمالي المبهر وانطوائي الشديد نظر الكثيرين من الصيادين, وأوقعني القدر في شباك احدهم وكان مدرسا مساعدا بالكلية وباسم الحب حصل مني علي كل مايريد, ولم أفق من سكرة الحب إلا في بداية النصف الثاني من العام الدراسي الأول علي كارثة سفره إلي اليابان للحصول علي الدكتوراه, وسافر ياسيدي دون ان يكلف نفسه حتي عناء وداعي وأنا التي صرت زوجته امام الله, المهم أفقدتني الصدمة توازني وتلقفتني احدي بنات ابليس من شياطين الإنس, وأخذت بيدي إلي أعماق بئر الوحل وصرت محترفة, وأغراني المكسب الهائل والعائد المادي الضخم وتزايد رصيد حسابي في البنك علي الاستمرار والمزيد والمزيد, ولا أعرف حتي هذه اللحظة كيف من الله علي بالستر فلم تصل أخباري إلي أمي أو احد من اخوتي, وطبعا أهملت دراستي وتكرر رسوبي وأنا لا أهتم.
ومنذ خمس سنوات بدأ الفصل الثالث من حياتي فقد اتصل بي أحد شركائي في شركتنا المدنسة وأعطاني عنوانا لأذهب لقضاء بعض الوقت مع صاحب هذا العنوان, وذهبت في الموعد المحدد وطرقت الباب وفتح لي رجل في نحو الخمسين من عمره يتمتع بجسد رياضي وصاحب اقوي وأجمل عينين شاهدتهما في حياتي ومن النظرة الأولي وقعت أسيرة عينيه القويتين المملوءتين بالقوة والحنان والعطف والحزن وبعد انتهاء مهمتي استبقاني الرجل علي غير العادة وطلب مني موعدا ثانيا, وفي الموعد الثاني وجدتني أحكي له كل شئ عن حياتي منذ ان وعيت علي الدنيا إلي تلك اللحظة وتعددت مقابلاتي مع الرجل وعرفت عنه كل شئ, فهو من اكبر رجال الأعمال في مدينتنا وبالطبع متزوج وله اثنان من الأبناء وثلاث من البنات.
وبعد شهر من المقابلة الأولي جاءتني المفاجأة الكبري لقد طلب مني الرجل ان أصبح له وحده وان اقطع صلتي بكل من عرفت في الماضي, وانه سيعوضني ماديا عن ذلك بأكثر مما كنت اكسب شرط ألا يمسني رجل غيره ولا أخفي عليك يا سيدي انني كنت قد بدأت أحبه, نعم أحبه فوافقت علي الفور وان كنت اخشي ان يتعرض لي احد من شركاء السوء في السابق, إلا انه طمأنني بأن أحدا لن يستطيع الاقتراب مني, وبالفعل عشت معه ياسيدي خمس سنوات كاملة مرت كأنها حلم جميل
وفي خلال هذه المدة فصلت من كليتي العملية لتكرار رسوبي ففوجئت به يسحب ملفي من هذه الكلية ويتقدم به إلي احدي الكليات النظرية المناسبة لمجموعي في الثانوية العامة وكان يدفع مصروفات الدراسة بنفسه ويشتري لي الكتب ويمتنع عن مقابلتي تماما اثناء الامتحانات حتي حصلت بعد أربع سنوات فقط علي الليسانس, فإنني ولدهشة جميع افراد اسرتي لم ارسب ولا سنة خلال سنين دراستي, والأكثر من ذلك انه قدمني للمحامي الذي يتولي اعمال شركته وهو من اكبر المحامين عندنا وألحقني بالعمل في مكتبه وقيدني في جدول المحامين المزاولين للمهنة تحت التمرين.
انقلبت حياتي يا سيدي بعد معرفتي بهذا الرجل مائة وثمانين درجة كاملة فقد أعاد لي ثقتي بنفسي واحترامي لذاتي, بل اعاد العلاقات التي كانت شبه مقطوعة بيني وبين والدتي واخوتي لتكرار رسوبي في كليتي العملية لما شاهدوا مدي انتظامي في دراستي الجديدة وانتظام مواعيد دخولي وخروجي واصبحت أحس بالأمان وأنا في ظله والاطمئنان النفسي وعدم الخوف من احد أو شئ, بل احسست بالنظافة ويا له من شعور رائع ان تشعر المرأة انها لرجل واحد يحبها وتحبه وليس جسدها مستباحا لكل من يدفع الثمن.
ولا تعجب يا سيدي فقد احبني الرجل وصار اكثر إخلاصا لي من اخلاصي له, حقا لقد كان ذلك في الظلام وفي الحرام ولكن بالتأكيد أفضل من حياتي الأولي.
وقد يجول في خاطرك سؤال يا سيدي وهو: مع كل ذلك الحب لماذا لم يتزوجني؟ لقد دار هذا السؤال في خاطري كثيرا وكان الشيطان يوسوس لي بأن سبب عدم اقترانه بي هو احتقاره لي نظرا للماضي المدنس ولكن سرعان ما اطرد هذه الفكرة من رأسي وأرجع ذلك لأسباب اخري منها فارق السن بيننا ومنها خوفه من زوجته شريكته في مشروعاته والتي تنتمي لإحدي أقوي عائلات محافظتنا ثراء ونفوذا. المهم عشت يا سيدي خمس سنوات كاملة شاركته فيها فرحه وحزنه, انتصاره وهزائمه, بل كنت ولا تندهش ياسيدي أسبق زوجته الرسمية في معرفة الأخبار السعيدة في حياته.
والآن تسألني يا سيدي: ما المشكلة؟ لقد بدأت المشكلة منذ نحو أسبوع, فقد فوجئت في أحد الأيام بصاحب مكتب المحاماة الذي أعمل به يستدعيني لمكتبه, وذهبت لمقابلته, وبعد السؤال عن أحوالي وخلافه, فوجئت به يسألني: هل تعرفين المحاسب فلان؟ وكان هذا المحاسب أحد المستثمرين الشباب, والذين يترددون علي مكتبنا لإنجاز بعض الأعمال من عقود وخلافه, وكان في نحو الثلاثين من عمره, ويتمتع بأدب جم وطموح شديد, وبالطبع دهشت للسؤال فاثنيت عليه لأستاذي فابتسم في سعادة, وهو يقول إنه قد تقدم لخطبتي منه
وطالب منه معرفة رأيي فيه قبل أن أحدد له موعدا مع أمي وأخوتي لزيارتهم وطلب خطبتي رسميا, وذلك بعد أن لاحظ مدي التزامي وأخلاقي الحسنة وعائلتي الطيبة بعد السؤال عنهم, وأنه ـ أقصد أستاذي ـ يؤيد ذلك الطالب بشدة, حيث إن هذا المحاسب يعتبره كابن من أبنائه, وهو من عائلة كبيرة, وصفاته رائعة, في المجمل هو عريس مثالي لا يرفض.
وأخرستني المفاجأة والجمتني عن الرد, ولكني تمالكت نفسي أخيرا, وطلبت من أستاذي مهلة للتفكير, وخرجت من مكتب الأستاذ والأرض تدور بي فلو تقدم هذا الشاب بالذات لأسرتي فلن استطيع رفضه فلقد نسيت أن أخبرك أنه خلال فترة الخمس سنوات السابقة تقدم لي أكثر من عريس رفضتهم جميعا بشتي الحجج, ولكن هذا الشاب لن أجد فيه عيبا واحدا استطيع أن أبني عليه رفضي.
المهم هاتفت حبيبي وطلبت سرعة مقابلتنا وفي عشنا أخبرته بالأمر, ويا الله أني لو عشت مائة سنة قادمة فلن استطيع أن أنسي هذا المنظر, هذا الجبل الأشم, هذا الهرم الشامخ وهو ينهار فجأة منخرطا في بكاء مرير, وهو يحتضنني بشدة, وبهذي بكثير من الكلمات لم أتبين منها, إلا أن حياته أصبحت مرتبطة ببقائي إلي جواره, وأن ذهابي إلي رجل آخر, هو إعلان لموته, واختلطت دموعه بدموعي, وأنا أخبره بصدق أنني لا اتخيل مطلقا نفسي مع رجل آخر.
ولم نستطع في هذه المقابلة مناقشة الأمر, وقبل أن أصل إلي منزلي كان حبيبي يهاتفني ويطلب مني أن أقابله في الغد, وفي هذا الموعد يا سيدي تحدثنا وتصارحنا كما لم نتحدث أو نتصارح من قبل, وعلمت منه أن السبب الوحيد لعدم اقدامه علي الزواج مني هو خوفه علي من انتقام أهل زوجته المفتريين مني هذا في حالة قبول أخوتي لذلك الزواج وأنه لا ينظر مطلقا إلي فارق السن بيننا أو إلي ماضي الملوث فماضيه أكثر تلويثا مني لأن الرجل الذي يحصل علي متعته بنقوده أكثر دعارة من الأنثي التي تقبض الثمن, وفي النهاية طلب مني يا سيدي الاختيار ما بين أمرين كلاهما أمر من الآخر الأول أن نستمر في حياتنا هكذا, والثاني أن كنت أريد الزواج والاستقرار فإنه علي استعداد للتقدم لإخوتي وطلب يدي رسميا وإعلان زواجنا للكل, ولو كان في ذلك تدميره المهم أن نبقي معا.
وتركته وعدت إلي المنزل ولم أنم ليلتها من كثرة التفكير فالاختيار الأول سيجعلني أستمر إلي ما لا نهاية في هذا الوضع الشائك, وأولا وأخيرا فهو وضع فيه ما فيه من اغضاب المولي عز وجل وخاصة بعد أن جاءت لي فرصة التطهر من كل الآثام والاستقرار والخيار الثاني هل هو الصواب, وهل زواجي بحبيبي فيه مصلحته ومصلحتي؟ وهل سيستطيع حقا مواجهة أسرته بخبر زواجنا؟, وهل رد الجميل من طرفي لهذا الرجل أن اتسبب في تدمير حياته بالزواج مني؟ ولم استطع الوصول إلي رأي أرتاح له حتي أزف موعد ذهابي إلي المكتب وهناك وجدت في انتظاري مفاجأة أخري أو قل كارثة أخري فقد علمت من الأستاذ أن( حبيبي) قد أصابته مساء أمس أزمة قلبية حادة وهو عائد إلي منزله, ونقل علي أثرها إلي العناية المركزة وحالته حرجة جدا.
سيدي: أنني الآن في مفترق الطرق فأنا لا أخفي عليك حقي في أن أعيش وأتزوج وانجب, ولكن حبيبي الذي لم يتحمل قلبه مجرد التفكير في تركي له هل سيتحمل هذا القلب زواجي من سواه؟ لو حدث له شئ فهل استطيع أن أحيا بعدها دون الاحساس بأني قاتلة؟.
رد الكاتب :
{{ سيدتي: أتردد كثيرا في نشر مثل هذه القصص, التي يصر بطلها علي المعصية, لأني أحس أن الكلام معه غير مجد, فالحلال بين كما الحرام, والانسان الطبيعي عندما يذهب إلي الخطيئة, يتمني من داخله أن يبرحها ويدعو الله أن يغفر له, أما الذي يربط سعادته وحياته بالاستمرار في خطيئته فلن يلتفت إلي ما يدعوه للطريق الصواب.
ومع كل ذلك وجدت في حكايتك ما يستحق التوقف لعله يفيد الآخرين, كما تلمست رغبات متصارعة في داخلك قد تنقذك مما أنت فيه الآن.
دعيني أتوقف أولا مع مقولة والدك أبناء الشيبة يتامي تلك الجملة التي دفعته إلي الاسراف في تدليلك, وبالتالي انتقلت حالة التدليل من الأب إلي كل الأسرة, فهناك فارق كبير بين التدليل والاهتمام.. والأول هو الذي أفقدك مناعتك مبكرا وأنت مازلت في سنتك الأولي الجامعية, فوقعت في شباك مدرسك, في غياب أي رقابة أسرية لفتاة في مثل عمرك, تغادر مجتمعها الصغير المدلل, إلي عالم صاخب يختلط فيه شياطين الانس مع شياطين الأرض.
استدرجك المدرس باسم الحب, وباسمه حصل علي كل ما يريد جملة ترددها البنات بعد فوات الأوان, فليس هذا هو الحب, وليس باسمه نمنح الآخرين ما يريدون, لأن الاصل في الحب هو أن يحصل كل منكما علي ما يريده من الآخر بمظلة شرعية وأخلاقية اسمها الزواج, وبدون هذه المظلة, ليس له أن يأخذ وليس لك أن تعطي, وغير مقبول تلك الصيغ الزائفة بأن تقولي إنك كنت يوما زوجته أمام الله.
سيدتي.. بدلا من أن تفيقي من غفلتك وتستغفري الله علي ما فعلت, استسلمت لواحدة من بنات إبليس ألم تفكري أنك ستصيرين واحدة منهن؟ ما الذي يدفع بنتا من أسرة طيبة أن تذهب إلي هذا الطريق؟ لم تعد المشكلة هنا في سذاجة فتاة انجرفت إلي الخطيئة باسم الحب, ولكن المأساة في فتاة قررت أن تحترف السقوط بمقابل؟ أتدركين إلي أي مستنقع ذهبت وعشت؟ اتدرين ـ لولا ستر الله ـ حجم الفضيحة التي يمكن أن تلم بأهلك؟
ألم تفكري لحظة واحدة ماذا لو سقطت في أيدي بوليس الآداب وألقي بك في السجن؟
سيدتي ها أنت تخرجين من المستنقع ولكن إلي أين؟.. إلي مستنقع خاص, ترين سعادتك الآن مع رجل واحد يحبها وتحبه, وليس جسدها مباحا لكل من يدفع الثمن.. سترك الله ولم تقدري معني وقيمة هذا الستر, الذي قد يكون سترا لأسرتك.. أليس جسدك مباحا لهذا الرجل وهو يدفع لك الثمن؟
ألا ترين أنها نفس الخطيئة ولكنك تبحثين عن مبررات لاستمرارها؟
علي مدي خمس سنوات وأنت ترفضين العرسان بحجج مختلفة, ألم يكن لديك مبرر واحد للخروج من هذا الوحل؟
تقولين إنه خشي عليك إن تزوجك من أسرة زوجته, أو لم يكن من الأجدي أن يتزوجك سرا طوال هذه المدة؟
سيدتي: لا أريد بكلماتي السابقة أن أقسو عليك ـ مع أنك تستحقين القسوة ـ ولكني أتمني أن تري واقعك الذي تعيشينه حتي تتخذي قرارك الصحيح.
فليس من المعقول ولا المقبول أن ينحاز تفكيرك طول الوقت إلي هذا الرجل, صحته, أسرته, أمواله, وأنت أين؟.. لقد أخذ هذا الرجل كل حقوقه, من زوجة وأولاد وثروة, ثم امرأة في الحرام, مقابل ماذا؟ أنفق عليك في التعليم, وهل كانت أسرتك عاجزة عن هذا؟ منحك الحب؟ وهل الزواج كان يعيق هذا؟
تسألينني عن رأيي, وأقول لك بدون تردد: اقطعي صلتك بهذا الرجل فورا.. طهري نفسك من الدنس, وقدري خطيئتك الكبري, واستغفري الله كثيرا.. فإذا كان صادقا فيما قاله لك فليتقدم إلي أسرتك طالبا الزواج منك, فالله أحق بالخشية, لا الزوجة والعائلة الكبري, أما إذا لم يفعل فلا تقبلي هذا المستثمر الذي يريد الزواج بك, لأنك غير أهل لمثله الآن, استعيدي نفسك أولا
عودي إلي فطرتك وطهارتك, وحققي ذاتك في العمل, وعندما تشعرين بأنك تلك الفتاة الشريفة التي تستعظم الخطأ, وأن الله تاب عليك وغفرلك, ولهذا أمارات ستعرفينها في وقتها.. في تلك اللحظة سيأتيك الانسان المناسب لك, غفر الله لك ولنا وتاب علينا جميعا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق