السبت، 6 نوفمبر 2010

عرفت الله من بريد الجمعة

كان من الطبيعي أن تصلك رسالتي هذه منذ ما يقرب من خمسة شهور‏,‏ وبالتحديد منذ نشر رسالة ستر الله والتي حكي فيها رجل أنه كان قناص نساء‏,‏ وانه التقي بفريسته في إحدي المناسبات‏,‏ وتبادلا الهواتف وبعد معاناة ووقت طويل أقنعها بالذهاب اليه في شقته‏,‏ وبينما هي في الطريق اليه بسيارتها وقع لها حادث وأصيبت إصابات جسيمة ونقلت إلي المستشفي‏,‏ وعندما ذهب اليها‏,‏ اكتشف من الأطباء بعد أخذ عينة دم انها مصابة بالإيدز‏,‏ وأحس أنها رسالة من الله‏,‏ فتاب اليه وأعرض عما كان يفعل‏,‏ وحاول التكفير عن خطاياه في حقوق الآخرين‏.‏

وجاء ردك عليه مطمئنا لكل من تاب إلي الله‏,‏ ومحذرا لكل من غرته الدنيا فأوغل في المعصية متجاهلا أو غافلا ان عين الله لاتنام‏,‏ ولأنه كاتب الرسالة فقد اهتممت به‏,‏ وتجاهلت أو أغفلت تلك السيدة الأخري‏,‏ الضحية‏,‏ أو الجاني‏,‏ فلم تقل لها أو عنها شيئا‏,‏ وجاءت بعد ذلك تعليقات السادة القراء‏,‏ لتؤكد أن الجميع قد نام واستراح‏,‏ لأنها لاقت جزاءها ودفعت ثمن انجرافها نحو الخطيئة‏,‏ وكأنه من المستبعد ان تكون هي الأخري ضحية له ولغيره من الرجال‏,‏ وانها قد تكون تابت الي الله راجية أن يتوب عليها ويغفر لها‏.‏

سيدي‏...‏ تتساءل‏:‏ لماذا أكتب إليك هذا‏,‏ ولماذا كان يجب أن تصلك رسالتي منذ شهور بعيدة‏,‏ ولماذا تأخرت في الكتابة إليك؟

من المحتمل ياسيدي أن أكون أنا تلك المرأة الملعونة التي انتقم منها الله بحادث سيارة مفزع‏,‏ وقبل ان تفيق من مصيبتها اكتشفت انها مصابة بالإيدز‏...‏ فالقصة التي حكاها هذا الرجل تتشابه كثيرا مع ما حدث لي‏,‏ مع بعض الاختلافات والتي قد تكون مقصودة منه أو منك لإخفاء ملامح الشخصية‏,‏ خاصة أنك أخفيت وظيفته وما قد يشير إلي محل إقامته‏.‏

ليس مهما اذا كنت أنا هي تلك المرأة أم لا‏..‏ ولكني وجه آخر للحقيقة‏..‏ وجه آخر للمأساة‏,‏ للحلم والضياع‏,‏ للانحراف والتوبة‏.‏

دعني أبدأ لك من البداية‏,‏ لعلك وقراءك تجدون في قصتي ما يستحق التأمل والتماس الأعذار للآخرين حتي لو كانوا من الخطائين‏.‏

نشأت مثل كثير من الفتيات في أسرة طيبة‏,‏ فتاة واحدة مع ولدين‏..‏ والداي كانا يعملان في مجال التدريس‏..‏ عشنا معا سنوات في الخليج‏,‏ كانت من أحلي سنوات العمر‏,‏ وأن كان بها ما عكر صفو حياتي وحياة أسرتي لعدة شهور‏,‏ عندما تعرضت لحادث أدخلني غرفة العمليات لأجري جراحة خطيرة وكان الله لطيفا بي‏,‏ فشفيت وأكملت أيامي حتي حصلت علي الثانوية العامة‏,‏ فعدت الي مصر وحدي لأعيش مع جدتي والتحق بالجامعة‏.‏

لك أن تتخيل فتاة صغيرة عمرها‏18‏ عاما‏,‏ عاشت سنوات عمرها في مدينة هادئة‏,‏ في أحضان أسرتها‏,‏ لاتري من الحياة إلا ما يسر ويبهج‏,‏ تجد نفسها وحيدة في مدينة صاخبة مليئة بالمتناقضات‏..‏ حياة أخري غير التي عشتها‏..‏ لا أحد يقول لي ما الصواب وما الخطأ‏..‏ نعم معي نقود ليست مع زميلاتي‏,‏ لي سيارتي الخاصة‏,‏ لا أحد يقول لي‏:‏ افعلي ولا تفعلي‏..‏ صدقني كنت أعود الي جدتي باكية‏,‏ مفزوعة مما أراه‏..‏ أشكو لأمي وأطالبها بالعودة‏,‏ فتقول لي‏:‏ انت كبيرة‏,‏ بكرة تتعودي‏,‏ احنا واثقين فيك‏,‏ وبعدين اخواتك لازم ياخدو الثانوية من هنا‏...‏ هنيجي في اجازة نصف السنة‏.‏

تقوقعت داخل نفسي‏,‏ وانعزلت عن زملائي وزميلاتي‏,‏ وتحملت طويلا غمزاتهم وسخريتهم مني‏,‏ حتي بدأت أندمج تدريجيا معهم في عامي الدراسي الثاني‏..‏ وبدأت أري ما لم أكن أراه أو أعرفه‏...‏ تعلمت السهر وشرب السجائر‏,‏ ودخل قاموسي كلمات لم أكن أعرفها أو أقبلها‏,‏ مثل صديقي‏,‏ وتظبيط وغيرهما من الكلمات التي تعكس ثقافة انفلات وفوضي وشباب لم يجد من يربيه‏.‏

تسألني‏:‏ أين جدتي؟ أجيبك أنها زهقت مني وتعبت من الكلام معي‏,‏ واستعانت بوالدي‏,‏ فكنت أصم أذني عن صراخهما في الهاتف وتهديدهما المتكرر‏,‏ سحبوا موبايلي‏,‏ ومنعتني جدتي من الخروج ليلا‏,‏ فكنت أغافلها حتي تنام ثم أسرق مفتاح الشقة وأهرب‏.‏

لم أكن سعيدة بما أفعل‏,‏ ولم أكن أراه صوابا‏,‏ ولكن شيئا ما بداخلي كان يحركني ويدفعني لتبرير ما أفعله بأنه عقاب لوالدي لأنهما اختارا الفلوس علي حساب الاهتمام بي‏.‏

سيدي‏...‏ أرجو ألا يجنح تفكيرك بي‏,‏ فعلي الرغم من كل ما فعلته‏,‏ إلا أن هناك حدودا كنت أقف عندها‏...‏ مغامرات محدودة وتصرفات وتجمعات شبابية حول الرقص وتدخين المخدرات ـ أحيانا ـ والسفر خارج حدود العاصمة في أي وقت ـ كل واحد له حكاية ومأساة‏,‏ ما بين سفر الآباء‏,‏ طلاقهم‏,‏ شجارهم‏,‏ أو انشغالهم بعملهم علي حساب الأبناء‏..‏ كل واحد منهم يعتقد أنه وفر لابنه كل شيء‏,‏ لمجرد انه يغدق عليه بالمال‏.‏

لو سألتنا جميعا لقلنا بعلو صوتنا‏,‏ نحن لسنا سعداء‏...‏ كنا في حاجة إلي حنان أهالينا وتفهمهم ورقابتهم وحتي قسوتهم ولكننا لم نجد‏.‏

تفاصيل كثيرة‏,‏ لا أريد أن أبعد بها عن القصة الرئيسية‏,‏ عن ذلك اليوم الذي اكتشفت فيه اني مريضة بالإيدز وأنا في طريقي لارتكاب المعصية الكبري‏.‏

في صيف عام‏2003‏ عادت أسرتي من الخارج وكنت وقتها قد أنهيت عامي الدراسي الأخير بالجامعة‏,‏ عادوا ومعهم عريس‏,‏ ابن أحد أصدقائهم‏,‏ جاوز الثلاثين بقليل‏,‏ وجمع ثروة لا بأس بها‏,‏ وعاد الي مصر ليفتتح شركة في مجال التصدير والاستيراد‏,‏ رأي فيه والداي عريسا مناسبا يستر عارهما قبل أن يشيع بين الناس‏,‏ لم يستمعا الي رفضي‏,‏ أو رغبتي في منحنا فرصة للتعارف أو التفاهم‏..‏ فهما مرتبطان بموعد للعودة‏,‏ والعريس جاهز‏,‏ شقته معدة حسب مزاجه وذوقه‏,‏ ولا ينقصها إلا الدبيحة‏,‏ أقصد العروس التي هي أنا‏.‏

هو كان مثلهما جافا‏,‏ سعيدا بجمالي‏,‏ ولم ينظر قط الي تفكيري أو احتياجي‏..‏ وخلال أسابيع قليلة انتهي كل شيء‏,‏ أصبحت زوجته وسجينته‏.‏

عشت أسوأ أيام عمري مع رجل قاس‏,‏ لم يفكر يوما في احتياجاتي النفسية قبل الجسدية‏...‏ يسخر من كل شيء أقوله أو أفعله‏,‏ ليس علي سوي تنفيذ رغباته لإرضاء رجولته المزعومة‏..‏ حرمني من كل الأصدقاء‏,‏ حتي تليفوني كان مستباحا منه‏.‏

ذات يوم تجرأت ونحن في لحظة خاصة‏,‏ وقلت له لماذا لا تفكر في إسعادي‏,‏ فاستدرجني في الكلام‏,‏ حتي قلت له اني غير مستمتعة معه وانه يظلمني ويحرمني حقوقي‏,‏ فقال لي انت امرأة ساقطة وباردة وسأعيد تربيتك من جديد‏,‏ وانهال علي ضربا وسبا‏,‏ حتي تورم وجهي وجسدي‏..‏ وكانت هذه هي بداية انتهاء آدميتي‏..‏ فقد تفرغ زوجي لتدميري‏,‏ لسحق أي إحساس بأنوثتي‏..‏ كان اليوم الذي يمر بدون ضرب لا يحسب من عمري‏..‏ كنت أسلمه جسدا ميتا‏,‏ أذهب بروحي الي عالم آخر‏,‏ أدعو فيه ربي أن يعفو عني من هذا السجن وأعاتب والدي بل ألومهما علي ما فعلا بي‏,‏ سامحهما الله‏.‏

لن يغيب عن خيالك‏,‏ اني هربت مرات الي بيت جدتي‏,‏ والي الشارع‏,‏ بل الي قسم الشرطة‏,‏ ولكنه كان يعيدني‏,‏ لاني وحيدة بلا سند‏,‏ وأبي كان يلومني ويسمع له ولا يستمع لي‏,‏ بل يحملني كل المسئولية عن هذه العلاقة الفاشلة البائسة‏.‏

عامان من هذا العذاب حتي انفصلنا‏,‏ حصلت علي الطلاق بعد ان حررت له محضرا في قسم الشرطة بعد ان شج رأسي في إحدي غزواته‏,‏ فاستجاب لي بعد ان تنازلت له عن كل شيء‏,‏ ولم يستطع ابي ان يشارك في طلاقي لأنه كان مشغولا شويتين‏!‏

سيدي‏..‏ كان لابد أن أحكي لك هذا التاريخ لتفهم ـ فقط تفهم ولا تلتمس الأعذار ـ ما الذي جعلني أذهب يوما وراء كلام رجل التقيته في احدي المناسبات وأنا أعرف أنه قناص ومخادع‏.‏ لقد خرجت من هذه التجربة بقايا امرأة‏,‏ وبقايا إنسان‏..‏ ذهبت إلي طبيب نفسي‏,‏ نجح في تهريبي من نفسي إلي النوم بالمهدئات‏,‏ ومن اكتئاب مزمن إلي اكتئاب متقطع‏..‏ نصحني بالخروج إلي الحياة‏,‏ فخرجت‏,‏ وعدت إلي السهر وإلي تجمعات البشر‏,‏ ألملم صورة الأنثي المحطمة من أفواه الذئاب‏,‏ فأرضي قليلا‏.‏

إلي أن جاء هذا اليوم الذي التقيت فيه صاحب رسالة ستر الله أو من شابهه‏..‏ فعل مثلما فعل غيره‏,‏ اهتم بي وطاردني بالكلمات‏,‏ ولكنه كان خبيرا أكثر من غيره‏,‏ فلم يهرب من سخريتي‏,‏ ولم ييأس من نفوري‏..‏ فرض نفسه علي تفاصيل حياتي‏,‏ اهتم بأنفاسي وأوجاعي‏,‏ بدأ في ترميم روحي‏,‏ ثم بدأ يشكل إحساسي بأنوثتي مرة أخري‏..‏ أشعرني بأنه غير منجذب إلي أنوثتي‏,‏ بقدر انجذابه إلي تفكيري واحترامي‏.‏

امرأة وحيدة‏,‏ تعرضت لكل أنواع العذاب وهي في أحلي سنوات عمرها‏,‏ كل شئ فيها مهدر ومهان‏,‏ بلا ناصح أو أمين عليها‏,‏ ماذا يمكنها أن تفعل مع رجل يعدها بما لم تر؟

أنا وغضبي والشيطان معا كل ليلة‏,‏ كان من السهل عليه أن يقنعني بالذهاب إليه مبررا ذلك لي‏,‏ بأن ما فعله زوجي معي هو الحرام والاغتصاب بعينه‏,‏ فأغمضت عيني وقررت الذهاب إليه‏..‏ وأنا في طريقي إليه كان صوتا ما بداخلي يهتف بي‏:‏ عودي‏,‏ لاترتكبي هذا الإثم‏..‏ إذا كان يريدك فليتزوجك‏..‏ لم أدر بنفسي بعد ذلك إلا في المستشفي‏,‏ مصابة بكسور مضاعفة في العمود الفقري والحوض‏..‏ واكتشافي المفزع لإصابتي بفيروس الإيدز‏.‏

من أين أتاني هذا الفيروس اللعين؟ سؤال طرحته علي نفسي وأنا أصرخ أمام والدي اللذين تكرما علي وآتيا فورا من الخارج‏..‏ أقسم بالله انه لم يمسسني بشر غير زوجي‏..‏

لا أريد أن أستعيد تلك التفاصيل‏,‏ لقد مررت بتجربة لايمكن وصفها وكم كانت أليمة لروحي قبل جسدي؟

سيدي‏..‏ لم أكتب إليك لأدافع عن نفسي‏,‏ فقد نلت ما كتبه الله لي‏,‏ وأنا راضية بقدره وابتلائه وقد أعانني عليه‏..‏ ولكن هذه هي الحقيقة التي وصلنا إليها بعد سفري إلي الخارج‏,‏ فأنا حاملة لفيروس الإيدز بنقل الدم منذ إجرائي الجراحة في تلك الدولة الخليجية‏..‏ أحمله منذ سنوات ولم أشعر به‏,‏ واتخذ والداي إجراءات قانونية تجاه المستشفي ولم يحسم الأمر حتي الآن‏,‏ وإن كان هذا لايهمني‏.‏

سيدي‏..‏ قضيت عاما كاملا خارج مصر‏,‏ وهو عام يعادل كل أعوام عمري‏..‏ لقد عرفت الله أخيرا‏,‏ عرفت جمالا وتذوقت لذة لايعرفها إلا من ذاقها‏..‏ تعلمت كيف أناجيه وأطلب وصله بعد أن طلبت عفوه ومغفرته‏..‏ سامحت كل من آذاني‏..‏ عرف أبي وأمي كم كان خطؤهما فادحا‏,‏ فليس هناك أبقي من حماية الأبناء ورعايتهم‏,‏ وقد يكون ماحدث لي منجاة لشقيقي‏..‏ لا يؤلمني الآن إلا بكاء والدي الذي لاينقطع‏.‏

عدت منذ عامين‏,‏ وأكرمني الله بالحج بتأشيرة من البلد الأوروبي‏,‏ وأنا الآن سالمة لا أعاني إلا من آثار بسيطة في الحركة‏..‏ أواصل دراستي في الشريعة الإسلامية‏..‏ لايفزعني الموت‏,‏ بل أنتظره كل يوم أملا في رؤية من أحب‏.‏

سيدي‏..‏ نادمة أنا علي سنوات عمري التي قضيتها في ظلام‏,‏ ولكني سعيدة اني استعدت بصيرتي في شدة البلاء‏.‏ فاغفرلي إطالتي‏,‏ وربما أردت شيئا بالكتابة إليك‏,‏ فانتهيت إلي شئ آخر‏..‏ بدأت راغبة في رفع ظلم ألم بي‏,‏ وانتهيت إلي حالة من الرضا أدعو الله أن يديمها علي‏.‏ فادعو لي‏..‏ وليغفر لنا الله جميعا‏.‏


رد الكاتب :

**‏ سيدتي‏..‏ فكرت طويلا ألا أعلق علي رسالتك‏..‏ ففيها مايكفي‏,‏ في ألمها نورها‏,‏ في عتابها محبة‏,‏ وفي حواري جملها تجسيد لوجع يسكن واقعنا نراه كل يوم ونغمض عيوننا‏,‏ وكأن الخنجر ليس في قلوبنا‏,‏ والدم النازف ليس دمنا‏.‏

لايهم كثيرا‏,‏ إذا كنت تلك المرأة الغائبة في قصة ستر الله‏,‏ فستر الله ممتد إلي كل القصص والحكايات‏,‏ المنشور منها والمختبئ في النفوس‏.‏

ستر الله أوسع من خطايانا واعترافاتنا‏,‏ لذا فليس مهما إذا كنت هي أم امرأة أخري سترها الله وأنار بصيرتها وطهرها بوجعها‏.‏

أي ألم هذا الذي عايشته وواجهته ــ ياصغيرة ــ وهل يكون درسا للذين ينهزمون في أول مواجهة‏,‏ أو ييأسون من رحمة الله مع أول ابتلاء‏!‏

صغيرة كنت في مواجهة الحياة‏,‏ في مواجهة قسوة القاهرة التي كثيرا ما تفقد قلبها وتقسو علي الفقراء والغرباء والصبايا والحالمين‏.‏ تلك القسوة التي واجهتك بعودك الأخضر وتجربتك المحدودة‏..‏ لا أعرف كيف يأمن أب أو تنام أم بعيدة عن ابنتها الصغيرة أو ابنها الشاب في مثل هذا الزمان الصعب‏,‏ هذا الزمان الذي تكاثرت فيه الذئاب علي الحملان؟

تأمين مستقبلهم شعار يرفعه الآباء مبررين غيابهم بعيدا‏,‏ وكأن السعادة في المال‏,‏ لايعرفون أن الاستثمار الحقيقي في الأبناء‏,‏ بغرس الأخلاق‏,‏ بحضن دافئ‏,‏ بهذا الأمان الذي يحتاجه الابن في سني عمره الصعبة ولايستطيع شراء بعض منه بأموال الدنيا‏.‏

أي منطق هذا الذي يدفع بأبوين إلي تزويج ابنتهما بمن لاترغب ولاتعرف‏,‏ حتي يهنأ بالهما‏,‏ ملقيان بالعبء والمسئولية علي رجل لم تختبر رجولته ولا إنسانيته؟

أهكذا يفعل المؤتمن؟ نعم نحن مؤتمنون علي أبنائنا‏,‏ وسنساءل أمام الله علي تلك الأمانة وماذا فعلنا بها ولها؟‏.‏

سيدتي‏..‏ لا أريد أن أخوض ــ مثلك ــ في الحادث الكاشف‏,‏ ولا في الذئب التائب‏,‏ ولا في انتقام الله الواضح وحكمته‏,‏ فمع شدة الإيلام تبدو الرحمة والمغفرة‏,‏ فمن يلحق بالتوبة قبل فوات الأوان؟

أعرف جيدا ما حدث لك في تلك الدولة الخليجية‏,‏ فما أصابك‏,‏ أصاب زميلا لي وزوجته منذ سنوات بعيدة ــ رحمهما الله وغفر لهما ولنا ــ وأصيبا بالفيروس ولم يكونا حاملين له فقط مثلك‏,‏ ومن المؤكد انك تعرفين الآن أن هناك بعض العلاجات الناجحة لمثل حالتك‏,‏ وانك قد تعيشين طويلا ــ أمد الله في عمرك وبارك لك فيه ــ فواصلي سيرك نحو العلم والحقيقة‏,‏ نفعك الله به ونفعنا‏,‏ ولا أملك أمامك إلا طلب الدعاء منك لي ولأصدقاء بريد الجمعة وإلي لقاء بإذن الله‏.‏


***************************************

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق