الأحد، 31 أكتوبر 2010

تحميل أغنية مسلسل العار mp3

تحميل أغنية مسلسل العار
حمل و استمع الان الى افضل اغنيه فى رمضان 2010
أغنية قولو للى اكل الحرام غناء ادم

اغنية ( ربك لما يريد)ـ

من الصعب ان تحب شخصا بجنون وأنت تعلم بانك لن تكون له

قمة الحزن أن ترى الحب ينتهي شيئا فشيئا وأنت تقف عاجزا عن فعل اي شيء


كيف لا؟!! وانت تعلم منذ ألبدايه بأنك لم ولن تكون له ...


ولكن استطاع الحب أن يدخل الى قلبك ويرسم ابتسامه أمل رغما عنك ...


قمة العذاب أن يبقى الخوف مسيطرا على قلبك


ليمنعك ويحرمك من الحب الذي يحلم به كل شخص..


فتتجنب الحب خوفا من أن تعشق شخص وتعيشان فترة طويلة تحت شعار اسمه الـحــب ..


والنهايه تكون الفراق بعدما احببته وتعلقت به لدرجة الجنون ..


فتصاب بالكآبه والألم ...


وتعيش بعذاب على ذكرى لم تستطيع نسيانها .


قمة الألم ..بل الألم بحد ذاته أن تبني في ذهنك مستقبلا لا اساس له ...


ولكن احساسك الصادق وقلبك الطيب وابتسامتك البريئة ...


جعلتك انسانا متفائلا تنظر الى الحياه ببساطه ...


وحتى لو رأيت حبك ينهار امام عينيك وأن النهايه هي الفراق لا محاله..


تبتسم قائلا : أنا واثق بأن القدر لن يبقى هكذا ... سأنتظر ربما يتغير غدا

I miss you

I miss you
Everyday i think of you.
Everyday you cross my mind.
Everyday i see something that reminds me of you.
Everyday im missing you.
Everyday i wish you were mine.
Everyday i wonder what could of been.
Everyday i think of why you did this.
& everyday im getting stronger.
Everyday im moving on.
But everyday ill always miss you.

لست بريئا شعر حمادة النجار

لست بريئا
شعر / حمـــادة
النجار






أيها التاريخ إنى أشهدك



أنى بريء



مما يدور بمصرنا .....

..

فأرفق بحالى واستمع



الناس تحيا هاهنا فى بلدتى



بين أحضان النفاق



الكل يطربه الكذب



الكل يركع للصوص



ولكل أفاق خدع




النا س تحيا ههنا فى بلدتى

..

يأكلون من الكلام



يشربون من الكلام



يرقدون على وسائد من كلام

..

الناس تحلم بالحصاد



وليس فيهم من زرع








الناس تحيا ههنا فى
بلدتى

..

قانعين بما سلف

قانعين بما يجد

قانعين بما سيأتى ليلة

..

وليس فيهم مبتدع




الناس تحيا ههنا فى بلدتى

..

راكعين للفرعون صبحا ومساء

ساجدين وعاكفين على الدعاء

..

أن يصير الخبز ماءا وهواء

أن يصير الجنس فرشا وغطاء

..

أن يكون الخمر والأفيون أجرا
دائما"

لكل عبد .. متبع

الأربعاء، 27 أكتوبر 2010

Free Palestine - Sami Yusuf ft Outlandish - Try Not To Cry

the best video about egypt احلى فيديو عن مصر

Ana Ya Israel - Hamza Namira | أنا.. يا إسرائيل - حمزة نمرة

Taxi Band - 2alo magnon el-y7lam فريق تاكسي . قالوا مجنون

مش باقي مني غير شوية ضي ف عينيا للشاعر جمال بخيت 2010

احمد فؤاد نجم (كأنك مافيش) 2010

رحلة القطار من بريد الجمعة

رحلة القطار ..
اكتب اليك لالتمس عندك السلوى فيما اعانيه ويضيق به صدرى فأنا رجل فى الأربعين من عمرى.. توفى ابى منذ عشرين سنة تاركا لى اسرة مكونة من أم وثلاث شقيقات وشقيق واحد كان عمره حين رحل أبى عن الدنيا 6 سنوات، اما انا فقد كان عمرى وقتها عشرين عاما فقط وقد انهيت دراستى الثانوية وبدأت اتطلع الى الالتحاق بالجامعة فجاءت وفاة ابى فحطمت احلامى فى ان اعيش حياة طالب الجامعة التى طالما تمنيتها
وترك ابى وراءه محلا صغيرا لبيع قطع غيار السارات يفى بمتطلبات لأسرة بصعوبة وبعد ايام العزاء اجتمعت الأسرة الخائفة من المستقبل تبحث امورها.. فاتجهت الانظار الى تلقائيا وأحسست بوطأة المسئولية وأعلنت وقلبى يتمزق انى سأخلف ابى فى محله لكى تجد الأسرة ما يقيم أودها وقوبل اعلانى بارتايح عميق من كل افراد الاسرة مايقيم أودها وقوبل اعلانى بارتياح عميق من كل افراد الأسرة لعله غاظنى اكثر مما سرنى وألقيت بكتبى واحلامى وراء ظهرى واستقبلت مسؤليتى بقلب واجم وخائف من المستقبل وفتحت المحل فجاء زملاء أبى من التجار يشدون أزرى.. ويحيون رجولتى ويعرضون على خدماتهم وكنت فى حاجة اليها فعلا فى ايامى الأولى فى التجارة..ثم شيئا فشيئا عرفت اسرار العمل وثبت اقدامى فيه، وانتظم مورد الأسرة لكن العبء كان ثقيلا فلقد كانت شقيقاتى وشقيقى جميعا فى مراحل التعليم المختلفة وكانت الكبرى منهن فى الثانوية العامة ، وكان المحل مدينا ببعض الديون فعشنا فترة كئيبة من الضيق والشدة.. واجهتها بصبر لكن استقر فى اعماقى امتعاض دائم من ظروفى التى حكمت على بأن اتحمل المسئوليةى انا فى العشرين من عمرى بدلا من ان اعيش سنوات شبابى طليقا وغير يتحمل مسئوليتى ومضت الأيلم وبدأت اشعر اننى محور حياة الأسرة وان امى وشقيقاتى يبالغن فى العناية بى ومجاملتى ورغم ذلك فقد اصبح صدرى ضيقا مع كثرة النفقات وصعوبة المسئولية وأصبحت عصبيا تندفع منى احيانا الكلمات الجارحة رغما عنى لأخوتى واحيانا لأمى. فلا يقابلن ذلك الا بالدموع الصامتة، ومع ذلك فقد مضت ايامنا وحصلت الكبرى على الثانوية العامة والتحقت بالجامعة وتخرجت وجاءها من يخطبها فقمت بواجبى معها فى حدود امكانياتى. ثم لحقت بها الأخت التالية لها وتخرجت وتزوجت وتخففت من بعض أعبائى فقررت ان اتزوج وتوجت من ابنة مدير بالمعاش من جيران الأسرة انضمت الى شقتنا الواسعة فى احياء القاهرة القديمة.

وطوال هذه السنوات الصعبة كنت اتطلع الى شقيقى الأصغر واتعجل السنوات لكى ينهى تعليمه ويشاركنى فى حمل مسئولية الأسرة، ومن سن العاشرة بدأت افرض عليه ان يقف فى المحل لعدة كل يوم وكان كأى صبى يضيق بذلك ويحاول احيانا ان يتملص منه، فلا اسمح له بالفكاك وانهره بعنف فيستسلم باكيا.. ثم استقر الخوف منى فى اعماقه فأصبح لا يحتمل اشارة منى لكى ينفذ ما آمره به.. وبررت ذلك لنفسى بأنى اريده ان يتحمل المسئولية لمصلحته لكنى رغم ذلك كنت احيانا ارق له وأراه غلاما محروما من الحنان لكنى لم أظهر له هذا العطف ابدا ومع تقدمه فى الدراسة كانت ساعات عمله فى المحل تزيد، حتى جاء وقت لم يكن لدى عمال فيه فكان هو المساعد الوحيد فى المحل، الذى يفتحه فى الصباح ويبقى فيه حتى الليل فى ايام الاجازات، لذلك لم يكن متفوقا فى دراسته لكنه كان ينجح لأن ظروفنا لا تحتمل ان يتأخر سنة واحدة.. الى ان جائت الثانوية العامة ورسب فدعوت الأسرة وعقدت له جلسة تأديب انهلت عليه فيها باللوم والتقريع.. ثم اعمانى الشيطان شفى لحظة حمق فانهلت عليه صفعا امام شقيقاته.. فلم يزد عن ان حمى وجهه بذراعيه واحنى رأسه وهو يصيح من بين بكائه حانجح السنة الجايا ياخويا.. الدكان خد منى وقت ياخويا، وافقت فجأة من غيى فعدت الى مقعدى لاهثا وشقياتى واجمات يحبسن دموعهن خوفا من انفجارى فيهن وانسحب هو الى غرفة أمى وبعد ان خلوت لنفسى.. اكتأبت لما بدر منى وارقت ليلتها فلم يغمض لى جفن وذهبت الى المحل فى اليوم التالى عليلا..

وكان المعتاد ان يحضر الى المحل فى فترةالظهيرة شفيجلس مكانى .. لكى استريح وقت الغذاء .. وتوقعت الا يحضر وان يخاصمنى لعدة ايام .. ووطنت نفسى على ان اصالحه واسترضيه خاصة انه لم تفلت منه كلمة سيئة ضدى فى قمة اهانتى له وعدوانى عليه وبلغت الساعة الثالثة فطلبت من الصبى ان يغلق المحل لمدة ساعتين وتهيأت للآنصراف فاذا بى المح شقيقى قادما منكسرا، يحيينى وهو خافض الرأس ويعتذر عن تأخره بأنه ذهب الى المستوصف يطلب علاجا لأن عنده الما فى جنبه ، فكادت الدمعة تظفر من عينى وقاومتها بصعوبة وقلت له ولماذا المستوصف.. سأذهب بك الى اكبر طبيب فى المساء، واذهب الآن واسترح فأصر على ان يجلس فى المحل بدلا منى، فتركته وعدت للبيت وفى المساء اصطحبته للطبيب فاعطاه علاجا وطمأنته عن حالته ، وعندما بدأت الدارسة حاولت ان اعفيه من فترى الظهيرة لكى يتفرغ للمذاكرة لكنه رفض باصرار فكنت اراه يسهر الليل يذاكر ويقف فى المحل نهارا وصحته تذبل من آثار قلة النوم، وظهرت النتيجة فكان من الناجحين ولكن بمجموع ضعيف لا يؤهله للالتحاق بالجامعة فالتحق بمعهد فوق المتوسط وأصبح يجد وقتا اكبر لمساعدتى وخلال هذه الفترة تطورت علاقتى به تطورا جديدا.. فقد كنت اعطيه مصروفا شهريا عشرة جنيهات ينظم حياته بها ، فجاء ابن الحلال الذى همس فى اذنى ان اخاك يصاحب شلة فاسدة من شباب المعهد وانهم يدخنون السجائر ويصادقون الفتيات، فلعب الفأر فى عبى ان يكون الشيطان قد اغواه فبدأ يمد يده الى نقود المحل فى فترة غيابى .. وواجهته بذلك فبكى وما وما كان اسرع بكائه .. وقال لى كلمة ظلت توجعنى طويلا هى: اننى ابن فلان مثلك وقد كان رجلا طيبا عارفا بالله فكيف أكون خائنا؟ ولمن؟ لأخى الذى ربانى وفى مال اسرتى التى تعيش منه أمى وأختى التى مازالت فى الجامعة فأنهيت الموضوع لكنى بدأت اراقبه خفية فلا اجد مايريب فهو يصلى الفروض فى اوقاتها.. ولا يدخن .. وهو المهموم دائما بأمر اخوته البنات ولاذى يقضى حوائجهن ويرعى اولاد المتزوجين فيهدأ خاطرى قليلا ثم تعود الوساوس تطاردنى من جديد فأسىء معاملته فيتحمل ويصبر الى ان اعود الى حالتى الطبيعية وهكذا مضى الحال الى انتهت دراسته فى المعهد وحصل على الشهادة وأدى فترة تجنيده.

وخلال هذه الفترة كانت تجارتى قد نجحت واستقرت وتخلصت من كل المتاعب فأعدت تأثيث شقتنا الواسعة واشتريت سيارة. وبدأت اطمئن للمستقبل وأجنى ثمرة كفاحى. وفى هذه الفترة ايضا اشتريت المحل المجاور لى وضممته الى محلى وانفقت على عمل ديكور جديد له واصبح لدى عاملان يتقاضيان اجرا كبيرا وعاد شقيقى يساعدنى فى انتظار التعيين، وفكرت بينى وبين نفسى فى ان افرغه للمحل، وهو من دمى وله نصيب شرعى فى ا لمحل، وصارحته بذلك فقال لى انه يعتبرنى أبى والأب لا يختار لأبنه الا ما فى صالحه فان أردته فى المحل فهو معى وان اردته الوظيفة فسينفذ رغبتى وسيكون الى جوارى دائما بعد الوظيفة فسينفذ رغبتى وسيكون الى جوارى دائما بعد الوظيفة، واتفقنا على ان يعمل فىالمحل فترة الانتظار وان يختار بعد ذلك وبدأ العمل بهمة، وكان للحق شعلة من النشاط والذكاء ومحبوبا من كل من يتعامل معه او يعرفه، فهو خدوم وشهم وكريم فى حدود ما تملكه يده وهو قليل، فقد كنت اعطيه نصف مرتب العامل وكان راضيا بذلك لأنه صاحب مال كما يقولون وأصبحت اعتمد عليه فى اعمال كثيرة .. وفجأة عاودنى الوسواس القديم وكان سببه هذه المرة هو نفس السبب القديم شلة الأصدقاء الذيناراهم فاسدين ويراهم هو عاديين وكانوا زملاءه منذ الطفولة حىالمعهد وكنت لا ارتاح لهم وأشك شفى سلوكهم واخشى عليه من صحبتهم .

فنصحته بالابتعاد عنهم ورويت له عنهم ما لايس، فكان رده اننى لا استطيع ان اتحكم فى سلوك غيرى، وبدأت الوساوس تلح على من جديد وذات يوم رأيت معه ساعة جديدة، فسألته عن مصدرها فأخبرنى ان شقيقته الكبرى المتزوجة اهدتها له، فلم اصدقه وسألت اختى فأكدت ذلك وقالت انها اتشرتها له بالتقسيط من مرتبها حين لاحظت انه لا يحمل ساعة ولا يجرؤ عل طلبها منى فلم يسترح عقلى لذلك وشككت فى انها تدافع عنه لعطفها عليه.
وكانت اختى الثالثة قد تخرجت وخطبت ونستعد لجهازها وزواجها فكان صدرى ضيقا فانفجرت فيه بشكوكى مرة اخرى وخيرته بين الانقطاع عن هذه الشلة وبين المحل، وانصرف صامتا وللأسف ان هذه المكاشفة قد تمت فى المحل وامام العمال والزبائن فعرفوا انى اشك فى امانة اخى وسلوكه.. ولامنى كثيرون من الزبائن والتجار من جيرانى .. فزادنى ذلك عنادا وعدت للبيت فى المساء فلم أجده ..وعرفت انه سيقضى الليل عند خالته فزادنى غضبا وصممت على الا يعود للعمل الا اذا قاطع كل اصدقائه وانتزرته ان يعود بعد ايام خافض الرأس منكسرا كما تعودت منه لكنه لم يعد فتنازلت عن كبريائى قليلا وسألت عنه فكانت المفاجأة انه سافر الى الاسكندرية ليبحث عن وأنه اقترض نقود السفر من خالته. وأحسست بألم فى قلبى لكنى تظاهرت بالاستهانة وقلت بصوت عالى: فى داهية! وتنميت ان يفشل سعيه وان يعود منهزما ويقبل شروطى لكنه لم يعد ياسيدى، ومضى شهران قبل ان يأتى فى زيارة لأمه وشقيقاته اللاتى كن يتحرقن شوقا اليه وعدت الى البيت فى الظهر وكان جالسا مع زوجتى وأمى وشقيقتى ومن حوله سعيدات به فنهض مرتبكا حين رأنى ليحيينى.. فركبنى الشيطان فجأة واشحت بوجهى بعيدا عنه ودخلت الى غرفتى.. وجاءت ورائى زوجتى .. تلومنى فصرخت فى وجهها، اما هو فقد جلس لمدة دقائق ثم استأذن وانصرف ومن زوجتى عرفت انه يعمل عند مستورد لقطع الغيار اتعامل معه منذ سنوات وانه يقيم فى غرفة بحى شعبى وان هذا المستورد احبه ويثق فى امانته ويرسله الى الجمرك لتخليص بعض اعماله.

ولعب الفأر فى عبى وخشيت ان صحت الوساوس ان يعنى فى حرج فأتصلت به وسألته عنه فقال لى انه ولد سكرة ووجهه فيه القبول وكلما ارسله فى مهمة يسرها الله على يديه وانه يشكرنى على التنازل له عنه! واحسست بالفخر والغيرة معا، ومع ذلك فقد حرصت بمنطق التجار الا لعنة الله عليه على ان أوكد له أننى غير مسئول عن اى تصرفات له، فقاطعنى رافضا الاستماع وانتهت المكالمة ..
واستمر الحال هكذا .. وقد اصبح يأتى الى القاهرة مرة كل شهر فواصلت تجاهله .. مع حرصى على ان اعرف اخباره من زوجتى وسعت امى كثيرا لكى تصلح بينى وبينه، فتمسكت ان ينفذ كل شروطى وان يبتعد عن شلته الذين يحرص على زيارتهم كلما جاء من الاسكندرية والذين يزورونه هناك كما سمعت.

ومضى عامان ثم ابلغتنى امى انه ارتبط بفتاة بائعة فى محل المستورد وانه يريد خطبتها ويطلب منى الأذن فسألت عن التفاصيل وتأكدت من انه نسب غير ملائم وان مستوى اسرتها الاجتماعى منخفض جدا، فقلت لأمى انه يريد ان يجلب لى عارا جديدا كما فعل حين عمل عند احد من اتعامل معهم وبامكانه ان يتزوج من اسرة افضل منها فهو فى النهاية ابن ناس طيبين ورفضت الموافقة باصرار.

وبعد ايام جاءنى منه خطاب يطلب فيه ان اصبفح عنه ويقول لى انه لا يعرف له أبا غيرى ويطلب منى حضورى حفل خطبته فلم ارد عليه، وجاء بعدها بأسبوعين وزارنى فى المحل فلم احسن استقباله ومع ذلك فقد جلس وروى لى وهو خجلان قصة ارتباطه بهذه الفتاة وطلب "تشريفى" حفل خطبته.. فهززت رأسى ان لا فسكت قليلا ثم طلب بصوت خافت ان اسمح لأمى وشقيقاته بالحضور نيابة عنى لكيلا يبدو امام اسرة حطيبته بلا أهل .. فهززت رأسى مرة اخرى فسكت قليلا ثم قال كتر خيرك، والقى السلام وانصرف، وبكت امى طويلا فلم استجب لها واعلنت رفضى لذهاب شقيقاتى.. فبكين وأشفقن عليه من يكون وحيدا فى يوم خطبته فلم اتراجع وقد سلط على ذهنى انه يعاندنى ويريد ان يجلب لى العار ولا شى غير ذلك.. مع انه شاب ومن حقه ان يحب ويتزوج.. لكن هكذا صور لى العناد.. فهددت من تذهب من اخوتى وأمى الى الاسكندرية بمقاطعتها فرضخن ـساخطات، وطاف هو عليهن يرجوهن الا يزعلن لأنه يعذرهن ولا يرد لهن المشاكل معى.. وودعنه جميعا كما عرفت بالقبلات والدموع حتى زوجتى بكت وصرخت فى وجهى بأنى ظالم وانه لولا انها لاتريد ان تزيد من ألامى لما قبلت السكوت على هذا الظلم ولذهبت الى خطبته وهو الشاب المؤدب الذى لم تر منه منذ زواجها بى الا كل خير وفى وسط كل ذلك قررت خالتى وكانت تحب شقيقى حبا خالصا وتشفق عليه ان تذهب هى وزوجها والاودها الى الاسكندرية لتخطب له هذه الفتاة نيابة عن امى وليضرب فلان الذى هو انا رأسه فى الحائط لأن الله لا يرضى بالظلم.. ولأنى كما قالت سامحها الله ظلمته صغيرا وكبيرا ولا اريد ان ارجع عن ظلمى وذهبت فعلا وعادت تروى لأمى كيف استقبلها بالدموع وتقبيل يديها لأنه لم يكن يتوقع حضورها وكيف احتضن زوج خالته وقبل رأسه معربا عن شكره.. وكيف استقبل بنات وأولاد خالته بفرحة جنونية، وان اسرة فتاته اسرة طيبة رغم فقرها وأنهم يحبونه ويحترمونه، وكيف انها عاشت اسعد ايام حياتها فى هذا الفرح البسيط، وانها زغردت من قلبلها واصدقاؤه الذين سافروا اليه من القاهرة.. واصدقاؤه الجدد من الاسكندرية وهو يكسب الأصدقاء سريعا، يزفونه بالسيارات حول ضريح ابو العباس المرسى وهو يضحك سعيدا والدموع لا تفارق عينيه وان التاجر الذى يعمل عنده هو الذى رتب له الزفة واعطاه نقوطا كبيرا مكافأة له على نشاطه وأمانته وسمعت كل ذلك وأحسست بالندم يلسعنى على موقفى منه لكنى تظاهرت بتجاهل الموضوع وعرفت من زوجتى انه سيقيم مع اسرة خطيبته بعد الزواج الى ان يجد شقة، ومضت اسابيع وبدأت اثار الخطبة وحرمان الأسرة من الاشتراك تخف تدريجيا وعاد يزور امه وشقيقاته ويحكى لهن عن خطيبته وعمله وحياته هناك.. وكان من بين ما رواه لهن ان آلام جنبه قد عاوته بسبب ساعات العمل الطويلةى فذهب الى المستشفى الأميرى فى الاسكندرية وعالجه الأطباء وشفى والحمد لله.

ومضى عام آخر والموقف بيننا لم يتغير فهو يحيينى حين يدخل فأرد تحيته فاقتضاب.. فاذا غلبنى حنينى اليه واردته ان يحكى لى عن نفسه او يطلب منى الرجوع .. او السماح كما كان يفعل فانه يحكى لدقائق لا تشبع .. حنينى وشوقى له ثم يصمت.. كأنه لا يجد ما يقول وينسحب بعد قليل وجاء مرة فى زيارته المعتادة فلاحظت عليه الارهاق فسألته عما به فروى لى انه احس بالتعب فذهب الى المتشفى الاميرى وانهم اجروا له فحوصا عديدة اتعبته أكثر .. لكنه تحسن الآن والحمد لله.. فانخلع قلبى .. وامسكته من يده وذهبت به الى طبيب كبير فطلب أشعات وتحاليل فحاول الاعتذار لأنه مضطر للسفر فاقسمت عليه بالطلاق الا يسافر الا بعد اجراء الفحوص والتحاليل وعدنا للطبيب فوصف العلاج له وطلب منه الراحة ورجعنا الى البيت فطلبت منه الا يعود للاسكندرية نهائيا وان يستريح فى البيت وأعلنت له انى سأنفق على علاجه كل ما املك.. وسأدعو خطيبته وأسرتها لزيارته هنا ، فابتسم فى ضعف وقال لى انه لابد ان يعود ويعمل لأنه مدين لصاحب العمل بجزء من قيمة الشبكة ولبعض اصدقائه هناك ببعض المال لأنه اشترى دواء واجرى فحوصا كلفته الكثير فطلبت منه ان يبقى وسأسدد ديونه مهما كانت وانه ليس فى حاجة للعمل وهو مريض..

والححت عليه فى ذلك وأردت ان احلف عليه مرة اخرى فسد فمى بيده.. ثم امسك يدى وقبلها وشكرنى بحرارة راجيا ان اكرمه بتركه يسافر لأن حياته اصحبت هناك.. وسوف يواظب على العلاج فوافقت مرغما وأوصلته للقطار واعطيته نقودا رفض ان يأخذها والححت عليه وذكرته بأن له حقا فى المحل الذى تركه ابوه وهذا جزء منه فقال لى وهو يبتسم متعبا: لقد اخذت حقى وزيادة بلقمتى وطعامى فى سنوات تعليمى..فاذا كان لى عندك حق فأعطه لأمى ولشقيقاتى ثم تحرك القطار وصورته وهو يبتسم فى ضعف لا تفارقنى وعدت الى البيت مهموما ولم انم الليل وفى الصباح كان اول ما فعلت حين ذهبت الى المحل هو ان اتصلت تليفونيا بالتاجر الذى يعمل معه اخى لأطمئن منه عليه وابلغه انى سأسدد دينه عنده..وارجوه ان يرفض عودته للعمل ويعيده للقاهرة حتى تتحسن صحته.. فما ان عرفنى حتى قال لى واجما: كنت سأتصل بك الآن فورا انتظرنا نحن قادمون اليك بعد ثلاث ساعات .. البقاء لله! وصرخت من اعماقى وسقطت السماعة من يدى وجاء جيرانى مفزوعين .. واركبونى سيارة احدهم وأعادونى للبيت وبعد ساعات وصل الركب الحزين وبدأت رحلة الوداع وحولى اصدقاؤه واحباؤه الذين طالما كرهتهم وأسات الظن بهن يولولون ويصرخون كالثكالى ويتدافعون لحمل صاحبهم ..

ووقفت فى المساء فى العزاء منهارا اصافح الأيدى ولا ادرى بها .. وجاء اصدقاؤه فما ان وضع اولهم يده فى يدى حتى بكيت كالطفل فشجع ذلك احدهم على ان يقول لى: لقد مضى كل شىء وراح لكنى اشهد الله امامك ان شقيقك كان مثال الامانة والشهامة والاخلاق وان يده لم تمتد الى حرام.. ولم يرتكب معصية.. واننا كنا اخوة فى الخير لا فى الشر وان اقصى ما فعلناه مما كنت تعيبه علينا اننا كنا ندخن فى مرحلة المعهد لكننا لم نعرف الخمر ولا المخدرات كما كنت تتصور وعاش اخوك ومات لم يدخن سيجارة فقال: لكن السنة السوء لا تدع الناس فى حالها.. فسألته فجأة هل كرهنى لما لعلت معه؟ فقال: لم يذكرك مرة بسوء حتى وانت تقسو عليه.. وكان يقول لنا دائما لا تظلموه فلقد حمل الهم صغيرا.. وهو اخى وابى الذى لم ار غيره ويكفيه ان ستر شقيقاتى اما انا فرجل واستطيع ان اتحمل.

فاسترحت قليلا .. لكن ما حدث بعد ذلك لم يكن ينبىء براحة فبعد رحلي اخى خيم الحزن على بيتنا واستقر فيه وبدأت احس باكتئاب شديد افقدنى حماسى للعمل.. فأصبحت انهض احيانا من النوم فلا أشعر بميل للذهاب للمحل ولا لمغادرة اليبت وضاعف من حالتى .. انى أحس باتهام صامت فى عيون امى وشقيقاتى بأنى ظلمت اخى وقبرته.. مع انى يعلم الله لم ارد سوى مصلحته حتى وان اسأت التصرف وقد استقر الفتور فى علاقتى بأمى وشقيقتى الكبرى التى كانت اكثر الشقيقات عطفا على اخى الراحل بالذات اما خالتى التى تحثنى بالذهاب الى خطيبته فقد حاولت مصالحتها بعد رحيله فانهالت على بالاتهام والتجريح وزادت من معاناتى وسافرت الى الاسكندرية وذهبت الى التاجر الذى عمل معه اخى وشكرته وسددت له دينه فأبى بكل اصرار .. وقال انها كانت هدية منه لشاب كريم وليست دينا عليه .. وقد ساءت حالتى الآن حتى اصبحت لا اذهب للمحل الا مرتين او ثلاثا فى الاسبوع والى جانب ذلك فأنا اصحو كل لية عند نومى عدة مرات وقد توقف تنفسى وقلبى ووصلا الى مرحلة الاختناق .. وفى كل ليلة يجيئنى اخى فى المنام واراه عابسا وهو الذى لم اره الا مبتسما فى حياته حتى حين كان يغلبه الدمع ، وذهبت الى الطبيب فأحالنى الى طبيب نفسى شخص حالتى بأنها ميول اكتئابية واعطانى بعض الأدوية، وانا الأن اواظب على العلاج لكنى لا انام جيدا.. وقد فقدت كل الاشياء قيمتها عندى فلم تعد عندى رغبة فى النجاح ولا الثراء وأسأل نفسى كل حين مامعنى كل ذلك وأنا لم انجب اولادا ولا بنات ولم يعد لى اخ ثم ماذا يعنى هذا المحل.. وهذه التجارة ولم تعد فى مسؤايتى سوى امى وما هذه الجدران والرفوف التى تصورت فى حمقى انها اهم من شقيقى الوحيد وان على ان احميها منه بابعاده عنها ومتى يبتسم وجه اخى حين يزورنى فى الليل واين راحة القلب والضمير .. اين؟

ولكاتب هذه الرسالة اقول:
راحة القلب من راحة الضمير ياسيدى وانت مؤرقالضمير باحساسك بالذنب تجاه شقيقك الراحل الذى ظلمته كثيرا بوساوسك وخوفك المبالغ فيه على الجدران الصماء التى عرفت الآن انها لا تساوى قلامة ظفر والحق انى اعجب كثيرا من حالنا نحن البشر حين نعمى احيانا عن بعض الحقائق الأولية.. فلا نتنبه اليها الا بعد رحيل الأعزاء وغياب من لا يعوضنا مال الدنيا عن غيابهم كما اعجب من حماقة المرء حين نخص بعض اعزائنا الذين يبدون امامنا مسالمين مستسلمين بايذائنا.. فاذا فقدناهم عرفنا اننا قد خسرنا بفقدهم والى الابد من كانت محفورة فى اعماقهم محبتنا وهيبتنا، واكتشفنا حين لا ينفع الندم اننا لن نلقى فى الحياة بعدهم الا من لا يردعهم حب او احترام عن رد ايذائنا الينا اذا عاملناهم بنفس الطريقة.. فأى حماقة بشرية نرتكبها فى حق انفسنا واعزائنا؟ ولماذا نفتقد فى بعض المواقف حكمة الاعرابية الأمية التى لا تقرأ ولا تكتب والتىادركت هذه الحقيقة البسيطة منذ عشرات القرون حين وضعت امام اختيار صعب بين الأهل.. فقالت فى نهاية حديث طويل كلمتها الشهيرة" اما الأخ فلا يعوض مشيرة الى ان الانسان لا يستطيع ان يشتريه بمال قارون .. ولو ملكه.
وقد عرفت ذلك كله الآن بعد ان ظلمت اخاك طويلا.. ويؤرقك احساسك بالذنب تجاهه .. وتتمنى لو تعرف انه قد سامحك لكى يطمئن جانبك.. ولست أظن امثالهـ ممن يعبرون الحياة فى رحلة قصيرة لا يعرفون فيها سوى الآلام والاحزان .. ولا يأخذون من اتلدنيا خلالها شيئا قادرين على عدم الصفح عمن اذوهم .. وهم من يغفرون للحياة اصلا ما لا قوة فيها من ظلم ومعاناة لكن لا تستكن الى ذلك.
سيدى وانما اعن نفسك على التطهر من الذنب تجاه اخيك باعلان باءته من كل الشكوك والهواجس عند كل من وصلت اليهم شكوكك وهواجسك، واقض دينه عنه لأصحابه وهو بعض ماله من دين فى عنقك وقد كان كما عرفته كريما غنى النفس عزوفا عن التطلع الى مابين يديك وهو المحروم منه وصاحب الحق فيه .. ولعلك تعرف بعد ذلك ان الاسنان يتطيع ان يكرم العزيز الراحل باكرام صاحبه وانت قد عرفت الآن ان اصحابه لم يكونو عند سوء ظنك .. فلا تشح بوجهك عنهم بعد الآن وتقبلهم قبولا حسنا .. ثم احرص على ان تزور اسرة خطيبة شقيقك التى تعليت عليها فى الماضى وتعرف على من اختارها قلبه واعتذر لها عن مجافاتك لها ثم صل بعلاقات المودة هذه الاسرة المكافحة النى احتضنت اخاك حين لم يجد منك نصيرا فتشرفه فى غيبته النهائية بعد ان فاتك هذا الواجب فى حياته.
يبقى بعد ذلك ان تتوجه بقلبك الى الله طالبا العفو والمغفرة .. فان ظلمك لأخيك وطمع الدنيا الذى اعماك فى بعض الفترات عن اداراك انه كان نعم الأخ لك ونعم الرفيق، وتسلطك على اسرتك ومنعك لها من مشاركته الفرحة الوحيدة تقريبا فى حياته القصيرة الحافة بالآلام.. كل ذلك فى ظنى من الكبائر التى لا يمحوها الا الاستغفار وصدق الندم " وان تستغفروه يغفر لكم" فادع الله كثيرا لنفسك بالمغفرة. وخير الدعاء العمل الصالح الذى يقصد به الانسان وجه ربه فاحرص على رحمك وعوض امك بعض ما تجرعته من آلام واحزان وتصدق كثيرا باسم اخيك .. وانثر الخير حولك واينما توجهت.. يبتسم لك وجه اخيك فى رؤياك وتنج من عذاب الضمير وشبح الاكتئاب.. وأهم من كل ذلك .. من عقاب السماء .. الذى أعده الله للظالمين



صيد الشياطين من بريد الجمعة

‏اسمح لي أن أحكي لك حكايتي في سطور‏.‏ فأنا اليوم في الخمسين من عمري‏,‏ في عز الرجولة‏,‏ ولكني في الحقيقة فقدت تلك الرجولة منذ سنوات طويلة‏,‏ حكايتي بدأت في ريعان شبابي مع فتاة أحببتها من كل قلبي‏,‏ بها كل الصفات الجميلة وعائلة محترمة مشرفة‏,‏ ذات مال‏,‏ وخلق ودين‏.‏ كانت حلما بالنسبة لي وكل من حولي كانوا يحبونها‏,‏ ودام حبها عامين‏,‏ ثم تمت الخطبة‏,‏ وبدأنا مراحل الزواج‏,‏ وبدأت مشاعري تتغير تجاهها‏,‏ ولكنني أتممت الزواج وظل زواجي بها‏18‏ عاما رزقنا الله في بداية حياتنا بفتاة جميلة‏.‏ ولكني أريد أن أزيح اليوم هذا الهم من علي قلبي‏,‏ أريد أن اعترف لك بأني لم أشعر يوما بابنتي‏,‏ بل كنت اتخذها حجة في ما أفعله في زوجتي‏.‏ لم أشعر بنفسي كأب‏,‏ وكنت دائم اللوم لها علي أنها لا تصلح إلا أما فقط‏.‏ نعم كنت أغير من ابنتي ومن اهتمام زوجتي الدائم بها‏.‏ فأطلقت لنفسي الحرية في أن أحب من جديد‏.‏ بهذه البساطة‏,‏ بل كلما ذهبت إلي عمل جديد أحببت من جديد‏.‏ هل تعتقد انه جاءني أي شك أن العيب بي‏.‏ بالطبع لا‏.‏ فكل محاولة مني للتقرب من أخري كنت ألوم بيني وبين نفسي زوجتي بالطبع‏,

‏ فهي التي أهملتني‏,‏ وهي التي ضيعتني‏,‏ وكنت أجد لنفسي مائة عذر لما أفعله‏,‏ وجميعهم زوجتي السبب الرئيسي فيه‏,‏ فإذا فعلت الحرام فهي السبب‏,‏ وإذا كانت نيتي الزواج من أخري هي أيضا السبب‏.‏ وكانت هذه عادتي أي شيء سئ يحدث في حياتي اعتقد انها السبب‏.‏

وكيف لا فهي زوجة عنيفة معي رغم انها حنونة علي الجميع‏.‏ بخيلة معي رغم كرمها الزائد مع الجميع‏.‏ سليطة اللسان معي لدرجة السب رغم عفة لسانها بشهادة الجميع‏.‏ وكانت هذه الأشياء بالنسبة لي ـ بغض النظر عن سببها الحقيقي ـ كفيلة بإيجاد عذر لنفسي أن أفعل ما يحلو لي‏,‏ وأعيش كما أريد‏.‏ فلم أسألها يوما لماذا تغيرت؟ ولماذا تفعلين هذا معي؟ بل ارتحت للهروب فهذا مرادي‏.‏ اقنعت نفسي تماما بأنها لا تحبني واني لم أحبها أبدا‏,‏ ولن أحبها بعد الآن‏.‏ ولا يعنيني خراب بيتي وضياع أولادي ودمار زوجتي فهي السبب‏,‏ ولابد أن أبدأ من جديد‏.‏ فمازلت في شبابي والفرص أمامي عديدة‏.‏ هل تراني رأيت أي شيء مما أقوله لك اليوم وأنا أفعله لا والله لم يساورني الشك للحظة اني ظالم‏,‏ ولكني عشت العمر كله معها دور المظلوم‏,‏ دور الضحية‏.‏ وأصبحت أصدق نفسي في انها أكبر غلطة في حياتي‏.‏ لا لن يسعني بريدك للحديث عما كانت تفعله من أجلي واعتبره أنا انه ضدي‏.‏ لن تتخيل كيف يستطيع الإنسان أن يقنع نفسه عندما يريد أخري غير زوجته‏.‏

يقنع نفسه حتي اليقين‏.‏ فلن يسمع غير صوت نفسه‏,‏ وإن سمع من الآخرين فلن يصدق ولا يريد أن يصدق‏.‏ بل الأكثر من هذا انه يعتقد أن الله يبارك جميع خطواته‏.‏ فكيف يبارك الله الحرام؟ لا أدري كيف تأتينا الجرأة علي تصور هذا‏.‏

الحكاية عادة تبدأ بامرأة أعطت أذنها لزوج ككل الأزواج عنده مشاكل‏,‏ ثم تحاول هي حلها ثم تتعاطف معه ويرتاح لها وتعرف طبعا الباقي عندما تتحول الصداقة والراحة إلي عاطفة تخرب البيوت‏.‏ أليست الأذن تزني وحدث هذا معي فوجدت نفسي أتمناها‏,‏ فهي في نظري الزوجة التي أحلم بها‏,‏ هادئة‏.‏ طيبة‏.‏ حنونة‏.‏ عطوفة‏.‏ تهتم بي‏.‏ كل ما أريده موجود بها‏.‏ وكأن زوجتي لم تكن يوما هكذا‏.‏ لم أتذكر وقتها أن زوجتي كانت بها كل هذه الصفات وقت حبنا عندما كنت أعطيها وقتي وحبي وكل مشاعري‏.‏ وقررت تطليقها لن أستطيع أن أحكي لك ولن تسعفني الكلمات عما فعلته زوجتي لتثنيني عن تركي لها‏.‏ هذه الزوجة الأبية كم ضعفت أمامي ولم أعرها انتباها‏.‏ هذه المرأة القوية كم بكت وتذللت ولم أرحمها بل كنت أسخر من دموعها‏,‏ وأجرحها بكلماتي القاسية‏.‏

وأمزقها باعترافاتي بأني لم أحبها‏,‏ وكم قالت لي عما فعلته من أجلي‏,‏ وتحملته مني‏.‏ لأني كنت أهملها طوال الوقت فكانت تهرب بنفسها إلي تربية أولادي‏.‏ وكل شيء أراه سيئا فيما فعلته معي تبرره لي بأني كنت السبب‏,‏ كانت تشك بي وكان مجرد الشك يقتلها ولكني رفضت أن أصدق أي شيء منها‏.‏

أكتب لك اليوم بعد مرور‏8‏ سنوات‏.‏ أتذكر كل كلمة قالتها لي وأري كل دموع عينيها الجميلتين ومحايلتها حتي أحاول مرة أخري معها ووعودها انها ستصلح ما بيننا‏.‏ تخيل هي التي ستصلح من نفسها من أجلي‏.‏ هذه الزوجة العفيفة الشريفة‏.‏ وأخذتني العزة بالإثم‏.‏

فلماذا الاحتفاظ بها وهي هم ثقيل؟ وشيء لا أحبه وتحملته سنوات طوال فلماذا أبقي عليها؟

ثم إني لا يمكن أن أعدل بينهما‏.‏ فهذه زوجة قديمة أعلم كل عيوبها‏,‏ بل لا أري فيها وقتها أي مميزات‏.‏ أما من أريدها اليوم بعد أن نضجت ووعيت وتدربت وأصبحت في الأربعين‏,‏ هذه هي التي أري فيها كل شيء جميلا‏.‏ سأفعل أي شيء من أجلها هي التي سأهدم بيتي حتي أعيش معها‏.‏ وهي التي سأترك أولادي من أجلها‏.‏ ثم والأهم لن توافق زوجتي أبدا علي زوجة أخري‏.‏ كيف وهي تموت لو ساورها مجرد الشك‏,‏ وطبعا وقتها لم أفسره علي انه حب‏.‏ ولن توافق الجديدة ولا أهلها ومعي زوجة أخري‏.‏ بل كيف سأجعل أهلي يساعدونني في زواج جديد‏.‏ لابد أن أعيش دور الضحية واني وحيد‏.‏ وهل أمشي في الحرام أم أعف نفسي بالزواج‏.‏ إذن لابد من التخلص منها‏.‏

وإمعانا في جعل تركي لها حلالا مباركا من الله جلست أياما وشهورا أقنع نفسي‏,‏ وأجمع كل شيء حدث منها وأبلوره وأجعله مأساة كبري لم يتعرض لها رجل غيري‏.‏

وصدقت نفسي تماما‏.‏

فطلقتها بعد ممانعة شديدة منها لم أتصور هذه المرأة القوية بكل هذا الضعف‏.‏ لم أتخيل أنها كانت تحبني كل هذا الحب‏.‏ لم يخطر ببالي أنها تتمناني بكل هذا العمق‏.‏ ماتت زوجتي فجأة بعد أيام من تطليقها‏.‏

نعم ماتت زوجتي بحسرتها علي‏.‏

هل تعتقد أني صحوت‏.‏ أني ندمت‏.‏ هل شعرت بمدي ظلمي لها‏.‏ لا لم أشعر بشيء وقتها‏.‏ ستتهمني وكل قرائك بأني بلا مشاعر‏.‏ بلا مباديء‏.‏ بلا أخلاقيات‏.‏ بلا إنسانية ـ فالعشرة ما تهونش ـ إلا علي ولاد الحرام ـ ولكني وقتها كنت أعيش الحلم في الحياة الحقيقية مع من اختارها قلبي وعقلي وكأن زوجتي رحمها الله لم تكن من اختيار قلبي وعقلي‏.‏ كانت ومازالت وستظل‏.‏ ولكن وقتها كنت أقول لها بكل قوة من اخترتها في العشرينيات ليست مثلها في الأربعين‏.‏

تصور هذا كان تفكيري بالفعل‏.‏ وكانت تقول لي ماكنش حد فضل متجوز لو كل كام سنة هيغير رأيه فيغير مراته يعني مافيش أب حيربي ولاده‏.‏ مفيش أثنين هيفضلوا متجوزين‏,‏ مش هيبقي فيه أسرة ولا أمان ولا مجتمع متماسك لكن مالي أنا وباقي الخلق‏.‏ المهم أنا‏.‏ وأنا فقط‏.‏ ماتت هي‏,‏ وربما هذا أحسن لي‏,‏ فربما كانت ستسبب لي كثيرا من المشاكل بتصرفاتها التي أعتبرها جنونا‏.‏ ولن تصدق أني يوما عندما قالت لي ها أموت لو سبتني‏,‏ فقلت لها ياريت‏..‏ نعم قلتها لها‏.‏

وكما ملأت نفسي من قبل أن طلاقي تم برضاء الله ووقوفه بجانبي في خراب البيت‏,‏ وفقداني حب أولادي‏.‏ فتزوجت بالأخري‏..‏ فتاة محترمة أحبها كما أعتقدت‏..‏ ناس محترمين وبها جميع الصفات التي أريدها‏.‏

وأعطيتها كل ما حرمت منه زوجتي الحبيبة رحمها الله وأولادي حبي وحناني ووقتي ومالي واهتمامي ومكالماتي وخدماتي وحكاياتي وإخلاصي ووفائي وروحي وخروجاتي وسفرياتي لها ومعها‏.‏ لا لن تجد شيئا لم أفعله لإرضائها‏.‏

ولابد من إنجاح هذا الزواج حتي أظل علي اقتناعي أني كنت ضحية في زواجي الأول‏.‏ وقوبل كل هذا بفتور شديد وكأنها أمور لابد منها‏.‏ وتسرب بيننا الملل خلال شهرين سريعا جدا أسرع مما تخيلت‏,‏ وفترت علاقتنا الحميمة‏.‏ بطريقة غريبة ـ وكنت دائم اتهام زوجتي رحمها الله بأنها السبب من قبل ـ ورزقنا بمولود آية لمن لا يعتبر‏(‏ به كل أنواع العاهات‏)‏ عندما تراه لا تستطيع إلا أن تتمني له الموت واستمرت الحياة‏,‏ ولكن علي النقيض مما تخيلت ورسمت في أحلامي‏.‏ فكلما أعطيت تمادت هي في الأخذ وعدم الاهتمام‏.‏ ولن تصدق أبدا قدرة الخالق الذي أقسم للمظلوم بعزته وجلاله لأنصرنك ولو بعد حين فلقد تغير الحال تماما وأصبحت أنا مكان زوجتي رحمها الله من الإهمال واللامبالاة في كل شيء من زوجتي الجديدة التي كنت أتخيل أنها لا تعرف كيف تؤذي من يقتلها مابالك بزوجها الذي ضحي بكل شيء من أجلها‏,‏ ويعيش معها كأخلص وأنبل وأصدق وأطيب وأحسن مايكون الزوج‏.‏

ما هذا الإهمال وماذا تقول عندما أراها تتحدث مع زملاء لها‏.‏ وأرفض طبعا‏.‏ فتقول لي إنهم مجرد أصدقاء أو زملاء‏.‏ سيبك من الشك ده‏.‏ ولكن يقتلني شكي‏,‏ يقتلني لأني أقارن نفسي بها عندما كنت أخون زوجتي الأصيلة فهي تفعل نفس الحركات بنفس الطريقة‏,‏ وتهملني تماما كما كنت أفعل‏.‏ وتأخذ الأمور ببساطة ولا مبالاة‏,‏ وبلا كلام ولا مناقشة ولا مبرر كما كنت أفعل تماما‏.‏ وعلمت وقتها كم الهم والحزن والمرارة والأسي الذي عاشت بها زوجتي الراحلة وأنا معها‏,‏ وأدركت لماذا كانت دائمة الانفعال والخناق معي‏.‏ ثم لم يمهلني القدر‏,‏ واصيبت عيني اليمني بالعمي‏,‏ وجانبي الأيمن بأكمله بالشلل التام‏.‏

لم أصدق وقتها ما حدث‏,‏ ورغم ما عرفته توسلت لها أن تبقي معي‏.‏ بكيت بكاء مريرا حتي يحن قلبها وكم كانت قاسية تركتني وحيدا معللة لي إنها عاشت معي هذه السنة ونصف السنة في هم شديد‏!!‏

وإني السبب في كل ماهي فيه من تعاسة كيف تصورت أنها ستبقي معي بجانبي وأنا مريضا وبلا عمل؟ أنا اليوم و حيد أتبول علي نفسي ولا أجد أحدا حولي‏.‏ أنا الآن أري بكل وضوح ما فعلته بكل من أحبني وكنت أعتقد أني لا أحبهم ولا يحبونني ولست حزينا علي شيء في حياتي رغم كل ما حدث لي إلا علي دموع زوجتي ـ رحمة الله عليها ـ وكم كنت أتمني أن تكون علي قيد الحياة‏.‏ ليس لتقف بجانبي رغم علمي التام أنها لم تكن لتتركني ابدا في هذه الحالة‏.‏ ولكن أردت لها الحياة لتري أن الله قد أخذ لها حقها مني‏,‏ وكنت أريدها أن تشفي غليلها مني بدلا من الموت بحسرتها‏.‏ أدعو لها في كل يوم وكل آذان وكل صلاة عندما أتذكر ما كانت تفعله من أجلي واعتبره أنا إساءة وإهانة‏.‏

مرت‏8‏ سنوات علي حالي هذا‏,‏ لم يمر فيها أولادي علي‏.‏ ابني الشاب الذي كان سيصبح عكازي وابنتي التي أصبحت عروسة‏,‏ وأنا لا ألومهم فقد ذكر في القرآن الكريم وقل رب ارحمهما كماربياني صغيرا‏.‏ وأنا أستخسرت فيهما نفسي وشبابي فمنذ البداية تركتهما لأمهما تربيهما وحدها مع إني كنت أعيش معهم‏.‏ وكأنهم ليسوا مني‏.‏

وعندما ماتت أمها تركتهما ايضا للاهتمام بنفسي حتي أبدأ من جديد‏.‏ وأتمني أن يأتي يوم ما يستطيعان فيه أن يغفرا لي‏.‏

أكتب حكايتي لكل رجل حتي يراعي الله ويتقيه في زوجته الأولي ولا يدمرها ويعلم أنه في هذا الزمن السريع لن يستطيع أن يعدل‏,‏ولكنه يستطيع أن يخلص ويعطيها من وقته واهتمامه وحبه وحنانه ويشعرها بالأمان وسيري عجبا‏.‏ فبعد حالي هذا ومع كثرة معارفي وأقاربي وأصدقائي وزملائي‏.‏الحسنة الوحيدة التي تخفف عني‏,‏ أني كنت عبرة لكل هؤلاء الشباب والرجال فتحسنت أحوالهم بعد أن حسنوا معاملتهم لزوجاتهم‏.‏

وأعود اليوم لأقول لك ليتني سمعت صوت الآخرين وهم يحذرونني بأن ما أشعر به وقتها من عدم الحب لزوجتي ليس حقيقيا ولكن ماذا ينفع الندم الآن‏.‏ فالإنسان دائما يحلم بواقع أفضل من واقعه‏,‏ فيتحرك في اتجاه الحلم مضحيا بهذا الواقع ثم لايجد في آخره إلا الحسرة التي أتجرعها الآن‏.‏

**‏ سيدي‏...‏ لو كانت زوجتك الراحلة ـ رحمها الله ـ هي التي كتبت تلك الرسالة‏,‏ ما استطاعت إدانتك كما أدنت نفسك‏..‏

فسطور رسالتك المضطربة بأفكارها المتناثرة بلا ترتيب تكشف حجم المعاناة والوحدة والندم الذي تعيشه‏,‏ وكأنك تلبست روحها الطاهرة وجعلتها هي التي تتحدث عبر قلمك‏..‏ تتحدث بإحساس الزوجة المحبة التي أفنت عمرها‏,‏ وقضت أيامها لإرضائك والتكفل بتربية طفليك‏,‏ دون ان تضيق عليك الخناق‏,‏ وبدلا من أن تتفرغ لعملك ونجاحك انطلقت نحو نزواتك ومغامراتك‏,‏ مدعوما بأفكار شيطانية لايليق بأحد أن يلصقها أبدا بالله الخالق العادل الرحمن الرحيم‏.‏

توسلت اليك ان تبقي عليها ولا تطلقها‏,‏ حبا وحرصا علي استقرار أسرتكما الصغيرة‏,‏ ولكنك لم تفهم ولم تشعر بألمها وضعفها‏,‏ غرتك قوتك معتقدا ان السعادة ليست فيما تمتلك ولكنها ترقد هناك في جسد وعمر شابة صغيرة‏,‏ وكأن زوجتك فقط هي التي استقلت قطار العمر فيما أنت واقف علي نفس المحطة تتصيد الخطيئة‏,‏ وكلما حماك الله أو سترك اعتقدت انه راض عليك يبارك خطوك‏,‏ فيما هو يزيدك في طغيانك ومعصيتك‏,‏ والانسان المؤمن هو الذي يقلق إذا وجد أن الله ييسر له المعصية ويبارك له فيما يسعي إليه‏,‏ لقد كان عقابا ياسيدي وبلاء كبيرا‏,‏ فكنت صيدا كبيرا للشياطين تلعب بك وتزين لك الخطيئة‏,‏ وأنت سائر في غيك وغير مبال بالبيت الذي تهدمه علي رأس من يحبونك ويتمنون رضاءك‏.‏

ماتت زوجتك المسكينة بحسرتها‏,‏ ماتت لتستريح من قسوتك وظلمك‏,‏ وتركت صغيرين في قلبيهما حسرة ويتما بعد ان فقدا الأم وقبلها الأب‏,‏ لم تنزعج ولم يصح ضميرك‏,‏ بل استرحت وبررت كل شيء لنفسك‏,‏ ضحيت بإبنيك كما ضحيت بأمهما وكان لك ان تشرب من كأس أكثر مرارة‏.‏

كما تدين تدان والله هو الحق العدل‏,‏ ومن أعمالك سلط عليك‏,‏ ومن ذهبت اليها بحثا عن سعادة علي حساب آخرين لم يرتكبوا إثما في حقك‏,‏ هي نفسها التي أذاقتك من نفس الكأس‏...‏ لا أعرف كيف تصورت أن فتاة في نصف عمرك تقريبا سترضي بك وستمنحك السعادة التي قتلتها بيديك عندما قدمتها لك من أحبتك وعاشت معك أغلب سني عمرك‏.‏

الطيبون للطيبات زوجتك كانت طيبة لذا فقد اختارها الله بعيدا عنك‏,‏ وتركك لمن تماثلك‏..‏ أهانتك وخانتك وأذلتك وقضت علي إحساس الرجولة بداخلك‏,‏ وهل كنت تنتظر غير ذلك‏.‏

سيدي‏..‏ لا أريد أن أقسو عليك وأنت في هذه الظروف‏,‏ فما قلته لك سابقا هو كلامك‏,‏ وصوتك‏,‏ وكما أردت‏,‏ حكايتك درس لكل رجل يستسلم لنزواته ولايري النعمة التي بين يديه ولا يشعر بها إلا بعد فقدها‏..‏

دعواتنا أن يغفر لك الله ويقبل توبتك وصلاتك وصدقاتك‏,‏ ويملأ قلبي ابنك وابنتك بالعفو والرحمة‏,‏ فيرحما كبرك ومرضك ويستجيبا لما أمرنا الله به من بر الوالدين ومصاحبتهما في الدنيا معروفا‏,‏ وان يحتسبا ألمهما وعذابهما عند الذي لاتضيع عنده الحقوق ولا الأمانات‏,‏ ويتأكدا أن والدتيهما لو كانت علي قيد الحياة ما ارتضيت قسوتهما عليك‏,‏ فلا يليق بنا ان نرتكب أخطاء من أخطأوا في حقنا‏,‏ ليتهما يمدا لك يد الرحمة والمحبة ويغفرا لك لعل الله يرفع عنك غضبه وعذابه‏..‏ وإلي لقاء بإذن الله‏.‏


الثلاثاء، 26 أكتوبر 2010

وهذا الوحش من بريد الجمعة

..‏ وهــذا الوحــــــش‏!‏



‏أكتب إليك لعلي أجد حلا وليس كلاما يواسيني‏..‏ أريد حلا من فضلكم‏,‏ حلا من المفكرين‏,‏ من علماء الدين‏,‏ وأرجو أن تقرأ رسالتي بعناية‏.‏

أولا أنا قرأت رسالة هذا الوحش بتاريخ 20 نوفمبر 2009 وآلمتني كثيرا‏..‏ آلمني حال الأب ولكن ليس بالمعني الذي سوف تفهمه من كلامي‏,‏ ولكن آلمني أن يخفف الله عنه بعضا من عذاب الآخرة بإصابته بالمرض في الدنيا‏,‏ كما آلمني حال الفتاة وأقول لها استريحي لقد مات سبب عذابك أنت واخوتك‏,‏ وهو يحاسب الآن‏!‏

طبعا ستتعجب من قسوة كلامي‏,‏ ولكني أقول لك إني ابنة لواحد من هؤلاء المحسوبين علي المجتمع بأنهم آباء‏,‏ قال الأحنف بن قيس لمعاوية‏:‏ أولادنا ثمار قلوبنا‏,‏ وعماد ظهورنا‏,‏ ونحن لهم أرض ذليلة‏,‏ وسماء ظليلة‏..‏ إن غضبوا فأرضهم‏,‏ وإن سألوا فأعطهم‏,‏ ولا تكن عليهم فظا فيملوا ويتمنوا وفاتك‏,‏ أنا بنت أستطيع أن أقول لك وبكل تواضع‏:‏ إن آزر عندما ألقي سيدنا إبراهيم في النار كان أحن عليه من أبينا‏,‏ لا أعلم من أين أبدأ‏,‏ فأنت لن تصدقني فيما أقول‏,‏ ولكن لابد أن تصدقني حتي تجد لي حلا‏,‏ ولابد أن يصدقني قراء بريدك حتي يعيد كل أب قاس النظر في معاملته لأبنائه‏,‏ ويهرع كل ابن وابنة إلي والديه يقبلهما عندما يري ما نحن فيه‏!‏

نحن اختان‏,‏ أنا الصغري وأبلغ من العمر‏24‏ عاما‏,‏ واختي تكبرني بثلاث سنوات كان لي أب يمتلك أسوأ طباع علي وجه الأرض‏,‏ له صوت مثل هدير طائرات حرب أكتوبر‏,‏ يشكو منه دائما سكان المنطقة الراقية التي نسكنها‏,‏ تعودنا من صغرنا أن نستيقظ من نومنا علي سيل من أقذر الألفاظ الموجودة علي وجه الأرض‏,‏ تصل إلي حد ألفاظ كشف العورة بسبب أنه لم يجد علبة الكبريت في مكانها‏,‏ أو أننا اشترينا صابونة جديدة قبل اختفاء القديمة تماما‏,‏ أو أننا رتبنا حاجياته المبعثرة بشكل قذر‏,‏ أو أن كرسي الفوتيه يبعد عن الحائط مسافة‏2‏ سم‏,‏ أو أنه اكتشف ضياع ربع جنيه‏..‏ نعم والله وأقل من هذه القيمة‏.‏

هذا هو أبي الرجل ذو الستين عاما‏,‏ مهندس المعمار المرموق في إحدي كبري الشركات‏.‏ رجل نشأ من صغره بعيدا عن بيته‏,‏ لقد كان والده دائم الطرد له دونما اخوته بسبب عقوقه وتطاوله عليه‏,‏ وهكذا كبر وخطب كثيرا وتزوج وطلق إلي أن وقع حظ أمي العاثر معه‏,‏ وكانت آخر زيجة له‏,‏ ومنذ أول يوم وهو يسيء معاملتها إلي أقسي درجة‏,‏ ويسبها بأقذر الألفاظ‏,‏ وهو ويفتح الشبابيك وباب الشقة حتي يعلم الجيران كم هو رجل‏,‏ فهذه هي الرجولة في نظره‏,‏ يطردها ويأخذ كل ما معها من نقود حتي تشحت من الجيران‏,‏ أو تذهب إلي بيت أهلها البعيد جدا سيرا علي الأقدام‏,‏ أنجبتنا أمي في هذا الجو ولا أعرف لماذا‏!‏ وذقنا كل ما ذاقته من العذاب والهوان معها‏,‏ والصراخ من جانب أبي‏,‏ ووصلة الألفاظ المحترمة التي لم أسمع مثيلها حتي في أقذر الأحياء‏.‏ كان يعتمد علي مرتبها الضئيل‏,‏ فهو يملأ المنزل بالطعام‏,‏ أما الملابس والفسح وشراء أكل مواسم الأعياد‏,‏ كحك العيد الصغير مثلا‏,‏ أو الدروس الخصوصية والدكتور للعلاج من الأمراض كلها من الكماليات‏,‏ فكيف لنا أن نمرض‏,‏ وكيف لنا أن نطلب قليلا من كحك العيد‏,‏ أو حلوي المولد‏.‏ لقد كانت له استراتيجية خاصة كل عيد‏,‏ فهو في وقفة كل موسم يقوم بأكبر خناقة علي وجه الأرض‏,‏ ونتلقي ما نتلقي من السباب والضرب والطرد حتي نذهب إلي بيوت أخوالنا الأغنياء نأكل عندهم‏,‏ ويتخلص هو من عبء أكل الموسم‏.‏ لقد جعل الله الأعياد فرحة لتهدأ فيها النفوس ويتصالح المتخاصمون‏,‏ لكن كل عيد كان لعنة علينا‏,‏ لقد كنا نتحاشي الكلام معه ونحبس أنفسنا حتي لا يرانا ويتلكك لنا‏,‏ ولكن هيهات‏,‏ فهو فنان في النكد‏,‏ مبدع في التلكيك‏,‏ لقد كان أرق وأنظف ما نسمعه هو أنه سوف يأتي بحذائه ويغمسه في قاع التواليت ثم يمسح به وجوهنا‏..‏ يا إلهي كم هو شاعري‏..‏ يا إلهي من أين له بهذا اللسان؟‏!‏

ولعلك تسأل نفسك‏:‏ لماذا لم يتدخل أحد من أقاربنا؟ الكل كانوا يهابون صوته وألفاظه‏,‏ كما أنه كان ممثلا من الدرجة الممتازة‏,‏ فقد كان يقسم كذبا أننا نحن الذين ضربناه وسببناه ومزقنا ملابسه‏,‏ وأننا نرتدي والعياذ بالله ملابس خليعة تجعله يقسو علينا قليلا حتي نعود لرشدنا‏,‏ وهكذا كففنا عن الشكوي فلا جدوي‏,‏ كما أن الجميع نبذنا‏,‏ فنحن دائمو المشكلات‏,‏ كما أنه كان يضربنا ضربا مبرحا إذا ما علم أننا شكوناه‏!‏

لقد وصل الأمر إلي أن أمي كانت تعطيه أحيانا نقودا ليكف عن الشجار‏,‏ فكان يأخذها ويهدأ يوما ثم يعود لسابق عهده‏.‏ لقد كان ما تفعله أمي هو قول‏:‏ حسبنا الله ونعم الوكيل‏..‏ اللهم اعطني جزاء آسيا امرأة فرعون‏..‏ اللهم اجعله لي في الآخرة‏.‏
ماتت أمي الجميلة الوديعة صاحبة أرقي أخلاق‏,‏ كما كان يلقبها الناس‏.‏ ماتت بسرطان في المعدة بسبب كثرة ما كانت تتناوله من أقراص الصداع أو المهدئات علي معدة خاوية‏,‏ فقد كانت تمل الأكل من كثرة النكد‏.‏ ماتت خلال عشرة أيام فقط من مرضها‏,‏ فقد رحمها الله سريعا‏,‏ وكفر عنها سيئاتها بتحملها أبي‏,‏ لاقت جزاء آسيا‏,‏ فأنا والحمد لله أحلم بها دائما تضحك كما يقول القرآن عن جزاء أهل الجنة وجوه يومئذ مسفرة ضاحكة مستبشرة‏.‏ ماتت وأنا أتذكرها وهي تتوسل لأبي في أيامها الأخيرة قبل مرضها ليجد لها طبيبا وهو ينظر لها ويتشفي‏,‏ أتعلم أنه لم يدفع شيئا في رحلة مرضها القصيرة جدا‏.‏ لقد باعت هي ما باعت ودفعت علاجها‏,‏ ولكن أبي ذا الجبروت ادعي أمام الجميع أنه هو الذي تكفل بعلاجها‏,‏ يا إلهي كيف أحيا وأنا أعلم أنه السبب في تعاستها طول‏26‏ عاما هي مدة زواجهما‏,‏ ولن أقول لك إنه سبب غير مباشر في وفاتها‏,‏ فالأعمار بيد الله‏,‏ وإنا لله وإنا إليه راجعون‏,‏ نحقد عليه سرا أنا وأختي ونحن نراه يضحك ويأكل ويتمتع بحياته‏,‏ ويذهب لأصدقائه‏,‏ ويفحص نفسه فحصا شاملا كل‏6‏ أشهر للتأكد من خلوه من الأمراض‏,‏ فهو رياضي ومحافظ علي نفسه من الدرجة الأولي‏,‏
لقد كنا نظن أن وفاة أمي ستكون سببا في هدايته ولكن هيهات‏,‏ فالهادي هو الله‏.‏


لقد ابتلانا الله بوفاتها وابتلانا بوجوده معنا‏,‏ لقد زاد في إيذائه لنا بسبب رغبته في معاش أمي الضئيل الذي لم يتجاوز‏280‏ جنيها‏,‏ كنا نضرب ونسب حتي نعطي له المعاش مع العلم بأننا لا نعمل وكل حاجياتنا عدا الأكل من هذا المعاش‏,‏ وعندما كنا نشكو لأحد كان يدعي أننا كاذبون وأننا جننا من الصدمة علي وفاة أمنا رحمها الله‏,‏ كما أنه كان يذهب إلي أخوالي من دون علمنا ويدعي علينا بالباطل ليجدوا له عذرا في تصرفاته‏!!‏

مرضنا بالاكتئاب والقولون العصبي‏,‏ وبالضغط وبالصداع المزمن‏,‏ وباضطراب في ضربات القلب‏,‏ وضيق التنفس‏,‏ وجفاف أغشية العين‏,‏ وضعف النظر من كثرة البكاء‏,‏ وذهبنا إلي الأطباء النفسيين بحثا عن علاج‏,‏ وهو لا يرحم ولا يتعظ ولا يمرض حتي بالزكام‏,‏ والحمد لله أنه لا يمرض‏,‏ فأنا لا أريد أن يكفر الله بعضا من ذنوبه بمرضه‏.‏

أريد أن أسأل هل سوف يحاسبني الله علي كرهي له؟ لقد قال القرآن‏:..‏ وقل ربي ارحمهما كما ربياني صغيرا‏,‏ فهل أرحمه وهو لم يربني‏,‏ أنا لا أتذكر له أي حسنة‏,‏ لا أتذكر سوي سبابه الدائم لنا‏,‏ وتشهيره بنا‏,‏ لا أتذكر سوي مشهد خروجنا في الأعياد باكين وآثار الضرب علي وجوهنا نتحاشي الجيران‏,‏ لا أتذكر سوي معايرته الدائمة لي ولأختي بأننا عوانس‏,‏ ومن ذا الذي سوف يصاهر هذا الرجل حتي وإن كنا اثنين من الملائكة‏,‏ لا أتذكر سوي سبابه بدون سبب لي أمام أصدقائي في المنزل‏,‏ وظهوره أمامهم بهدوم ممزقة وهو يمتلك أفخر الملابس حتي يشعرني بالإهانة‏,‏ لا أتذكر سوي ما أتناوله من أدوية وشكلي أنا وأختي الذي يشبه العجائز من الحزن بسببه‏,‏ وهو لا يتناول غير الفيتامينات‏,‏ لا أتذكر سوي صراخه بجانبي بأقصي صوت وأنا نائمة بعد عناء يوم دراسي حتي أستيقظ مذعورة‏,‏ فكيف ننام وهو مستيقظ‏.‏ هو لا يرحم‏,‏ حتي في عمله‏,‏ قاس‏,‏ لقد تبرع أحد العمال وحاول ضربه بقالب طوب حتي يشفي غليله‏,‏ ولك أن تتخيل أن يضحي عامل بناء بسيط بوظيفته من أجل أن يشفي غليله من كثرة ما يوقعه علي العمال من جزاءات‏.‏

ليته طالبنا بالعمل مثل صاحبة الرسالة حتي نخرج ونجد من يبتسم في وجهنا‏,‏ لا تقل لي اصبري فلماذا لم يصبر الأنبياء‏,‏ وهم أنبياء‏,‏ علي قومهم‏,‏ وكانوا يدعون الله أن ينزل الخسف والعذاب بقومهم‏,‏ ولا تقل لي اعفي وسامحي فإن الله يعفو ويسامح‏,‏ لكني أقول لك إن الله هو النافع الضار‏,‏ المنتقم الجبار‏,‏ يعفو ويغفر بعدما يتذلل له العبد ويتذلل حتي يغفر له‏,‏ ولا تقل لي إن أباك يعاني من معاملة والده‏,‏ فأبي سوي تماما وفي منتهي الرقي مع أصدقائه ومن يعرفهم من علية القوم‏.‏

أطلت عليك ولكن أوجد لي حلا‏,‏ لقد رفع الله البلاء عن سيدنا أيوب بعد‏18‏ عاما‏,‏ فلماذا نحن مستمرون‏27‏ عاما؟‏!‏ ارحمنا يارب وعوض علينا‏!‏

أتعلم لماذا لم يتكلم القرآن عن عقوق الآباء‏,‏ لأنه شيء فوق الخيال‏,‏ لأن الآباء هم الذين ينجبون الأبناء برغبتهم‏,‏ فلماذا القسوة عليهم؟ إني أطلب من قرائك ألا يدعو عليه أحد أو يهجوه أحد‏,‏ فأنا لا أريد سبا في غيبته حتي لا يحاسبني الله‏,‏ ادعوا له بالهداية وادعوا لنا أن ننسي‏,‏ سأصبر‏,‏ سأصبر حتي يعجز الصبر عن صبري‏,‏ واصبر حتي ينظر الله في أمري‏,‏ رحم الله رجلا أعان ولده علي بره‏,‏ اللهم اغفر لي ولأمي ولأمة محمد صلي الله عليه وسلم‏.‏

سوف احيا من بريد الجمعة


سوف أحيا


استفزتني كلمات رسالة آلام الخوف بتاريخ 17 سبتمبر 2010 كثيرا وذكرتني بنفسي وأرجو منك يا سيدي أن تتذكرني‏,‏ كنت قد كتبت لك منذ ما يقرب من العام ردا علي رسالة طريق الطلاق أحكي لك فيها كيف أنني فعلت جهدي مع رجل أقل مني اجتماعيا

ولم يقدم لي في زواجي منه سوي الظلم‏,‏ ومع هذا قاتلت باستماتة لتستمر حياتنا حتي ينشأ طفلي نشأة سوية‏,‏ وأراحني ردك كثيرا واثبتته لي الأيام كيف أن حالنا أفضل ألف مرة انا وطفلي بدونه‏.‏

وأحكي قصتي كاملة أوجهها لتلك الفتاة المرتعبة التي تموت كل يوم بسيف أفكارها وحده‏,‏ وكلي أمل أن تغير قصتي مجري تفكيرها‏.‏

أنا فتاة ولدت بمرض وراثي في الدم ولست وحدي بل أنا وأغلب أخوتي‏,‏ وكان والدي رجلا صالحا رحمه الله فكان يدعو الله ويتجلد بالصبر أمام الآلام المبرحة التي تصيبنا كنوبات‏,‏ وبعد ذهابها نعود فنمارس حياتنا بشكل طبيعي‏,‏ وتميزنا ولله الحمد وكنا فخرا له ولأمي حتي رحل عن الحياة وتركنا في مراحل التعليم المختلفة‏,‏ فأكملت أمي بكل صبر الرحلة‏,‏ ورزقنا الله بأب كريم ساعدها فينا فقد كان من المستحيل أن تحمل عبئنا وحدها فمرة يحتاج أحدنا لمحاليل ومرة لنقل دم والعجيب في هذا المرض أنه ممكن أن يختفي بالسنوات وممكن أن يظهر بلا مقدمات‏!‏

كنا نعيش حياتنا بأقصي طاقة وبلا خوف وتمر لحظات الألم بالدعاء والصبر والرضا التام بما كتبه الله علينا وكان أبي يعلمنا أننا أفضل من الأشخاص الذين لم يذوقوا عناء المرض وعجزه‏,‏ لنا أن نتفاءل بمنزلتنا المرتفعة في الجنة وبذنوبنا المكفرة بتلك الآلام‏!‏

مات أبي شابا في أوائل الأربعينيات بذاك المرض‏,‏ ورحل أحد أخوتي وأقربهم لقلبي وهو في منتصف العشرينيات بالمرض نفسه بسبب نقص المناعة وأي عدوي تكون واردة‏..‏ وكان الطبيب يقول‏:‏ لا تخالطوا الناس لتجنب العدوي‏,‏ وذهبنا للجامعات ولميادين العمل ونجحنا وعشنا بكامل طاقتنا وبأقصي قدراتنا ولم ير من حولنا فينا هذا الألم‏.‏

وتقدم لخطبتي رجل وتحدثت معه في هذا الأمر بكل وضوح وبساطة وكان ذلك قبل وفاة أخي‏,‏ كان منبهرا بتميزي والفارق الاجتماعي بيننا‏,‏ فلم يعر الأمر أدني اهتمام وتم الزواج وكان سعيدا يشعر بأنه قد فاز وتجلت لي طبيعته المادية جدا بعد الزواج فحثني بكل جهد علي العودة لميادين العمل‏,‏ وحدث حملي وانهرت في بداية عملي واضطررت رغم امتعاضه أن ابقي في البيت لموعد ولادة طفلي‏..‏ ثم رحل أخي وانهرت في ذلك الوقت وكدت أموت واحتجت لتدخل جراحي وبنك دم لأنقاذ حياتي وحياة الطفل‏,‏ فوقف يتشاجر مع أمي ويقول لي لو ستموتين موتي في مستشفي عام قدر الله سيحدث في أي مكان‏,‏ وتوسلت له أمي وقالت إنها ستتصرف في المال ولا تريد منه قرشا‏.‏

ودخلت مستشفي كبيرا وكانت ليلتي قاسية جدا فأنا أفيق من البنج وكل آلام الدنيا عندي وطفلي يكافح ليبقي حيا علي جهاز التنفس الصناعي‏,‏ وصورة أخي الذي كنت أدخل المستشفي أنا وهو أحيانا في وقت واحد لا تفارق وجهي‏.‏

أنت يا عزيزتي تخافين من أشياء عشتها في خيالك فقط ومن خلال كتبك الدراسية وتاريخ عائلتك المرضي‏,‏ أما أنا فعشت الكابوس حيا هذا أخي ونفس تاريخي المرضي قد رحل في زهرة عمره‏,‏ وتركني خلفه للنذل الذي تزوجته لم يترك احدا إلا أخبره بكل ازدراء‏,‏ وكذب كيف أنه سيطلق المريضة التي انخدع وتزوجها‏,‏ والحقيقة التي كنت أعلمها أنه لم يحصد ما ظن أنه سيحصده من زواجه مني فقرر تقليص الخسائر علي نفسه والرحيل‏.‏

وتركني والطفل علي يدي في أول شهور عمره وغادر‏,‏ واكتشفت مع الولادة أنني مصابة بعدوي فيروسية في الكبد من نقل الدم وكنت مريضة بحق في تلك الأيام أسكن بيتا وحدي وتسدد أمي مشكورة الايجار وتحضر لي ما أحتاجه في حدود ما تستطيع‏,‏ وأنا مريضة بالكاد أقوي علي خدمة نفسي والطفل‏,‏ وبقيت انتظر الموت بل وأتمناه‏,‏ وأنا التي منذ عام فقط قبل تلك الأحداث كنت فتاة جميلة يطرق بابها العشرات‏,‏ وتعيش حياتها بكل طبيعية‏!.‏

نبذتني الحياة وشبح أخي الراحل يطاردني بكل اصرار‏,‏ وتملكني احساسك اليقيني بالهلاك نفسه‏,‏ وكنت أنظر لطفلي بكل شفقة وأفكر في مصيره الذي سيكون أفضل لو رحلت بعجزي عن عالمه وتركته لأمي الصابرة تربيه وهو ابن ستة أشهر‏.‏

أخي مدفون تحت الأرض‏,‏ وأنا مدفونة فوق الأرض وأرسل الله لي جارة صالحة طرقت بابي يوما ودخلت عالمي فغيرت قناعاتي وأعادتني برحمة الله للحياة‏..‏ هناك مقولة تقول الشجاع يموت مرة والجبان يموت ألف مرة‏,‏ قالت لي أمامك خياران لا ثالث لهما‏,‏ إما أن تقومي الآن وتبحثي عن أسباب علاجك‏,‏ وإما أن تقتلي نفسك بعقلك كل يوم حتي يقرر الله متي يرسل لك ملك الموت لتموتي حقا‏,‏ وحكت لي عن قريبها الذي كان يقول سأموت شابا وفجأة‏,‏ وكيف أنه بالفعل مات شابا وفجأة‏,‏ أخبرتني كيف أن المرء هو الذي يقرر مصيره بالحياة ويرسم خطوطه بعقله أولا قبل فعله‏,‏ وقالت حديث الله عز وجل الذي قال فيه‏(‏ أنا عند ظن عبدي بي‏,‏ فليظن بي ما شاء‏).‏

أخبرتني كيف انني يجب أن أخجل من نفسي لسوء ظني في رب أحياني وأنجاني وطفلي من الموت ومن عشرة زوج ظالم‏,‏ هل تعلمين زوجي هذا كان يقول أنا طالب من ربنا يخدني وما يمرضنيش‏,‏ أنا مستحملش أكون عيان‏..‏ قبل أن يتركني مباشرة اكتشف اصابته بفيروس كبدي وأنا واثقة في عدل الله وكيف أنه سيلبي دعوته ويريني فيه عجائب قدرته‏.‏

كنت أسأل نفسي‏:‏ هل يصل الظلم بصاحبه لدرجة العمي هكذا‏!‏ ووجدت أنه يفعل ما يذهل أي شخص عاقل أنه من الظلم يا عزيزتي أن يسيء المرء الظن في قدره الي هذا الحد‏,‏ وأنت التي حباك الله بنعمة التفوق وكليات القمة والعلم والصحة‏,‏ فكيف نسيت في زحمة هذا كله أن لك ربا كريما سيكمل عليك نعمته ويصرف عنك كل سوء‏

توقفت عن سوء الظن بالله وتفاءلت كثيرا ورددت لنفسي‏,‏ كل الكلمات الايجابية وبكيت لله وتوسلت ليشفيني وذهبت أطرق الأبواب لأول مرة بحثا عن الشفاء‏,‏ وجربت كل ما وصل لعلمي أنه ينفع في حالتي‏,‏ ورزقني الله بوظيفة عبر الأنترنت يطيقها جهدي واستعين بها علي تربية ولدي‏,‏ وأنا التي كنت عالة علي من حولي‏,‏ وتغيرت حالتي الصحية بشكل معاكس‏,‏ مع تغير حالتي النفسية‏,‏ جربت نعمة العافية وأكمل الله منه علي فظهرت تحاليل ولدي الذي كان يعيرني أبوه به ويقول إنه سيأتي مريضا كأمه وهو ولله الحمد ليس كذلك والآن ولله كل الحمد والثناء وصلت لمرحلة الاستقرار‏,‏ ولم تمنعني تجربتي السيئة مع والد طفلي ومعايرته لي بالمرض من التفكير في الزواج‏,‏ وأقابل الآن من يتقدم لي بلا أي مشكلة وسأكون صريحة مع الشخص المناسب وأخبره بحقيقة وضعي كاملة وظني في الله انه سيرسل هذا الذي يكون رجلا وصديقا وأبا لطفلي وسأنجب مرة أخري‏,‏ فكما قال لي طبيبي في آخر مرة ذهبت لمراجعته أنت عرفت طريقك ومبقتيش محتاجاني روحي عيشي يا بنتي أنت زي الفل‏..‏ وخرجت من عنده وأنا أنظر للسماء وأبكي كم أنت كريم يا رب‏!!.‏
صدقيني يا فتاة عيشي حياتك بأقصي قوتك وتحدثي مع الله كل لحظة بمخاوفك وتوسلي له ليصرفها واستعيني علي نفسك بأقصي طاقة تفاؤل‏,‏ وتوقفي عن الانتظار فهو مر جدا ولا تنتظري من الله سوي الأفضل وتذكري قول النبي‏(‏ لا يموتن أحدكم الا وهو يحسن الظن بالله‏)‏ فلو كنا حتي نوشك علي مفارقة الحياة لا يمنعنا هذا من انتظار رحمته في كل لحظة‏,‏ لأنه أهل لها ولا أنسي وجه أخي المبتسم الذي عاش قويا وناجحا وصامدا يحارب مرضه بكل بسالة ويعيش حياته بلا لحظة تذمر واحدة‏,‏ وطيفه الذي كان شبحا يلازمني بكل رعب الدنيا في مرضي صار الآن ملاكي الحارس ورفيقي الذي يذكرني كم أنني محظوظة‏..‏ لأنني مازلت علي قيد الحياة‏,‏ ومادمت كذلك سأحيا بالأمل كما كان هو يوما رحمه الله‏,‏ وأعانك علي حسن الظن به‏.‏

شعر سيد حجاب سلوا قلبى

سلوا قلبى وقولوا لى جوابا * لماذا حالنا اضحى هبابا
لقد زاد الفساد وساد فينا * فلم ينفع بوليس او نيابه
وشاع الجهل حتى ان بعضا * من العلماء لم يفتح كتابا
وكنا خير خلق الله صرنا * فى ذيل القايمة وف غاية الخيابا
قفلنا الباب احبطنا الشبابا * فادمن او تطرف او تغابى
ارى احلامنا طارت سرابا * ارى جناتنا اضحت خرابا
وصرنا نعبد الدولار حتى * تقول له انت ماما وانت بابا
وملياراتنا هربت سويسرا * ونشحت م الخواجات الديابه
ونهدى مصر حبا بالاغانى * فتملؤنا اغانينا اغترابا
وسيما الهلس تشبعنا عذابا * وتشبعنا جرائدنا اكتئابا
زمان يطحن الناس الغلابة * ويحيا اللص محترما مهابا
فكن لصا اذن او عش حمارا * وكل مشا اذن او كل كبابا
ودس ع الناس اوتنداس حتى * تصير لنعل جزمتهم ترابا
امير الشعر عفوا واعتذارا * لشعرك فيه اجريت انقلابا
وما نيل المطالب بالطيابه * دى مش دنيا يا شوقى بيه دى غابا

الأربعاء، 20 أكتوبر 2010

تحميل كتاب لعبة الامم للكاتب مايلز كوبلاند

من اكثر الكتب السياسية طلبا للتحميل 


أسرار أزمات سياسية بقيت في طي النسيان، عن شعب يعيش في غمرة الأوهام
وآفاق الخيال يستمع إلى الأصوات دونما تعليق. من خلال كتاب “لعبة الأيام”
نفذ مايلز كوبلاند إلى الواقع وكشف النقاب عن كثير من الأسرار وخفايا الأمور
والتستر بديبلوماسية ما وراء الكواليس فأظهر سلوك حكام ورجالات السياسة
يعدّ هذا الكتاب نموذجاً حياً للتاريخ يهدف إلى إزاحة الستار عن حقيقة ارتباطات
الدول الكبرى بالدول المحدودة الإمكانيات التي نجحت أحياناً في إحراز نصر
ديبلوماسي على بعض الدول الكبرى وتمكنت مع الأيام في ممارسة دور أكبر من
طاقتها في السياسة العالمية. فالقوى الحاكمة تطمح دائماً إلى النزاهة والاستقامة
وإضمار الغدر والخداع وفيه التلاعب بالأمم والشعوب هذا هو جوهر “لعبة الأمم”
، إنه كتاب لا يهدف إلى رصّ الجمل والألفاظ ولكن هدفه الأساسي رفع النقاب عن
لعبة السياسة وعن دمى السرح السياسي في العالم.
قرائه ممتعه باذن اللة

http://link.arabda3m.com/1553

اغنية بدعيلك يارب هشام عباس

الثلاثاء، 19 أكتوبر 2010

القلب المحفور من بريد الجمعة

القلب المحفور

انا ياسيدى شاب اقترب من الأربعين تخرجت فى معهد عال منذ حوالى 17 عاما وتخصصت فى احد المجالات الضرورية للعمل الفنى لكن صاحبها يبقى معظم حياته فى الظل شهرة ولا يحفظ الناس اسمه وحين كنت فى السنة الثانية بالمعهد .. ارتبطت عاطفيا بزميلة لى شدنى اليها صفاؤها..





وجمعت بيننا الظروف المتشابهة فلقد كانت مثلى مقطوعة من شجرة كما يقولون يتمية الأب تعيش مع أمها فى احدى المدن القريبة من القاهرة على معاش صغير بلا اخوة ولا اعمام او خالات، وليس لها سوى اقارب بعيدين صلتها بهم شبه منقطعة.. وكنت يتيم الأوبين لى شقيقتان فرقت الدينا بينى وبينهما فاحداهما تزوجت وعاشت فى البحر الأحمر والأخرى تزوجت واستقرت مع زوجها فى سوهاج فى بيت الأسرة.. وجئت انا الى القاهرة الكبيرة لألتحق بالمعهد .. معتمدا على ما تبقى من معاش أبى، وأقمت فى السرايات فى احد اليبوت التى تقبل سكنى الطلبة وفى هذه الظروف التقينا .. هىتقيم فى بيت الطالبات يلتهم كعظم معاشها وانا اقيم فى غرفة مفروشة تلتهم معظم معاشى.. وبادافع من الوحدة.. والتماس الصحبة كنت امضى معظم يومى فى المعهد ادرس واقرأ .. واتكلم مع زملائى وزميلاتى .. وكانت هى مثلى تمضى معظم نهارها فيه واقترب كل منا من الآخر.. ووجد فيه عزاؤه عن غربته ووحدته.. وذات يوم كنا نشاهد بروفة مسرحية كجزء من دراستنا فى احد المسارخ وسط المدينة .. وكنت جائعا فتسللت من المسرح لأذهب الى محل للفول مواجه له.. فوجدتها فيه تأكل الساندوتس.. فشاركتها المائدة وطلبت طعامى.. وبعد انتهائه طلبت منى ان اوصلها الى بيت الطالبات لأن الوقت تأخر بها.. وانحشرنا فى الاتوبيس الى الجيزة وعندما صافحتنى مودعة استبقيت يدها فى يدى وسألتها سؤالا واحدا هل: هل مأحس به تجهاها هو نفس ما تحس به نحوى؟ فأومأت بررأسها نعم.. ثم انفلتت جارية الى مسكنها .. ووقت أنا مذهولا منالسعادة لحظات قبل ان استدير عائدا الى مسكنى.. كنا ايامها فى السنة الثالثة بالمعهد فأصبحت أصحو مبكرا لأذهب الى ميدان الجيزة سيرا على الاقدام وأق على محطة الأوتوبيس القريبة من بيت الطالبات حتى تجىء ثم نركب معا الى المعهد .. فتمضى اليوم كله معا ثم نعود الى ميدان الجيزة فأودعها وأسير انا الى غرفتى فى بين السرايات وهكذا كل يوم نذهب معا ونشارك فى نشاط المعهد معا.. ونذاكر معا فى حديقة الأورمان .. او نشاهد تجارب الفرق المسرحية والندوات معا، وقد عرف كل الزملاء ارتباطنا واحترموا علاقتنا التى توجناها بالخطبة فسافرت الى بلدتها فى عطلة نهاية الأسبوع والتقيت بأمها وطلبت يدها منها.. وقدمت لها دبلة الخطبة وعدنا سعيدين الى دراستنا.
وتخرجنا معا فى يوم واحد .. وجاءنا تعيين القوى العاملة بعد شهور فأنقذنا من الضياع.. فعينت هى فى وظيفة صغيرة بأحد قصور الثقافة .. وعينت انا فى وظيفة اصغر بأحد اجهزة الثقافة، وبدأنا نستعد لبناء عشنا.. بلا سلاح سوى مرتبينا الصغيرين.
وفى هذه الفترة مارست اعمالا كثيرة لكى اجمع بعض المال لأستئجار شقة.. فكنت اطوف على مكاتب الاعلان لأعرض عليهم كتابة الاهلانات الضخمة التى تعلق فى الشوارع لأنى اجيد كتابة الخط والرسم الى حد ما.. وكنت اجد فرصة احيانا فأحمل جردل اللون والفرشة الضخمة وارسم واكتب مقابل جنيهات. وكانت هى تخرج من عملها تبحث عنى فى شوارع القاهرة فتجدنى مرة فى شارع رمسيس ومرة فى الهرم واقفا امام لوحة اعلانات.. فتأتى لى بساندوتشات افول والطعمية .. ثم تحمل الى الأدوات وأنا على السلم وتشاركنى الكتابة والرسم الى ان ينقضى النهار ونعود سعداء بالجنيهات التى اعطاها لنا المعلم.. ثم جاءت انتخابات عامة اشتد الطلب شفيها على الخطاطين لكتابة لوحات الدعاية.. فأمضينا ليالى عديدة ساهرين فى ميدان الجيزة نكتب اللافتات ونسلمها لأصحابها.. وبعد ان انتهت الانتخابات كان معنا ما يكفى لاستئجار شقة متواضعة بالدور الأرضى فى بيت شبه ريفى من بيوت الهرم فى ذلك الوقت ورغم تواضعها فلقد فرحنا بها فرحة العمر.. وأسرعنا ننقل ملابسنا اليها ونشترى "اثاثا" .. وكان أثاثا عجيبا بحق.. لكننا فرحنا به ورأينا فيه رياشا فاخرا.. فبروحها الساخرة الصافية نزلنا الى احد محلات الكليم فى الجيزة واشترينا 3 قطع من الكليم الملون ووسادتين وبطانية وبعض ادوات المطبخ "وسبرتاية" وعدنا للشقة.. فراحت "تفرشها" تفرش كليما فى غرفة خالية وتقول هذه غرفة النوم.. وكليما فى غرفة اخرى وتقول هذه هى غرفة المعيشة.. وكليما فى غرفة الصالة وتقول هنا الأنتريه.. أما الغرفة الثالثة فتركتها خالية للمستقبل! وحددنا ويم عقد القران والزفاف واستدعينا أمها.. وأرسلت اتسدعى شقيقتى ثم اذعنا بين الاصدقاء وزملاء الدفعة موعد القران.. وكان بعضهم قد بدأ يعرف طريق الشهرة والمال.. فى عالم المسرح والفن فجاءوا جميعا يحمل كل منهم شيئا للبيت او الحفل.. بل جاء احدهم وكان من اقرب الاصدقاء الى قلبى يحمل معه "ترابيزة" كبيرة من بيته قال انه لا يحتاج اليها.. وآخر جاء ومعه دستة فناجين وبراد شاى وثال معه شارئط زينة وبالونات قام بتعليقها فى الشقة ورابع جاء ومعه دستتان من المقاعد المؤجرة من محل فراشة قريب.. وهكذا وبعد انصراف المأذون .. بدأ الزملاء يقيمون لى زفة وحفل زفاف استمر حتى الصباح.. أقسم لك انه لو اراد مليونير ان يقيمه لابنته الآن لتكلف عشرات الألوف لأن مطربيه ونجومه أصبحوا الآن من المشاهير! الذين يتقاضون الألوف!
المهم بدأنا حياتنا الزوجية سعداء وليس فى غرفة نومنا سوى كليم ووسادة وبطامية وبدأنا نشترى قطع الأثاث قطعة قطعة.. وبدأت هى تفصل الستائر وتعيد طلاء الشقة وخلال 3 اعوام كان لدينا شقة مقبولة من كل الوجوه,
وبدأت أنا انجح فى عملى ويزيد رزقى .. فأعطيه كله لفتاتى تتصرف فيه بحكمة.. وبعد 5 اعوام من الزواج نجحت فى استئجار شقة حديثة من 3 غرف فىالهرم ايضا ولكن على وش الدنيا انتقلنا اليها "بزفة" اخرى من الزملاء والأصدقاء .. واصبح لنا اثاث معقول.. وأصبحت لى غرفة مكتب ومائدة رسم أعمل عليها فى البيت.. اما هى فقد زادت جمالا وتوردا واصبحت اكثر حبا للناس وللحياة.. وقد الحت على امها لتعيش معنا فأصبحت تمضى معنا بعض شهور السنة وهى سيدة طيبة كأبنتها من هذا النوع الذى لا يكره احدا، وكلما اهديت لزوجتى فستانا او بلوزة جميلة.. فرحت بها ثم ارتدتها مختالة لفترة.. وبعد ذلك اراها بالصدفة على بنت البواب .. او ابنة المكوجى او اى فتاة تتعامل معها.. فاذا سألتها قالت لى ببساطة ان الصوب "يدعو" لصاحبه وهو على جسم غيره حتى يذوب آخر خيط فيه.. وأنها توزع كل ملابسى القديمة وملابسها ايضا لطلب الدعاء ..لكى بحفظ الله لنا سعادتنا وصحتنا، واسمع ذلك فأزداد حب لها وأفهم ساعتها سر خلو دولابى من كل ملابسى وملابسها التى لم يمض اكثر من عام اة عامين على شرائها وأضحك حين تذكرنى اذا ناقشتها فى ذلك بكفاحنا او عندما تقول لى هل تريد لغيرم ان يكون وحيد "البطلون والبلوفر" او وحيدة " الفستان" كما كنا فى شبابنا؟!
لقد زادتها النعمة صفاء على صفاء وحبا للدنيا والناس.. وحين عرضت عليها ذات يوم ان تستقيل من عملها وتتفرغ للبيت رحبت بذلك استجابة لطلبى وقالت لى انه ليس لها اى طموح سوى ان تسعدنى وتسعد معى بقية أيام حياتناـ وفعلا استقالت غير نادمة وزادت حياتى بهجة بتنظيم امورى وعملى الذى توسع بعد ان تعاملات مع المخلات التجارية واصبحت مصمم ومنفذ ديكور مكلوبا فى السوق.. وأصبحت هى تشاركنى فى عملى.. فترسم وتصمم وتشارك فى التنفيذ.. وذوقها ممتاز ودائما استشيرها فى اعمالى..
ثم نأتى الى المشكلة .. وهل تخلو حياتى من مشاكل ياصديقى كما تقول دائما؟
ان المشكلة التى لابد انك فهمتها هى أننا مازلنا بعد 14 عاما من الزواج "عروسين" نتبادل الحب والاخلاص والاحترام ولكننا وحيدان تماما بلا أطفال وبلا امل فيهم! فلقد شغلنا بحبنا وسعادتنا وكفاحنا خلال السنوات الخمس الأولى من الزواج فلم نلتفت الى اننا لم نرزق أطفالا.. ثم بعد ان استقرت احوالنا المادية وانتقلنا الى الشقة الجميلة بدأنا نواجه تساؤلات الأصدقاء لكنى لم اكن قلقا بسب ذلك.. حتى لاحظت ان زوجتى قد بدأت تشرد احيانا بعيدة عنى .. وحين سألنها صارحتنى بأنها قد فحصت نفسها وان الطبيب قد قال لها انه لا امل فى الانجاب.. وصدقنى انى لم اهتز لذلك.. وقد وجدت فيها الأم والزوجة والابنة والابن ولست احتاج معها الى شىء آخر.. مادامت هذه هذه ارادة الله. ونسيت الأمر كله .. حتى جاء يوم وجدت بالصدفة فى دولابها فستانا واسعا من الفساتين التى ترديها الحوامل .. لم تكن قد اشارت اليه معى من قبل .. فأدركت انها تحن الى ان تكون ككل الزوجات حاملا وان ترتدى هذا الفستان الواسع لكى تختال به.. وادركت عمق المشكلة لديها وحزنت لذلك التخفيف عنها بانتهاز الفرص لكى اقول لها فى كل حين اننى سعيد بحاتى معها وان نشأتى كطفل وحيد يتيم قد نفرتنى من الأطفال .. واننى لا أطيق "دوشتهم" ومشاكلهم.. الخ فتمعنى باهتمام وشك كأنها لا تصدقنى .. ثم تبتسم وتقبلنى وتقلولى ساهمة: ظننت انك تحب الأطفال وتريدهم! فأقسم لها على عكس ذلك.. ثم ننسى الموضع كله الى ان تأتى مناسبة أخرى وهكذا.. ولقد جاءت المناسبة هذه المرة على غير قصد منى .. اذ كنت استعد لركوب سيارتى من امام بيتى فوجدت مجموعة من اطفال العمارة يلهون حول السيارة وفوقها.. فداعبتهم وداعبتهم هىمعى ثم دعتهم زوجتى للركوب معنا فى جولة حول العمارة فركبوا متصايحين وانحشروا فى السيارة وطلبت منى التجول بهم قليلا وهى تضحك وتلاعبهم وبعد ان انزلناهم وواصنا طريقنا كانت سعيدة ضاحكة .. لكنها بددت سعادتى فجأة باقتراح غريب، فهل تدرى ماذا اقترحت على زوجتى؟ لقد قالت لى انها لا تريد من الدنيا سوى سعادتى.. وأنها تأكدت من حبى للآطفال من خلال ملاحظات عديدة وأنها لا تريد حرمانى من شىء اريده بسببها.. لذلك فهى تقترح على ان اتزوج زوجة اخرى لأنجب منها طفلا يحقق رغبتى .. على ان نستمر فى حياتنا الزوجية السعيدة معا! ظننتها تمزح.. لكنها اكدت لى انها جادة، وعادت الى نفس الحديث بعد ايام بجدية تامة مؤكدة لى انه من الأفضل لها ان يتم ذلك بموافقتها بدلا من ان يتم فى الخفاء بعيدا عنها.. وانها لن تحس بأى غضاضة فى ذلك لأن ما يهمها هو سعادتى .. كما ان امكانياتى الآن تسمح لى بفتح بيت آخر وحبذا لو كان قريبا من مسكننا لكيلا أتشتت بينهما.. وأن كل ما تطلبه منى هو ان اكون عادلا بين الحياتين والبيتين!
لقد رفضت هذا الاقتراح لكنه أزعجنى.. لأنه كشف لى عن عمق المشكلة.. ولم اعد الى الحديث فيه ممن جديد.. حتى اثارته منذ ايام وطالبتنى بالتفكير فيه بجدية وحين رفضت شارحا أسبابى أصرت.. حتى اقترحت عليها تخلصا منالموقف ان نحكمك بيننا وهانذا افعل ..واطلبك با، تقول رأيك بصراحة.. مع العلم بأنى لا اشعر بحاجتى الى الأطفال وقد اعطتنى الحياة هذه الشريكة المحبة.. وهذا النجاح .. وهذه السعدة حتى لقد استعرضت معها احوال بعض زملاء الدراسة القدامى الذين اصبحوا من المشاهير الآن، وبعضهم انعم الله عليهم بالانجاب لكن حياتهم ممزقة، وبعضهم تزوج اكثر من مرة.. والشبعض دفع ثمن النجاح من صحته وتعاسته الشخصية.. والبعض الآخر تهدمت حياته الزوجية وتمزق الأبناء بين الأباء والامهات .. لكنها مازالت متشككة.. فماذا تقول لى ولها؟
● ولكاتب هذه الرسالة أقول: لماذا ياصديقى نفسد الاحلام الجميلة بالبحث عن العذاب؟
انك تعيش معها حلما جميلا من احلام السعادة الزوجية وكلاكما منحفور فى قلب صاحبه بنقوش عميقة من الزكريات وقصص الكفاح وروابط التفاهم العميق والايثار.. فلماذا تفتحان على نفسيكما ابواب الجحيم؟
اننى اصدقك وان هلفنى البعض فى ذلك حين تقول لى انك سعيد فى حياتك كما هى الآن وراض بها ولا تحس برغبة حقيقية فى هم هذه السعادة جريا وراء الانجاب، مادامت هذه هى ارادة الله ولا راد لارادته، اصدقك ياسيدى لأن لكل حال جمالها كما لكل حال ايضا مشاكلها.. ولآن كثيرين غيرك يستطيعون العيش بغير الانجاب ولا يفرطون فى شريكات العمر لهذا السبب وخجه أبدا ولا غرابة فى ذلك.. ألسنا نرى فى الحياة عديدين يستطيعون الحياة بلا زواج من الأصل ؟ فما وجه الغرابة اذن فى ان يكتفى مصلك بهذه الزوجة الرئعة المتفانية فى اسعادك الى حد التطوع باكمال ما تعتقده من نقص فى حياتك باقتراح زواجك من غيرها؟
ان المشكلة ليست مشكلتك انت ياصديقى .. لكنها فى رأيى مشكلة زوجتك التى تعانى من قلق كامن على سعادتها، ومن خوف شديد من ضياعها.. لذلك فهى "تدافع" عن سعادتها بهذا الاقتراح كأنها تتعجل مواجهة المشكلة قبل ان تفاجأ بها وهى غافلة عنها!
انها تتصور ان هذه الرغبة كامنة داخلك انت.. وتحاول مساعدتك على اظهارها.. وتعفيك مقدما من أى شعور بالذنب تجاهها وهى فى ذلك سيدة عظيمة بكل معانى الكلمة.. لكنها تظلم نفسها كثيرا بلا داع و"اختباراتها" المتكررة لاكتشاف مدى حبك للأطفال عذاب لا مبرر له.. لأن رضانا عن حياتنا بلا اطفال احيانا لا يعنى ابدا ان نكرهم لان حب الأطفال شعور انسانى طبيعى سواء اكنا محرومين منهم ام غي محرومين ولا يعنى حبنا للآطفال اننا نريدهم جميعا ابنا لنا.
ثم لماذا ننظر دائما الى المستقبل هذه النظرة الحزينة الخائفة غير الأمنة على سعادتنا؟ أليس عجيبا أننا لا نكاد نقترب من اآ انسان تمضى حياته بلا مشاكل درامية ظاهرة حتى نكتشف داخله اعماقا حزينة خائفة من المستقبل؟ لقد اصبحت اشك دائما فى ان هذاالميل الغريزى للحزن داخلنا هو من ثمار تربية خاطئة فى بيئات اسرية حزينة تستجيب لدواعى الحزن بأكثر مما تستجيب لدواعى السرور وتستغرب السعادة وتتوقع لها دائما نهايات مأساوية.. بل وتتوجس من الرور خوفا مما سوف يليه من احزان.
ألسنا جميعا شركاء بشكل أو بآخر فى هذه النظرة الخائفةالحزينة؟ والسنا جميعا شركاء فى هذه الجريمة التى تسرق ايامنا بغير ان ندرى وتبددها فى المخاوف والاحزان غير الجدية.
ان زوجتك خائفة على سعادتها معك ياصديقى وتحاول ان تدفع عن نفسها هذا الخوف وهذا القلق على مستقبلها معك بهذا الاقتراح فطمئنها على سعادتها وعلى نفسها وأكد لها ان كليكما مشدود للآخر بحبل سرى لمن ينقطع ولن ينقطع باذن الله.. فاذا كانت هى تحس بالحنين الى الأطفال فما اسهل ان ترعى طفلا يتيما محروما تفرغ فيه امومتها المكبوتة وتخدم به الحياة وتخفف من بعض آلامها، اما اذا كانت لا ترغب فى ذلك فلتواصلا حياتكما كما هى.. ولتستمعا بما بينت ايديكما من اسباب للسعادة.. لأن "لكل شىء اذا ما تم نقصان" كما يقولون ولأن لكل انسان حظه فى الحياة، لأن الحظوظ تتفاوت دائما بين البشر فتعطى الدنيا لانسان شيئا وتسلبه شيئا.. وتعطى للآخر اشياء وتسلبه اشياء اخرى فتتساوى الأقدار دائما فى النهاية وان بدا لنا غير ذلك.
الحظوظ تتفاوت دائما بين البشر فتعطى الدنيا لانسان شيئا وتسلبه شيئا.. وتعطى للآخر اشياء وتسلبه أشياء اخرى فتتساوى الأقدار دائما فى النهاية وان بدا لنا غير ذلك.
لقد اعجبنى منطقك وانت تذكرها بحال بعض زملاء الدراسة من المشاعير الذين تجرعوا التعاسة رغم وجود الابناء .. ولو شاءت هى لقصصت عليها عشرات القصص من هذا النوع، لكنها لا تحتاج الى ذلك لأنها تعرف تماما ان ثروتها منالسعادة لا تقدر بمال.. لكنها خائفة .. والخوف قد يدفع الانسان للمبادأة بالهجوم دفاعا عن نفسه..كما فعلت هى باقتراحها هذا .. لذلك فانى اطمئنها نيابة عنك الى انه لا أساس لمخاوفها هذه ولامبرر لها واؤكد لها مرة اخرى ان علينا دائما ان نسلم بارادة الله وان نشكره على ما اعطانا وان نصبر على ما يشقينا، فاذا فعلنا ذلك تصبح "المخاوف كلهن أمان" كما يقول الشاعر .. وكما أتمنى لكما دائما بأذن الله ,


الاثنين، 18 أكتوبر 2010

حمل امتحانات icdl

دورة icdl اونلاين

Maher Zain - Incha Allah [DOWNLOAD MP3] / ماهر زين - إن شاء الله

تحميل اغنيه ماهر زين ان شاء الله

تحميل اغنيه ماهر زين ان شاء الله
http://link.arabda3m.com/1472

الأحد، 17 أكتوبر 2010

تحميل لعبة gta 2 ناطقة باللغة العربية



الحجم : 34 MBبعد فك الضغط 70 ميجا فقط !اللعبة لا تحتاج إلي مواصفات عاليه وتعمل على اى جهاز


http://link.arabda3m.com/1471

نداء المجهول من بريد الجمعة

اكتب اليك بعد مرور حوالى 10 شهور كامله على ما شهدته حياتى من تغييرات جوهريه وكانت المناسبه التى اهاجت شجونى ودفعتنى للكتابه اليك هى حلول عيد الفطر المبارك قبل اسابيع وانا فى حال تختلف عنها فى الاعياد السابقه

فانا يا سيدى طبيب شاب ابلغ من العمر 35 عام اعمل اخصائى فى احد فروع الجراحه بإحدى محافظات الجنوب , وتبدا قصتى التى ارويها لك وانا طالب بالثانويه العامه حين تعرفت على احد زملائى بالمدرسه ... وتوثقت الصداقه بيننا , وزرته فى بيته القريب من بيت اسرتى لاول مره لتهنتئته بعيد الفطر فرأيت فى بيته فتاه صغيره تلهو ببالونة اطفال كما يفعل غيرها من الاطفال فى الاعياد , وعرفت منه انها شقيقته الصغيره والوحيده وهى فى الصف السادس الابتدائى انتهيت الزياره وغادرت بيت صديقى وانا لا افكر فى اى شئ سوى هذه الفتاه الصغيره او الطفله التى رايتها عنده ....

تعجبت من امر نفسى بعد ذلك طويلا حين وجدتنى مشغول الخاطر بهذه الفتاه الصغيره التى لا تدرى من امر الدنيا شيئا وحاولت رد نفسى مرارا عن التفكير فيها لانها مجرد طفله وشقيقة صديقى , فإذا بى ازداد مع الايام تعلقا بها وانشغالا بأمرها , اديت امتحان الثانويه العامه والتحقت بكلية الطب , وحصلت هى ايضا على الابتدائيه وانتقلت الى المرحله الاعداديه , وتعلقى بها مازال يغلبنى على امرى , ولا اعبر عنه سوى بالاهتمام البرئ بأمرها وامر دراستها حين ازور صديقى فى بيته , وازداد اقترابى منها تدريجيا , فتعلقت هى
ايضا بى بشده وبإخلاص شديد البراءه , واعترفت لنفسى باننى احب هذه الفتاه الصغيره حبا لا يوصف واننى اريد ان تشاركنى رحلة الحياه " فاصطنعتها " لنفسى وحرصت على ان اغرس فيها كل ما احب من قيم وسلوكيات ووجدت لديها استجابه مخلصه لكل ما اطلبه منها , فاصبحت نموذجا رائعا للانسانه التى اريد ان اقضى معها عمرى كله , حتى الكليه التى التحقت بها كنت انا الذى اخترتها لها ولقى اختيارى منها كل ترحيب , تخرجت انا فى كلية الطب وهى لاتزال فى عامها الجامعى الثانى ومضت الايام بنا سعيد وواعده بكل شئ جميل وتخرجت فتاتى وبعد تفاصيل لاداعى الى ذكرها تزوجنا وضمنى اخيرا عش الزوجيه بالطفله البريئه ...

لقد كنت اتصور حين بدأنا حياتنا الزوجيه اننى اعرف هذه الفتاه كما اعرف جيدا كف يدى , فإذا بالعشره تكشف لى من شخصيتها ما لم اكن اعرفه من قبل من الخصال الجميله والروح العطوف النبيله وطهارة النفس والقلب والسجايا التى يندر وجودها فى هذا الزمان , وفجاه وانا فى قمة سعادتى بها وسلامى النفسى معها خلال شهور الزواج الاولى , وجدتنى اشعر بالقلق والخوف من شئ مجهول لا استطيع تحديده وحاولت تفسير خوفى الغامض بانه الخوف الطبيعى الذى قد يساور الانسان احيانا اذا اكتملت سعادته فخشى عليها الا تدوم او ان يفسدها عليه الكدر ... لكننى لم استسلم لهذا القلق طويلا وان لم اتخلص منه نهائيا , ومضت الايام بى وبطفلتى الجميله التى راقبت عن قرب كل مراحل نموها الجسدى والنفسى الى ان جمعنا عش الزوجيه وبعد عام من الزواج بدأت حبيبتى الوديعه تشعر بالقلق لتأخر الحمل , واجرينا الفحوص اللازمه فثبت خلونا نحن الاثنين من اى موانع للانجاب , ورحت اطمنائها إلى ذلك وساعدها ايمانها القوى وصلتها الوطيده بربها على التسليم بقدرنا , وبعد فتره بدأت تشعر بآلام الحمل وتعانى من مغص وتلقصات غريبه حاولت انا وزملائى الاطباء جاهدين ان نعرف اسبابها بلا جدوى , وبعد 3 شهور من الحمل والمعاناه الرهيبه تبين حمل خارج الرحم وفى الانبوبه اليسرى التى انفجرت كلها مع المبيض وانتهت هذه المشكله باستئصال الانبوبه اليسرى كلها ومعها المبيض الايسر , ومر عام بعد ذلك دون حمل وبدأ القلق يعاود زوجتى فاجرينا لها فحصا اخر فتبين ان الانبوبه اليمنى حدث بها التصاقات بسبب جراحه للزائده الدوديه اجريت لها بعد 3 شهور من الزواج, ولكى يحدث الحمل فلابد ان تكون هذه الانبوبه حره وكان الحل الذى اقترحه زميل لى ان نجرى جراحه لتسليك تلك الانبوبه وانا اعرف جيدا ان اى جراحه سوف تعيد الالتصاقات مره اخرى فضلا عن ان الامل فى الحمل لن يزيد عن 1 % فلماذا اعذبها بالجراحه , لقد اتخذت قرارى كزوج وطبيب وطلبت من زوجتى ان تدعها من الاطباء ......
وتسلم امرها لخالقها وحده واقسمت لها بربى ودينى ان الله سوف يعطيها ما تتمناه وينعم عليها , لان ايمانها بربها عميق ومتين , ولانها ممن ينطبق عليهم قول احد الصالحين رضوان الله عليهم " ان لله عبادا إذا ارادوا أراد " ....

وسلمت زوجتى لارادتى فى هذا الامر عن اقتناع وحب وبعد حوالى 3 شهور كنت بالبيت معها فى المساء وبدأت استعد للنوم فاذا بها تقول لى ان الدوره الشهريه قد تاخرت عنها يومين واذ بى اجد نفسى اقول لها بكل ثقه : انتى حامل !!

ثم اويت الى فراشى واستيقظت لصلاة الفجر بدون منبه كعادتى فلم اجد زوجتى بجوارى , ثم وجدتها فى غرفه اخرى تبكى وفزعت عندما رايتها وسالتها عن السبب فقالت انها تظن اننى اسخر منها حينما قلت انها حامل واذا كنت ارغب فى الزواج من اخرى فهى لن تعترض ولن تحرمنى
اقسمت لها ان هذا لم يكن فى بالى واقسمت لها على سلامة نيتى واتفقت معها الا نتحدث فى امر الحمل لمدة 4 اشهر حتى لو علت بطنها امامى بالحمل فرجعت زوجتى الى صفائها وقمنا وصلينا الفجر معا , ومضى شهر اخر فإذا هى تشعر باعراض الحمل ولكننا لم نتحدث في هذا الامر كما اتفقنا وبعد مرور ال 4 اشهر قمنا بعمل الفحوصات وتاكدنا ان الحمل طبيعى ولن اصف لك مقدار سعادتها وكانها تقول لى اننى صدقتها البشر

مضت ايام الحمل بسلام ورزقنا الله بطفل جميل اسميناه " احمد " وغردت طيور البهجه اكثر واكثر فى منزلنا , وبعد مرور 8 اشهر فقط بدأت تشتكى زوجتى من اعراض حمل مره اخرى ولم اندهش لذلك رغم ضآلة احتمالات الحمل لان من يتوكل على الله فهو حسبه ولانها تعرف حق ربها , ومضت شهور الحمل الثانى ورزقنا الله بمولوده اسميناها اشرقت , واصبحت طفلتى الصغيره التى كانت تلهو ببالونه اما لطفلين جميليين , وتقدم احمد فى العمر حتى اكمل عامه الثالث وتجاوزت اشرقت عامها الاول ببضعة ايام , ثم رجعت من عملى فى الظهر ذات يوم منذ حوالى عامين , فإذا بزوجنى تشتكى من الم عارض فى بطنها فلم اتوقف طويلا امام هذه الشكوى العابره وكنت مرهقا وجائعا فطلبت منها الغداء اولا , وتناولات الغداء ثم خلدت الى النوم , ثم نهضت من نومى على عجل لكى الحق بالعياده , وفى المساء عندما عدت كررت زوجتى نفس الشكوى فما ان القيت اول نظره عليها حتى انقبض صدرى وارتبكت ... شعرت ان هناك شئ غير عادى وإذا اتمتم بكلام غير مسموع " إنا لله وإنا إليه راجعون " وشعرت ان زوجتى تواجه المجهول الذى ساورنى فى يوم من الايام .... لم تسمع زوجتى ما قلت لكنى لم استطع ان اخفى اضطرابى عنها وقلقى عليها وراحت تهدئنى , وتقول لى ان الامر بسيط ولا يحتاج كل هذا القلق لكن هيهات ان تنجح فى ذلك , ولن استطرد طويلا فى التفاصيل فلقد اجرينا التحاليل والفحوصات وكل ما يخطر على بالك وجاءت النتائج كلها تؤكد ما شعرت به .........

طرقنا كل الابواب وطلبنا كل الوسائل وحينما تاكد لى فى النهايه ان الامر قد حسم , جلست الى زوجتى وقلت لها بصوت هادئ وقلب حزين : يا حبيبة القلب ان امرك الان فيه قولان لا ثالث لهما ...فإما ان يمن الله علينا بمعجزه من عنده وليست على الله بكثير ولا على مثلك ايضا بمستبعده , وإما ان يكون الله قد قضى امرا لن يطول اكثر من ايام قليله وعلينا ان نتقبله بثبات ونسلم به راضيين !.... هل تتهمنى بالقسوه حين فعلت ذلك ؟.... اننى لم اكن قاسيا وحاشيا ان اكون قاسيا معها وهى قرة عينى منذ طفولتها , لكننى كنت قد عرفت عمق ايمانها وصلابتها ورضاها بكل ما يقدره عليها ولها الحق تبارك وتعالى , وقد اجابتنى حينما قلت لها ذلك انها قد استراحت الان فقط وانها راضيه بما اراده الله لها لانه سبحانه قد حقق لها كل ما تمنت ولم تعد تريد من الدنيا شئ الا ان ارعى ولديها منها بعد الرحيل ......
وبعد جلسة المصارحه هذه بأيام قليله أسلمت قرة عينى وحبيبتى الروح وهى بين ذراعى ولم تكمل بعد ال 28 عاما من عمرها ومنذ رحلت عنى زوجتى قبل 10 شهور وأنا اعيش على ذكراها وأرعى طفلى منها حق الرعايه كما أوصتنى بذلك , ورضيت بما قدره الله لى ودعوته اناء الليل واطراف النهار ان يجيرنى فى مصيبتى ويخلفنى عنها خيراً

رغم قوة ايمانى الا اننى ادعو الله ان يثبته ويزيدنى منه الا ان منظرا واحدا من صور حياتى مع شريكة عمرى فى الايام الاخيره مازال يلاحقنى ... فأضعف امامه وتنساب دموعى ويتهمنى البعض بعدم الصبر , وهو منظرها حين ساءت حالتها فى ايامها الاخيره حين كانت تنتقل بين غرفة النوم وغرفة الاولاد لتنام هنا او هناك وكان كل ما يشغلها فى ذلك هو قالب الطول اللبن الطاهر الذى كان تتيم به قبل الصلاه , ومازال منظرها وهى تحمله بين يديها وتمشى ببطء واعياء من مكان لمكان محفور فى مخيلتى ويلاحقنى فى كل لحظه ويسيل دموعى رحمها الله ...

لست اشكو اليك فجيعتى فيمن احببت وسكنت اليها اجمل سنوات العمر , او اشكو اليك اقدارى وحاشاى ان افعل ذلك لكننى اكتب اليك لاننى اعتبر نفسى صديقا لك على الورق منذ سنوات طويله , وكذلك كانت قرة عينى وحبيبة القلب , وقد كنا نتبادل الحديث عن بابك ونتأمل احوال الدنيا والبشر ونشعر وكأننا نعرفك وتعرفنا , وانى اشعر الان من حقى عليك ان اترقب منك مشاركتى فى احزانى والآمى ......
فهل هذا كثير على يا سيدى ؟؟؟

ولكاتب هذه الرساله اقول :
من حقك على بكل تأكيد وأكثر يا صديقى , ومن واجبى أيضاً أن أشاركك بعض أحزانك وأن أخفف عنك قدر جهدى ..
فلاشئ يؤلم كالحب كما يقولون , وليس هناك ما هو اشد ايلاما منه سوى ان تفقده ! كما فقدت انت شريكة احلامك وصباك وايامك فى هذه الظروف المؤلمه , غير انه لامفر فى النهايه من ان اكرر عليك ماسبق ان قلته مرارا للمحزونين من امثالك من ( ان من نحبهم لا يموتون حقا حين يواريهم الثرى , وانما يموتون بالفعل حين نناسهم ) كما يقول لان الاديب الفرنسى .... ونحن لاننسى من نحبهم حقا ولو غادرونا الى العالم الاخر وهم احياء دائما فى قلوبنا وترافقنا اطيافنا فى مسراتنا من بعدهم واحزاننا , فنتمنى لو كانوا معنا فشاركونا افراحنا وسعدوا معنا , او شاركونا احزاننا وتساندنا وهكذا فهم لا ينقطعون عنا ولا ننقطع عنهم وان غابوا عن انظارنا او تفرقت بنا السبل
ومن حق كل انسان ان " يرعى حزنه الخاص " لفتره كافيه على حد تعبير شاعر الهند طاغور , لكنه من واجبه ايضا تجاه نفسه وتجاه الحياه الا تكون هذه الفتره ابديه ولا اطول مما ينبغى , لان نهر الحياه لابد ان يجرى رغم كل الاحزان فى طريقه المرسوم , ولان ما كان حزنا بالامس .... ينبغى له ان يكون سلاما بعد حين

وهذا السلام هو جائزة الصابرين والراضيين بقضاء الله وقدره , والمكافأه السخيه التى يحصل عليها من يظفر بهذا السلام الداخلى هو ألا تقوى على زعزعة سلامه اى عاصفه من عواصف الحياه مهما رافقها من احزان
ومن بعض السلوى ان نتذكر بامتنان للخالق الوهاب لا بالحسره الايام الجميله التى نعمنا فيها بالسعاده والامان وراحة القلب ,وان نعتبرها زادا نفسيا يعيننا على تحمل ايام العناء , وعمر الانسان فى النهايه انما يقاس حقا بمساحة السعاده الحقيقيه فى حياته وليس بمساحة السنين .
ولقد كان الرسام الايطالى الكبير موديليانى يقول : اتمنى ان احيا حياه قصيره بشرط ان تكون حافله , وبهذا المفهوم فلربما كانت زوجتك الراحله رحمها الله قد عاشت عمرا من السعاده لم يحظ به بعض من طالت بهم رحلة الايام ... بل ولعل البدايه المبكره لقصتك معها وهى ما زالت طفله صغيره تلهو لهو الاطفال فى العيد , كانت ارهاصا قدريا بان تبدأ السعاده فى حياتها مبكره , لان رحلة الايام لن تطول بها او ربما لان الملائكه من مثيلاتها انما تطوف الارض طوافا عابرا ولا تقيم وإلا فكيف تفسر لى ان يقع شاب مثلك فى هوى طفله صغيره ويعيش معها قصة حب برئ طويله قبل ان يحتويهما عش الزوجيه السعيد 5 او 6 سنوات هانئه , إلا كان ذلك إرهاصاً قدريا بتبكير البدايات إيذاناً باقتراب النهايات القدريه ؟؟؟
لهذا فلقد كانت صادقه فى مشاعرها حين قالت لك انها راضيه باقدراها وانها قد نالت من الحياه كل ما تشتهى من سعاده , ولا بأس يحين وقت الرحيل .
اما اضطرابك وتمتك بالآيه الكريمه لا اراديا حين القيت نظرتك الاولى على بطنها , فما كان ذلك علم بالطب او خبره بقدر ما كان عن شفافيه قد يخص الله بها بعضا من عباده المتقين , واحساس باطنى غير مفهموم بان السعاده لن تطول , ولعل هذه الشفافيه نفسها هتى التى انذرتك للاسف انذرا مبكرا فى شهور الزواج الاولى بأن " لكل شئ اذا ما تم نقصان " كما يقول الشاعر العربى , ولعلها هى ايضا هى التى هدتك بحس المحب العطوف لان ترفض تعريض زوجتك لالام جراحات متواليه غير مضمونة النتائج جريا وراء امل النجاب , ثم لان تبشرها بعد ذلك بالحمل قبل ان يلوح فى الافق طيف البشير , فإذا كنت قد اعتمدت على إيمانها بربها وحسن صلتها به فى مصارحتك المؤلمه لها بما يشق على كل إنسان ان يسمعه فى مثل هذه الظروف , فلقد كان هذا هو اختيارك الذى اطمأن اليه قلبك وهو اختيار يؤمن به الاطباء فى الغرب , ونكرهه نحن هنا ونشفق منه على احبائنا وعلى كل انسان من ان يطلعه احد مهما كانت اسبابه على ما حجبه الله سبحانه وتعالى عنه رحمة به ...
لكن ما مضى قد مضى ولم يبق الان إلا التحمل وتضميد الجراح وحصر الخسائر , وجرح الشباب سريع الالتئام يا صديقى كما يقولون , على خلاف جراح الشيوخ بطيئة الشفاء , فلا بأس إذن بدموعك التى ترق لمنظر زوجتك التقيه وهى تحمل قالب الطوب فى ايامها الاخيره , فمن اجل مثل هذه الفتاه الطيبه ينبغى حقا ان تسيل الدموع ....
والدمع لا يكتم غالبا ما قد ينجح اللسان احيانا فى كتمانه , والشاعر العربى العباس بن الاحنف يقول

لاجزى الله دمع عينى خيرا
وجزى الله كل خير لسانى
نم دمعى فليس يكتم شيئا
ووجدت اللسان ذا كتمان
فلا بأس اذن ان تدمع عيناك لذكرى هذه الفتاه الطيبه وان تترجم وفاءك لها برعاية طفليك منها وبان تحمل لزوجتك الراحله ومهما طال العمر اجمل الذكرى وارق المشاعر
فقر أنت عينا .... بما نالت زوجتك من جوائز الدنيا والاخره , وامض فى طريقك مشاركا فى مباراة الحياه ... ومتشاغلا بسباقها وشئونها وشئون طفليك عن كل الاحزان ...

دموع السعادة من بريد الجمعة

أكتب إليك لأروي لك قصتي وأطلب منك المساعدة‏,‏ فأنا شاب في الحادية والثلاثين من عمري‏..‏ نشأت في أسرة من الأسر التي تكافح في الحياة للحفاظ علي مظهرها‏..‏ ولا تستند في حياتها إلا إلي دخلها من العمل الشريف‏..‏ فأبي موظف كبير لكن مرتبه يضعه في فئة محدودي الدخل‏,‏ ويده النظيفة تحجب عنه موارد الرزق الحرام والحمد لله‏,‏ وأمي موظفة كبيرة أيضا وتنفق مرتبها كله علي أسرتها‏..‏ وتدبر شئون العائلة والأبناء بجمعيات الادخار والاقتراض أحيانا‏..‏ كما أنها أسرة تعرف ربها حق المعرفة والحمد لله فكل أفرادها من أصغرهم وهو أخي إلي أكبرهم وهو أبي كلهم صوامون قوامون مصلون‏..,‏ وأسعد أوقاتنا حين يؤمنا أبي في الصلاة‏..‏ وحين نحتفل بالمناسبات الدينية‏,‏ وخاصة المولد النبوي الشريف‏.‏

ولقد مضت بنا الحياة هادئة في معظم احوالها وأبي وأمي يرعياننا ويقدمان لنا مثلا أعلي في المودة والرحمة التي تجمع بينهما‏..‏ وقد تعاملا معنا منذ الصغر بالحكمة والصبر والحب‏,‏ فلم نسبب لهما حتي في فترة المراهقة العصيبة المشاكل المألوفة‏,‏ وواصلنا تعليمنا بنجاح حتي تخرجت في كلية التجارة والتحق أخي بكلية الشرطة‏,‏ وبدأت رحلة البحث عن عمل‏..‏ ولم يستطع أبي ايجاد وظيفة لي ورحت أتابع اعلانات الوظائف الخالية وأقدم أوراقي لجهات عديدة دون جدوي‏,‏ ثم عملت عملا مؤقتا لمدة شهور بإحدي المدارس‏,‏ وفي شركة أخري كمندوب مبيعات‏,‏ وأخيرا وجدت فرصة عمل مستقر نسبيا في شركة خاصة وكان راتبي ثلاثمائة جنيه فرحت بها حين قبضتها لأول مرة فرحا طاغيا واشتريت لنفسي بنطلونا وقميصا ولأخي مثلهما‏,‏ وحاولت اعطاء أمي مائة جنيه كمساهمة في مصروف البيت فرفضت وطلبت مني ادخارها لزواجي بعد سنوات‏,‏ وبالفعل بدأت أدخر من راتبي هذا جزءا كل شهر لكي أكون مستعدا حين التقي بفتاة أحلامي‏,‏ ولم يطل الوقت بي فقد وجدتني مشدودا إلي زميلة لي في العمل عينت حديثا‏,‏ ولاحظت عليها هدوءها وسماحتها وأدبها كما لاحظت عليها أيضا أناقتها وجمالها الهاديء‏..‏ ويوما بعد يوم

تعمقت الصداقة بيننا وعرفت أن والدها لواء سابق بالقوات المسلحة ومن أسرة كبيرة ويملك أرضا زراعية فترددت في مفاتحتها بحبي لها‏,‏ وقدرت أنها قد لا تقبل بالارتباط بشاب مثلي لايملك إلا شبابه وحبه وبضع مئات من الجنيهات‏..‏ فتراجعت وكتمت مشاعري تجاهها‏..‏ بل وبدأت أيضا أتجنب الالتقاء بها‏..‏ وفوجئت بها في أحد الأيام تطلب مني أن أنتظرها بعد انتهاء العمل لأنها تريد أن تتحدث معي في أمر مهم‏..‏ وجاءتني بعد انتهاء العمل وخرجنا نمشي في طريق العودة إلي بيتها فسألتني عن أسباب ابتعادي عنها وعما إذا كانت قد أغضبتني في شيء أو سمعت عنها شيئا يسيء إلي أخلاقياتها‏,‏ فقلت لها إنني لم أسمع عنها إلا كل ما يزيدني احتراما لها‏,‏ لكنه رحم الله امرءا عرف قدر نفسه‏.‏ وسألتني عما أعنيه بذلك فانهرت واعترفت لها بأنني أتعذب بحبها في صمت منذ أكثر من عام‏..‏ ولكني بعد أن عرفت ظروف أسرتها أدركت أنه لا أمل لي فيها فكتمت مشاعري وابتعدت فصارحتني بحبها لي ورغبتها في الارتباط بي‏,‏ وطلبت مني ألا أبخس نفسي قدرها‏,‏ فأنا ـ كما قالت ـ من أسرة تشرف أية أسرة تصاهرها ولسوف تطلب مني في الوقت المناسب وبعد أن تكون قد مهدت لي الطريق‏,‏ أن أتقدم لأبيها‏..‏ وطرت فرحا بذلك وأوصلتها إلي


بيتها ورجعت إلي بيتي وفاتحت أبي وأمي في الموضوع ورويت لهما كل شيء فباركا رغبتي ووعداني بمساعدتي بكل مايستطيعان المساعدة به‏.‏
ومهدت لي فتاتي الطريق لدي أسرتها وفي الموعد المحدد اصطحبت أبي وأمي وأخي وقد أرتدوا أفضل ثيابهم وتوجهنا إلي بيت الأسرة‏,‏ فإذا به شقة واسعة من‏6‏ غرف في عمارة فاخرة‏..‏ والشقة تفوح منها رائحة العز والعراقة‏..‏ واستقبلنا الأب ورحب بنا بغير حرارة وراح يتفحصني بعمق ثم بدأ الحديث فسأل عن راتبي ودخلي وهل لدي شقة ملائمة أم لا‏,‏ وأجبته بصراحة عن كل شيء وقلت له أنني أبذل جهدي للحصول علي شقة في التعاونيات‏,‏ بأحد أطراف المدينة فلم يبد عليه الحماس لما قلت‏,‏ وانتهت الجلسة بغير قبول صريح منه ولا رفض‏,‏ وانصرفنا عائدين وأنا أشعر بالهم يتسلل إلي نفسي‏,‏ وكتم أبي مشاعره فلم يتكلم أمامي‏,‏ لكن نظراته الحزينة كشفت عما يشعر به‏.‏


وتراضينا علي ذلك وواصلنا حياتنا ومضي عام طويل بغير أن تلوح لنا بارقة أمل‏..‏ بل لقد تجهمت السماء أكثر فشكت لي فتاتي من ضغط أبيها عليها لقبول خطبة عريس من أسرة ثرية تربطها بأسرتها صلة المصاهرة فشعرت باليأس ونصحتها بالقبول صادقا‏,‏ لكنها لم تأبه لي ثم ازداد الموقف تعقيدا حين بدأنا نسمع عن تعثر الشركة التي نعمل بها واتجاهها إلي التصفية أو تقليص عدد العاملين بها‏,‏ وترقبنا مصيرنا في وجل فلم يتأخر عنا القدر وتم الاستغناء عن خدمات كل من عملوا بالشركة خلال الأعوام الأخيرة مع تعويضهم بمكافأة بسيطة وكانوا ستة أنا من بينهم‏,‏ ونجت فتاتي من الفصل بالطبع مراعاة لوالدها‏..‏ وألححت عليها من جديد في قبول الآخر ونسياني بعد أن ادلهمت الظروف علي هذا النحو وصرت عاطلا‏..‏ فنهرتني باكية ورحت أبحث عن عمل آخر‏..‏ والتقي كل بضعة أيام بفتاتي في مقهي حديث اخترناه لموقعه الهاديء واعتدال أسعاره وقربه من بيتي‏.‏ وكلما التقينا تبادلنا الأخبار ونسجنا الأحلام وتعلقنا بالأمل في تحسن الأحوال‏..‏ ومضي عامان تنقلت خلالهما بين أكثر من عمل مؤقت ولم تنجح فتاتي في إقناع والدها‏..‏ واقترحت هي علي ذات يوم أن نعقد قراننا ونؤجل الزفاف إلي حين الحصول علي موافقته لكني كرهت لها أن تخرج عن طاعة والدها‏,‏ وتحملت غضبها مني وخصامها لي أسبوعا طويلا نتيجة لذلك‏,‏ وأخيرا تمكن أبي من إيجاد وظيفة لي في جهة تابعة لعمله بعد‏6‏ سنوات من تخرجي‏,‏ وكان أخي قد تخرج في كلية الشرطة وذهب للعمل في أقصي الصعيد‏,‏ ولم يكتف أبي بذلك‏;‏ وإنما استبدل أيضا جزءا من معاشه ودفع لي مقدم ثمن شقة تعاونية بسيطة في أحد أطراف المدينة وشكرته علي ذلك كثيرا وقبلت يده وقلت له إنه قد أدي رسالته معي علي خير وجه وبأكثر مما هو مطلوب منه‏..‏ وتعمدت أن أقول له ذلك لأنني كنت أشعر بحزنه من أجلي واحساسه بعجزه عن اسعادي وتوفير سكن لائق وعمل مناسب لي‏..,‏ فأنبسطت أساريره ودمعت عيناه فأعدت تقبيل يده شاكرا وداعيا له بالصحه وطول العمر



وأبلغت فتاتي بالتطورات الأخيرة ‏..‏ فنقلتها لأبيها وهي تظن أنه سوف يلين فإذا به يصر علي رفضي وعلي أن ترتبط بالآخر الثري‏..‏ وصارحتني فتاتي بيأسها من أبيها وألحت علي في عقد القران‏,‏ ورفضت للمرة الثانية فغضبت مني غضبا هائلا وتوقفت عن مقابلتي والاتصال بي‏,‏ وتوقعت أن تخاصمني أسبوعا ثم ترجع إلي فإذا بالفترة تطول وتمتد لأسابيع‏..‏ واستشعرت الخطر واتصلت بها فإذا بها تنفجر في البكاء وتبلغني أنه قد تم عقد قرانها علي العريس الجاهز وتطلب مني عدم الاتصال بها ثانية وترجو لي السعادة مع غيرها‏..‏
فوضعت السماعة وظللت في مكاني ذاهلا حتي نبهني من يريد استخدام التليفون ‏..‏ فتحركت وأنا لا أري الطريق‏,‏ وعدت للبيت واستلقيت علي الفراش وأغمضت عيني متظاهرا بالنوم‏..‏ وراحت الصور المرئية تتوالي أمام مخيلتي وتعرض علي ذكريات خمس سنوات من الحب والصفاء لاتشوبها شائبة واحدة‏,‏ ولم يغمض لي جفن ليلتها ولم أذهب للعمل في اليوم التالي‏,‏ ثم امتثلت للأمر الواقع وأبي يرقبني في فهم‏,‏ ويقترح علي السفر إلي أخي في الصعيد لبضعة أيام لتغيير الجو‏,‏ وأفكر في اقتراحه فأجده حكيما وبالفعل أحصل علي إجازة من العمل وأسافر إلي أخي وأنزل معه في استراحة الشرطة‏,‏ وأروي له ما حدث وأتشاغل عن همومي بالزيارات ورؤية الحياة هناك‏..‏ وأرجع إلي القاهرة وأشعر بعد عودتي للعمل بأن قلبي قد أغلق أبوابه تجاه الجنس الآخر وأنه يتعذر عليه أن يستجيب لأي فتاة أخري‏,‏ بعد حب العمر‏,‏ خاصة أن أقساط الشقة تلتهم معظم راتبي وأجدني طوال الشهر بلا نقود‏.‏ فأرجع للبحث عن عمل اضافي وأمر بمقهي الذكريات السعيدة ذات مساء فأعرف من الجارسون أنهم يحتاجون في المقهي إلي مساعد جارسون يعمل‏7‏ ساعات كل يوم‏,‏ وأن الأجر‏150‏ جنيها عدا البقشيش‏,‏ واسأل عن مهمة هذا المساعد‏,فأعرف أن مهمته هي حمل الطلبات من البوفيه إلي الزبائن واعادة الفوارغ للبوفيه فقط لكنه لا يسجل طلبات الزبائن ولا يحاسبهم علي ما شربوه‏,‏ وأفكر في الأمر بعض الوقت ثم أعرض نفسي عليه‏,‏ وينتهي الأمر بالتحاقي بهذا العمل من الخامسة مساء حتي منتصف الليل كل يوم وبفضل هذا العمل بدأت أجد في يدي بعض النقود بعد سداد قسط الشقة‏,‏ بل وبدأت أدخر بعضها أيضا ولم يعترض أبي علي عملي بالمقهي لأنه يحترم كل عمل شريف‏,‏ وإنما جاء الاعتراض من أخي ضابط الشرطة‏,‏ وغضبت منه لاني شعرت أنه يفكر في نفسه وهو يعترض علي عملي وليس في وصارحته بذلك فسحب اعتراضه وقبل رأسي وأشاد بكفاحي‏.‏



وبعد فترة ترقيت في عملي وأصبحت جارسونا يسجل طلبات الزبائن ويحاسبهم ويتلقي منهم البقشيش‏,‏ وكنا اثنين فقط نقوم بهذا العمل مع ثلاثة من المساعدين‏,‏ واكتشفت أن عمل الجارسون وإن كان من أشق الأعمال من الناحية الجسدية حيث يظل في حركة متصلة طوال فترته إلا أنه أيضا من أكثر الأعمال الصغيرة عائدا‏,‏ إذ كان متوسط دخلي منه لا يقل عن‏600‏ جنيه في الشهر وهو أكثر من ضعف راتبي من الهيئة التي أعمل بها‏,‏ وفي هذا العمل اكتسبت خبرة ثمينة بالحياة‏..‏ وبالتعامل مع البشر‏,‏ وشهدت فيه أيضا لحظات عصيبة وأخري بهيجة‏..‏ لكن أصعب اللحظات علي الاطلاق كانت حين لمحت ذات مساء وأنا أحمل صينية الطلبات فتاتي السابقة تنزل من سيارة حديثة بصحبة شاب رياضي مفتول العضلات وتتجه إلي احدي الموائد علي الرصيف في الناحية التي أتولي الخدمة فيها‏,‏ فلقد شعرت بدوار شديد ووضعت الصينية علي مائدة خالية وجلست ألتقط أنفاسي للحظات ورأني زميلي الذي يعمل في الناحية الأخري جالسا فجاءني مستفسرا عما ألم بي وكنا قد أصبحنا صديقين فصارحته بأن من كنت أتمني الزواج منها وفرقت بيننا الظروف تجلس في المائدة القريبة مع زوجها وأنني أخشي أن تراني وأنا أقوم بهذا العمل فعرض علي أن يتولي هو خدمتها وخدمة المقهي كله حتي تنصرف ‏..‏ وكدت أقبل عرضه لكني تمالكت نفسي بعد لحظات وفكرت أنني أكافح بشرف في الحياة وليس لدي ما أخجل منه فشكرت زميلي وقلت له إنني سأواصل عملي بطريقة طبيعية‏..,‏ وبالفعل سلمت الطلبات التي أحملها للزبائن ثم اتجهت إلي مائدة فتاتي السابقة وحييت الجالسين وسألتهما عن طلباتهما‏..‏ فطلب الشاب شايا ثم أشار إلي زوجته‏.‏ وكانت قد عرفتني بالطبع فألجمت المفاجأة لسانها‏..‏ وربما استغرقتها الذكريات وأردت أن أنهي الموقف فقلت لها بصوت خافت‏:‏ الهانم تأمر بإيه‏,‏ فهمست بصوت لا يسمع بما تريد ولولا أنني كنت أعرف مشروبها المفضل الذي كانت تطلبه دائما وهي معي‏,‏ لما فسرت ما نطقت به وانصرفت من أمامها وأنا أشعر بأن نظراتها تخترق ظهري‏,‏ وظللت أشعر بعينيها تلاحقانني طوال نصف الساعة الذي أمضته بالمقهي ثم ودعتني بنظرة طويلة أثارت شجوني وجددت أحزاني‏.‏ ورويت لأبي وأمي ما حدث فسألني أبي مشفقا‏:‏ أمازلت تحبها؟ فأحنيت رأسي صامتا‏..‏ وتدخلت أمي في الحديث ونصحتني بالتفكير في الزواج بعد أن قاربت علي التاسعة والعشرين وأصبحت لدي شقة واستقررت في العمل‏..‏ ووعدتها بذلك وبعد ستة أشهر فوجئت بتليفون من فتاتي السابقة تقول لي إنها قد طلقت بعد زواج دام ثلاث سنوات لم تنجب فيه ولم تستطع خلاله التوافق مع زوجها وفشلت كل محاولاتها لأن تحبه لأن قلبها ظل مشغولا بغيره حتي سلمت باليأس وحصلت علي الطلاق رغما عن إرادة أبويها‏,‏ وأنها الآن حرة وتعمل عملا مناسبا ومستقرا‏,‏ وتسألني هل مازلت أحبها كما تحبني فصرخت في التليفون أنني أحبها ولم أحب سواها‏,‏ وأحلم باليوم الذي يجمعني بها‏..‏ وانتهينا إلي الاتفاق علي أن أتقدم لأبيها من جديد بعد أن تغيرت الأحوال‏,‏ وقبل أبي مصاحبتي مرة أخري إلي بيت أسرتها واستقبلنا الأب بالطريقة المحايدة نفسها واستمع إلي من جديد بلا حماس وأخفيت عنه بالطبع أنني أعمل في مقهي بعد الظهر لكيلا أعطيه المبرر لرفضي بحجة أن عملي لا يليق بمن يصاهره‏,‏ ولأنني اعتزمت عند الزواج أن أتوقف عنه بعد أن ادخرت منه مبلغا لا بأس به‏..,‏ وكانت المفاجأة حين أبلغنا والدها في الجلسة نفسها أن ظروفي مازالت غير مقنعة ولا ترشحني لمصاهرته‏,‏ فغادرته ساخطا وأنا غاضب من فتاتي لأنني ظننت أنها قد مهدت لي هذه المرة الطريق وضمنت موافقته‏,‏ ولم تتركني هي لغضبي طويلا فلقد اتصلت بي وأبلغتني فيما يشبه الأوامر وبغير مناقشة‏:‏ أحضر المأذون إلي بيت أسرتك يوم كذا الساعة كذا وسأحضر إليك لعقد القران‏..‏ مع السلامة‏!‏

ثم رفضت الرد علي التليفون المحمول بعدها طوال اليوم لكيلا تدع لي أي فرصة لمناقشتها واحترت في أمري واستشرت أبي فنصحني لإبراء ذمتي أمام أبيها بأن أبلغه بما قررته ابنته دون تحديد للموعد أو المكان وأسأله للمرة الأخيرة الإذن لنا بالزواج لكي يتم عقد القران في بيته هو‏,‏ واتصلت به وأبلغته وسألته الإذن فأجابني في برود وكبرياء أنه لا يأذن لي بعقد قراني علي ابنته‏..‏ وهي حرة في أن تفعل بنفسها ما تشاء لكنه سوف يقاطعها ويحرم عليها دخول بيته حتي يوم الدين إن هي ارتبطت بي علي غير رغبته‏,‏ وأغلق التليفون

واقترب الموعد المحدد وأنا لم أحسم أمري بعد‏,‏ وفي اللحظة الأخيرة واتتني نوبة شجاعة قمت خلالها بالاتفاق مع المأذون وأجريت الاستعدادات المطلوبة وجاءت فتاتي إلي البيت مصحوبة ببنتي خالتها وأربع صديقات لها ملأن بيتنا بالزغاريد من اللحظة الأولي وجاوبتهن أمي وهي في قمة الفرح‏,‏ وطلبت فتاتي أن تصلح زينتها فقدتها وصاحباتها إلي غرفتي‏..‏ وأغلقن الباب عليهن‏,‏ وجاء المأذون وقدم الشربات وخرجت عروستي وقد اتخذت زينتها وارتدت فستان الفرح الأبيض‏..‏ وتمت الإجراءات وسط الزغاريد والدموع‏..‏ زغاريد الفتيات ودموع عروسي الجميلة ودموعي ودموع أمي‏,‏ بل وأبي وأخي أيضا‏,‏ وانطلقت الفتيات يغنين مع أنغام الكاسيت وزوجتي تغني معهن وضحكاتها ترتج لها الجدران وصاحباتها يتضاحكن ويقارن بين كآبتها يوم زفافها السابق وفرحتها اليوم‏,‏ ثم بدأت الفتيات في الانصراف وأنا أتوقع أن تنصرف معهن زوجتي بعد أن تبدل فستانها الأبيض لكني رأيتها تودع ابنتي خالتها وصديقاتها بالقبلات وتبقي في الشقة فأدركت أنها قررت أن نتزوج علي الفور وليكن من أمرنا مايكون بعد ذلك‏!‏
وأعدت لنا أمي عشاء فاخرا ثم انفردت بعروسي في غرفتي وأنا أشعر بأنني أسعد انسان في الوجود‏..‏ وفي غرفتي عرفت خطة زوجتي للمستقبل وهي أن نقيم مع أسرتي إلي أن ننتهي من إعداد الشقة‏,‏ ولا بأس باستمراري في العمل بالمقهي حتي ذلك الحين‏,‏ علي أن أتوقف عنه بعد انتقالنا إلي عش الزوجية لبعده عنه قبل كل شئ‏,‏ علي أن أبحث لنفسي عن عمل إضافي آخر في أحد المكاتب أو أن أكتفي بعملي الصباحي‏.‏

وبدأنا حياتنا الزوجية‏..‏ وأصبحت زوجتي نجمة الأسرة وموضع اعتزاز كل أفرادها وحبهم‏,‏ واكتشفت فيها روحها الحلوة المتسامحة وعشرتها الجميلة وقدرتها علي اكتساب مودة الآخرين بطريقة تلقائية‏..‏
وبعد شهر واحد ظهرت عليها أعراض الحمل‏,‏ فبلغت سعادتها قمم الجبال وفسرت هي حملها من أول لحظة مني وعدم حملها علي مدي ثلاث سنوات في زواجها السابق بأنه فارق الحب‏!.‏


وكرست كل جهدي لتشطيب الشقة‏,‏ ورفض والد زوجتي الإفراج عن أثاثها المكوم في شقته القديمة نكاية فيها فلم تأبه لذلك‏..‏ واخترنا بذوق زوجتي أثاثا بسيطا وجميلا‏..‏ وانتقلنا إلي الشقة بعد ثلاثة أشهر من الزواج‏..‏ لكن زوجتي لم تنس أبدا الأيام التي أقامتها مع أبي وأمي‏,‏ وكثيرا ما فضلت أن نقضي بضعة أيام في شقة الأسرة‏,‏ خاصة حين اشتدت عليها متاعب الحمل‏,‏ غير أن شيئا واحدا فقط كان ينغص عليها حياتها وهو موقف أبيها منها‏..‏ فلقد كانت أمها بعد فترة غضب قصيرة تتصل بها وتسأل عنها‏,‏ بل وتلتقي بها من حين لآخر في محل عام لتطمئن عليها‏,‏ وكذلك كانت تفعل أختها الصغري وخالتها وأخوالها وأعمامها وأبناؤهم‏,‏ ماعدا والدها الذي ظل كالصخرة لايرق ولايلين ولا يرد علي اتصالاتها به ولا يتصل بها‏..‏ وإذا سمع صوتها في التليفون أغلق السكة بغير كلمة واحدة‏,‏ حتي اضطرت لأن تكتب إليه الرسائل كما لو كان يعيش في مدينة أخري‏,‏ لكي تستسمحه وتطلب رضاه وتشرح دوافعها لما فعلت‏,‏ بلا أي جدوي‏,‏ بل لقد علمت من أختها أنه لايفتح خطاباتها التي يميزها بخطها ويتعمد تركها مغلقة أمامهم علي مائدة السفرة عدة أيام لكي يعرف الجميع أنه لايأبه لابنته التي تزوجت علي غير إرادته‏..‏

وحتي حين وضعت زوجتي مولودها الأول زارها في المستشفي كل أهلها بلا استثناء وقدموا لها الهدايا والمجاملات ماعدا والدها‏..‏ وكان التنازل الوحيد الذي قدمه هو إنه لم يعد يعترض علي اتصال والدتها واختها بها أو زيارتهما لها‏,‏ والآن ياسيدي فلقد اقترب طفلي الوحيد الجميل الذي جمع حوله قلوب أهل زوجتي جميعا ـ ما عدا جده ـ وأهلي من نهاية العام الأول من عمره ومازال والد زوجتي يرفض أن يري حفيده الوحيد أو أن تزوره زوجتي حاملة طفلها معها ـ أو أن يزور هو ابنته أو يلتقي بها في أي مكان أو حتي أن يرد علي اتصالاتها ورسائلها إليه حتي الآن‏,‏ ولقد أعيتنا الحيل معه‏..‏ ووسطنا لديه كل أفراد أهله وخاصته بلا فائدة‏,‏ فماذا نفعل‏..‏ وكيف أقنعه بأنني غير طامع في ماله‏..‏ وأنني إنسان شريف أكافح بأمانة لإعالة أسرتي الصغيرة‏,‏ وقد تركت العمل بالمقهي والتحقت بعمل مسائي بإحدي الشركات ودخلي منه يوازي نصف دخلي من المقهي‏,‏ لكني رضيت بذلك لكي أسد عليه الثغرات‏..‏
إنه من قرائك فهل توجه له كلمة لكي يفتح أبواب قلبه المغلقة لابنته التي تحبه وتحترمه وتطلب رضاه ولم تفعل ما فعلت إلا بعد أن يئست من نيل موافقته علي زواجها بمن أرادت


ولكاتب هذه الرسالة أقول‏:


لو كانت كل جناية زوجتك في نظر أبيها أنها قد تزوجتك علي غير إرادته بعد أن أعيتها الحيل معه لنيل موافقته‏,‏ أفلا يشفع لها عنده أنها لم تفعل ذلك إلا مضطرة‏,‏ وبعد أن تأكدت بما لا يدع لها مجالا للشك أنها لن تسعد بحياتها إلا مع من اختاره قلبها




وألا يشفع لها أنها قد لقيت حظا عاثرا في زواجها الأول الذي امتثلت فيه لإرادة أبيها وقبلت الزواج بشروطه فكان الانفصال وانهيار حياتها الزوجية‏,‏ وحمل لقب المطلقة هو مصيرها‏.‏



وألا تشفع لها عنده سعادتها الآن مع من اختارته لرفقة الحياة وتعمق روابطها به بعد الإنجاب منه‏..‏ وسعادة الابنة في حياتها الزوجية هي هدف كل الآباء ودوافعهم لما يتخذونه من مواقف بشأن زواجهن‏.‏


بل وألا يشفع لها عنده أن أنجبت أول حفيد له لكي تتحرك مشاعره تجاهه ويسعد به ويختبر معه تلك الأحاسيس البهيجة الجديدة التي يحركها الحفيد في قلب جده‏..‏



إن أهل الرزانة من البشر قد يطيش صوابهم فرحا وابتهاجا بأحفادهم‏,‏ وتفيض قلوبهم حبا ورحمة بهم‏.‏


ولقد روي عن الرسول الكريم صلوات الله وسلامه عليه إنه كان شديد الحب لحفيديه من ابنته فاطمة الزهراء وغامر العطف عليهما والرحمة بهما‏,‏ حتي لقد كان يطيل السجود إذا ارتحله أحدهما وهو ساجد لكيلا يتعجله النزول عن ظهره‏,‏ كما كان لايشير إلي حفيديه هذين إلا بقوله‏:‏ ابناي الحسن والحسين‏.‏


فكيف يحرم صهرك نفسه من هذه النعمة الجليلة‏..‏ نعمة أن يمتد به العمر حتي يري حفيدا له يلاعبه ويداعبه ويغمره بحبه وعطفه ورحمته ويري فيه امتدادا له وتواصلا متجددا مع الحياة؟


بل وكيف يحرم هذا الحفيد نفسه من حقه عليه في أن يسعد به ويلقي رعايته وعطفه؟



انني أربأ بوالد زوجتك أن يجحد نعم ربه عليه فلا يشكرها له سبحانه وتعالي ولا يشكره عليها‏,‏ والشكر هو الحافظ للنعم ومنها أن يكون له هذا الحفيد وأن تكون ابنته التي اضطرت لمخالفته شديدة الحرص بالرغم من ذلك علي استرضائه ونيل عفوه وصفحه‏,‏ ولو لم تكن كذلك لنفضت يدها منه وواصلت حياتها لا تأبه لمن يرفض يدها الممدودة إليه‏..‏ ويقطع رحمها‏,‏ ولا يظنن صهرك أن ابنته إنما تسعي إليه طلبا لمنفعة أو حرصا علي إرث منتظر‏,‏ إذ لو كانت الثروة غايتها لما فضلت الطلاق من زوجها الثري‏..‏ وارتبطت بشاب مكافح مثلك‏,‏ كما أنه يستطيع أن يتخذ من الإجراءات ما يكفل له التأكد من صدق نية ابنته وحرصها علي أن تستعيد صلة الرحم معه وزهدك كذلك في أي نفع يجئ من ناحيته‏,‏ بل يستطيع أن يحرمها من ماله وميراثه إذا أراد مخالفة شرع ربه في المواريث‏..‏ لكي يصدق أنه لا دافع لسعي ابنته إليه سوي رغبتها في أن تعفي نفسها من شبهة العقوق مع أنها لم تفعل ما فعلت إلا مضطرة وكارهة‏..‏


والفضلاء من الآباء والأمهات لايضعون ابناءهم أبدا أمام الاختيار الصعب بينهم وبين من يختارهم الأبناء لرفقة الحياة‏,‏ لكيلا يتأذوا أبلغ الأذي إذا اضطر الأبناء لاختيار شركاء الحياة دونهم‏,‏ ولقد يعترضون علي اختيارات الأبناء ويبذلون كل جهد لإقناعهم بوجهة نظرهم‏,‏ لكنهم إذا لمسوا إصرار الأبناء وأنه لم يبق أمامهم لنيل ما يرون فيه سعادتهم سوي الخروج علي الطاعة‏..‏ تنازل الآباء في اللحظة الأخيرة عن مواقفهم ومنحوا موافقتهم حتي ولو لم يكونوا مقتنعين بذلك‏,‏ برا بهؤلاء الأبناء وإشفاقا عليهم من دفعهم دفعا إلي شق عصا الطاعة عليهم‏..‏



فإذا كانت زوجتك تشعر ببعض الوزر لخروجها علي طاعة أبيها‏..‏ فالحق أن النصيب الأكبر منه إنما يتحمله هذا الأب نفسه بتحجره وعدم مرونته مع ابنته‏..‏ واني لأرجو له أن يعفي نفسه وابنته من هذا الوزر لكي تصفو له ولابنته الحياة‏..‏ ولكي يستمتع بما لم يجربه من قبل من أحاسيس ومشاعر وهو يداعب حفيده ويرقبه وهو يحبو ويخطو خطواته الأولي في الحياة‏,‏ ويتعلم نطق الحروف والأشياء وينثر البهجة والسعادة حوله‏..‏ إن شاء الله‏..‏


وفي اليوم التالي غابت فتاتي عن العمل ‏..‏ واحترقت بنار القلق والرغبة في معرفة قرار والدها بشأني‏..,‏ وانتظرت بفارغ الصبر ظهورها فلم ترجع إلا بعد ثلاثة أيام‏..‏ وبدت لي حين رأيتها مريضة وشاحبة الوجه‏..‏ وعرفت النتيجة بغير كلام‏..,‏ وواسيتها وطلبت منها الامتثال لرغبة أبيها الحريص علي مصلحتها‏,‏ فانفجرت في البكاء وأكدت لي أنها لن تتخلي عني مهما يحدث وستواصل الكفاح مع أبيها لإقناعه بمن اختارته‏..‏ واتفقنا في النهاية علي ألا نتخذ أي قرار بشأن مصيرنا فلا نقرر الانفصال أو الارتباط إلا بعد أن تيأس هي تماما من نيل موافقة أبيها